هل يأتي دور المسيحيين وبقية الاقليات في لبنان؟

churshs-christians

صحيفة الديار اللبنانية ـ
هشام يحيى:

 

بعد الاقباط والأشوريين هل يأتي دور المسيحيين وبقية الاقليات في لبنان وكل المنطقة؟

 

لبنان العيش المشترك والتعدد والتنوع في خطر كبير داهم ومن يتابع الاضطهاد الذي يتعرض له النساء والأطفال والرجال المسيحيون الأشوريون في قرى محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا على يد تنظيم الدولة الإسلامية ليس سوى نموذجا صارخا على ما يمكن للمكونات الاجتماعية في لبنان بمختلف عقائدها الطائفية والمذهبية أن تتعرض له فيما لو نجحت غزوة التكفيريين الإرهابيين على قرى وبلدات البقاع في لبنان بعد ذوبان الثلج، وبحسب أوساط متابعة فإن أسوأ ما في مشهد اضطهاد المسيحيين الأشوريين في سوريا الذي خطف منهم تنظيم «داعش» الإرهابي أكثر من 200 شخص فقط بسبب هويتهم الطائفية، يكمن في تخاذل المجتمع الدولي الذي يقف متفرجا عاجزاً وربما متواطئا في المؤامرة الجهنمية التي تستهدف تهجير المسيحيين من كل هذا الشرق.

 

الأوساط أكدت بأنه إذا كان البعض في لبنان لا يزال يظن بأن الأميركيين أو الفرنسيين سيسارعون إلى نجدتهم فور تنامي الخطر التكفيري على وطن الأرز فهو واهم ومشتبه وما عليه سوى ان يقرأ المتغيرات والمتحولات الجارية والمنطقة وكل العالم والتي أثبتت بأن الإتكال على الخارج فقط للدفاع عن النفس في مواجهة الخطر التكفيري هو رهان خاسر جدا، خصوصا أن هناك الكثير من البراهين الدامغة التي تثبت بأن المجتمع الدولي لطالما وقف متفرجا وعاجزا أمام مأساة الشعوب التي تذبح وينكل بها على أيدي التكفيريين ومن هذه الأدلة على سبيل المثال ما جرى مع الطائفة الإيزيدية في العراق ومع الأقباط الذين ذبحوا في ليبيا وبالأمس ما يجري مع المسيحيين الأشوريين في سوريا وغيرهم من الأقليات الذين يعانون من وطأة بطش وأجرام التكفيريين.

 

ولفتت الى ان هذه الصورة القاتمة لمستقبل وجود المسيحيين وبقية الأقليات في كل ارجاء منطقة الشرق الأوسط، يجب أن تدفع بالمسؤولين في لبنان إلى استقاء العبرة من كل ما يحصل في محيط لبنان وجواره وهذه العبرة خلاصتها واضحة، وهي أن لبنان ما لم يعتمد على نفسه ويحزم أمره بسرعة في اقرار استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب التكفيري فلا شيء يمنع بأنه بعد الأقباط وبعد دور الأشوريين الذين يُنكل بهم على أيدي التكفيريين أن ياتي دور لبنان واللبنانيين ليكونوا الضحايا الجدد لإجرام هذا الفكر التكفيري الهمجي الذي لا يزال مدعوما بقوة من قوى إقليمية أساسية في المنطقة، والذي لا تزال سبل محاربته من قبل المجتمع الدولي دون المستوى المطلوب والدليل على ذلك أن الضربات الجوية التي يوجهها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ أشهر ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق لم يقضِ على خطر هذا التنظيم بل على العكس من ذلك فإن هذا التنظيم قد تأقلم إلى حد كبير مع تلك الضربات الجوية والدليل على ذلك أن تنظيم «داعش» لم يفقد لحد الآن في سوريا والعراق قدرته على المبادرة في شن الهجمات وارتكاب أبشع الجرائم بحق المدنيين الآمنين. وبحسب الأوساط عينها، أن هذا الأمر لا بد أن يشكل رسالة واضحة إلى كل من يعنيهم الأمر بأن السياسة البطيئة التي تنتهجها القوى الدولية بمحاربة الإرهاب التكفيري لا تنفي بأي شكل من الأشكال الخطر الداهم على وجود المسيحيين وجميع الأقليات في المنطقة عموما وفي لبنان خصوصا، سيما ان التقارير الإستخباراتية الغربية المعنية بمحاربة داعش تؤكد بأن الحرب على الإرهاب التكفيري سوف تمتد إلى سنوات طويلة لا يعرف أحد في خلالها أين وكيف وما هي حجم الأهوال والمأساة التي يمكن أن تصيب شعوب ودول منطقة الشرق الأوسط التي يدفع أبناؤها من دمائهم وأشلائهم أثمان التخاذل الدولي والإقليمي في محاربة واجتثاث الإرهاب التكفيري.

