يوم وطني على ضفاف الليطاني.. بين تعميم المبادرة الشعبية وانتظار المأسسة ضمانًا للاستمرار

موقع العهد الإخباري:

لم يكن يوم الأحد 23-10-2016 كغيره من الأيام بالنسبة لنهر الليطاني، فيوم أمس شهد انطلاق فعاليات يوم وطني لتنظيف مجرى النهر كان المواطنون عمودها الفقري في محيط مجرى النهر من المنبع في البقاع الشمالي إلى نقطة التقائه بالبحر جنوبًا. خطوة الشبان والأطفال واندفاع الجمعيات وحضور البلديات، تثبت مجددًا ضرورة عدم هدر الطاقات التطوعية الشعبية، ووجوب تعميم تجربتها الرائدة أمس، ومأسستها بما يضمن متابعتها بشكل متواصل وإنعاشها على المدى البعيد، للحفاظ على النهر وحمايته، بما يحفظ حياتهم.

يجمع المتابعون لسير الحملة على الاندفاع الكبير الذي أبدته الهيئات الشعبية والبلديات والمواطنون على اختلاف مشاربهم في تدارك الأخطار والأضرار الناتجة عن جناية بعض هؤلاء على أنفسهم وعلى الآخرين وعلى البيئة والوطن ومستقبل الأجيال القادمة.

نهر الليطاني على الخريطة من المنبع إلى المصب

نهر الليطاني على الخريطة من المنبع إلى المصب

المشنوق يؤكد على أهمية تطبيق القوانين وتنفيذها كي يشعر الناس بجدية هذا العمل

وزير البيئة اللبناني، محمد المشنوق، يؤكد في حديث لموقع “العهد” الاخباري على رمزية اليوم الوطني الذي جرى بالأمس، مشيدًا بوعي المشاركين بالنشاط”، ومبديًا اعجابه بالاقبال الكبير والتجاوب من قبل المواطنين، والاجتماعات التي قامت بها البلديات في مختلف المناطق، وآملًا بأن يكون هناك سنة وطنية وليس يومًا وطنياً يعيد النهر، الذي أمّن الحياة للبقاع ومنتجاته، إلى ما كان عليه في سابق عهده.

ويضيف المشنوق:”لا شك أن للمجتمع المدني ضغطًا جيدًا للتعجيل بتنفيذ المشاريع التي تؤدي الى منع التلوث في الليطاني، من قبيل تأمين شبكات الصرف الصحي ومعالجة المياه المبتذلة في المناطق كي لا ترمى في النهر”، لافتًا إلى أن “180 قرية وبلدة ستلحق بها هذه المنظومة، وهم على عجلة من أمرهم لاختصار قانون البرنامج الذي أقرّه مجلس النواب بمبلغ 1100 مليار ليرة لبنانية، إضافة لمبلغ الـ55 مليون دولار التي تم اقتراضها من البنك الدولي”، على أن يبدأ التنفيذ منذ الآن ولا ننتظر مرور سنوات إضافية”.

وزير البيئة اللبناني محمد المشنوق

وزير البيئة اللبناني محمد المشنوق

ويلفت وزير البيئة الى “ضرورة مواكبة هذا العمل من جميع الراغبين برؤية التغيير، وهذا يتطلب التزامًا بيئيًا وحقيقيًا ضروريًا، بما معناه أنه لا ينبغي أن ترمي المصانع والمداجن مبتذلاتها في النهر “إذ إن أكبر كمية تلوث تنتج عن المصانع بسبب نوعية المواد المستخدمة فيها”.

أما بخصوص الثقافة البيئية، فلا يرى المشنوق أنها تأتي في يوم أو يومين، بل هي بحاجة الى أجيال تتربى عليها، فـ”الفرز من المصدر وعدم رمي النفايات على جانب الطرقات وعدم استخدام أكياس النايلون”، كلها تربي على الثقافة البيئية، حسب المشنوق .. إلا أنه يؤكد في الوقت نفسه على ضرورة وجود رادع بيئي واضح إلى جانب التوعية، خاصة أنه يوجد لدى الدولة “ضابطة بيئية” و”محامين عامّين بيئيين”.

ويؤكد المشنوق على أهمية تطبيق القوانين وتنفيذها كي يشعر الناس بجدية هذا العمل، مشيرًا الى أن هذا ينبغي أن يترافق مع تأمين البديل للمواطنين بالنسبة للصرف الصحي والشبكات وغيرها، لكي لا يجد المواطن العذر للقيام بالمخالفات.

ويختم وزير البيئة بالتأكيد على ضرورة العمل الجدّي بالتنفيذ، متعهدًا بالضغط على مجلس الانماء والاعمار لمتابعة الملف، ولافتًا إلى أن “بعض الوزارات، إضافة إلى وزارة البيئة، مثل الطاقة والصناعة والزراعة والتنمية الادارية، والمهتمة بقضايا البيئة عليها المساهمة في هذا الأمر، عدا عن الدور المطلوب من مصلحة الليطاني والبلديات والمحامين العامين البيئيين والضابطة البيئية، لناحية الاستنفار والمباشرة بالعمل”.