 

الأوساط أشارت الى أن الخطر الإرهابي التكفيري المتربص بلبنان وأهله والذي تحذر منه التقارير الدبلوماسية والإستخباراتية على اطلاقها ليس من ضمن أولويات الطبقة السياسية في لبنان، والتي تتعاطى مع القضايا الراهنة وكأن البلد يعيش في عالم آخر، في حين أن الخلايا الإرهابية التكفيرية التي قضى الجيش اللبناني على بعضها بفعل الضربات الاستباقية التي وجهها إليها في العديد من المناطق اللبنانية لا سيما في طرابلس والمنيه وعكار لا يزال بعضها الآخر موجودا وينتظر اللحظة المؤاتية للانقضاض على أمن واستقرار لبنان وحريته وسيادته وذلك ضمن سياق ملاقاة غزوة التكفيريين المنتظرة في مطلع الربيع القادم، خصوصا أن القوى السلفية المتشددة والمتطرفة التي سبق لها في لبنان أن بايعت كل من تنظيم «داعش» أو «جبهة النصرة» وأن كانت قد انكفأت قليلا عن الواجهة بسبب الضغط الأمني عليها من قبل الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية اللبنانية إلا أن جميع المعنيين بالوضع الأمني في لبنان يدركون جيدا بان هؤلاء المتشددين المتطرفين في لبنان لم يتخلوا عن أحلامهم وتطلاعاتهم في استجرار التمدد التكفيري الإرهابي نحو المناطق اللبنانية لإعلان «الإمارة الإسلامية التكفيرية» في لبنان التي تمكن «الدولة الإسلامية» الموجودة في سوريا والعراق في الحصول على منفذ بحري على مياه البحر الأبيض المتوسط انطلاقا من الساحل اللبناني.

 

وتتابع الأوساط عينها بأن بعض القوى السياسة التي تدخل اليوم بحوار داخلي مع حزب الله تحت عنوان امتصاص التوتر والاحتقان السني – الشيعي الخطير في الشارع لا يزال دورها الفاعل في اجتثاث التطرف والتشدد من الشارع السني دون ما هو مطلوب، والدليل على مأزق وحرج تلك القوى المعتدلة إزاء شارعها يمكن الاستدلال عليه من خلال الحملات التي تشن على المنابر في وجه حزب الله كوسيلة وحيدة متاحة أمام تلك القوى لاستقطاب الشارع وجذبه نحو خيار الاعتدال بعد انجراف ذلك الشارع بعيدا نحو التطرف بفعل الخطاب التحريضي المذهبي الذي اعتمدته تلك القوى السنية المعتدلة لغايات سياسية شعبوية عابرة خلال السنوات الماضية. إلا أنه وبحسب الكثيرين من المتابعين للوضع الداخلي اللبناني يجمعون على أن الخطير في كل ما يجري هو أن بعض القوى والمرجعيات السياسية المعتدلة التي احتضنت ودعمت ومولت وغذت نزعة التطرف في الشارع تكاد الأمور تخرج عن سيطرتها كما خرجت المنظمات التكفيرية في سوريا كداعش والنصرة وغيرها من المنظمات التي تدور في فلك تنظيم القاعدة الإرهابي عن سيطرة ما يسمى بالجيش الحر والقيادات السياسية للمعارضة السورية بحيث أن هذه التنظيمات التكفيرية ما إن أصبحت قوية وقادرة ومتمكنة على الأرض في سوريا حتى اندفعت بقوة لسحق وتصفية ليس فقط منظومة المعارضة السورية وما يعرف بالجيش الحر بل أيضا كل ما يخالف نهجها وخطها التكفيري الظلامي.

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.