رئيس اتحاد بلديات جبل عامل: عرض فيلم قصير في المدارس خلال حصة التربية لتوعية وتثقيف الجيل الجديد

من جتهه، يصف رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، يوم أمس بـ”العرس الوطني البيئي أهليًا ورسميًا”، مشيرًا الى أنه ” الاول في لبنان منذ سنوات”، ولافتًا الى أنه “فاق التوقعات بشكل كبير، خاصة أن الناس كانت بحاجة إلى حركة نهضوية في المجال البيئي لاسيما المياه، وقد استطعنا محاكاة هذه الحاجة وبالتالي كان الوقع أكثر بكثير من المتوقع”.

ويلفت الزين في حديث لموقع “العهد” إلى الحضور الرسمي الكبير الذي تمثّل بحضور وزيري البيئة والصناعة وعدد من النواب والفعاليات لانطلاقة اليوم الوطني لليطاني، إضافة لرعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري متمثلًا بعقيلته السيدة رندة بري.

وإذ يشيد الزين بهذه الخطوة، يعتبر أنها ترتّب أعباءً مستقبلية، “فما كنا نطمح له أصبح أمامنا وبتنا أمام مسؤولية أكبر”.. أما بخصوص الخطوات العملية، فيتحدث الزين عن خطوتين، الأولى رسمية تقع على عاتق الدولة، والثانية متعلقة بالبلديات لناحية إمهال أصحاب المنتزهات المنتشرة على ضفاف النهر من 4 إلى 6 أشهر لترتيب أمورها على مستوى الصرف الصحي ومستوعبات النفايات، كما يلي هذا الجزء وضع القوى الأمنية تحت الأمر الواقع لكي تعالج المخالفات عبر الاجراءات القانونية المرعية الإجراء.

رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين

رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين

ويشير رئيس إتحاد بلديات جبل عامل إلى وجود 3 أهداف لحملة النظافة لليطاني، أولها عملية تنظيف المجرى، وثانيها الحفاظ على الثروة المائية في النهر، وآخرها دور توعوي تثقيفي.. وفي هذا المجال، يؤكد أنه “تم إعداد فيلم قصير سيتم توزيعه على المدارس الواقعة في المناطق المحاذية لنهر الليطاني مدته 10 دقائق، على أن يتم عرضه خلال حصة التربية بهدف توعية وتثقيف الجيل الجديد”.

ويختم الزين، بالتأكيد على ضرورة العمل على سن قوانين تحمي النهر، لافتًا إلى “متابعة من قبل النائب علي فياض للمشاريع التي أقرتها الدولة بهذا الخصوص”، ومركزًا على “أهمية الموضوع الإداري عبر إيجاد مرجعية موحدة لكل من يريد القيام بأي نوع من المشاريع في نطاق حوض الليطاني، وبهذا يمكن منع التلوث المستقبلي للنهر”.

طليس: البدء بالعمل على مأسسة هذا التحرّك لتكوين جمعية تضم كل المهتمين

بدوره، يصف مسؤول البلديات المركزي في حركة “أمل” بسام طليس، التجربة الأولى التي جرت بالأمس بيوم وطني بامتياز، لا سيما أن “عمر الحملة لا يتجاوز شهرًا ونصف الشهر، حيث استطاعت، وبسرعة قياسية، تأمين شبكة اتصالات وعلاقات شارك فيها كل لبنان، مستحضرًا العناصر الكشفية من مختلف المناطق التي لم تكن محصورة بالقرى والبلدات المجاورة لمجرى النهر، وهذا “يدل على روح المسؤولية الوطنية تجاه أي أمر يعني كل اللبنانيين، بصحتهم ونظافة مياههم ومستقبل أولادهم”.

ويلفت طليس عبر موقع “العهد” إلى الجانب السيادي الذي يمثله الليطاني، فهو يعبر لبنان من أقصاه إلى أقصاه بمسافة 170 كلم، اضافة إلى علاقته بالصراع مع العدو الصهيوني، حيث أطلق إحدى عملياته العدوانية على لبنان باسم النهر.

ويستبشر طليس خيرًا بالسلسلة البشرية التي شاركت بالأمس “من مختلف الأطياف ضمن 15 محطة، عملوا بأيديهم وبالآليات، وتوزعوا بين مواطنين وطلاب وعلماء دين وشخصيات وفعاليات، لاسيما مع ترافق هذا النشاط مع اقرار قانون لمعالجة التلوث الحاصل بمجرى نهر الليطاني”.

مسؤول البلديات المركزي في حركة "أمل" بسام طليس

مسؤول البلديات المركزي في حركة “أمل” بسام طليس

ويؤكد طليس على الاتفاق مع النائب علي فياض والمعنيين بالملف على البدء بالعمل على مأسسة هذا التحرّك لتكوين جمعية تضم كل المهتمين، تحت مسمى “الجمعية الوطنية لحماية نهر الليطاني”، وأن يكون دورها المتابعة على الأرض ومراقبة الاعمال التنفيذية والتطبيقية للقوانين التي تم إقرارها (الاجراءات التي ستبدأ بمسألة محطات التكرير والبنى التحتية والتلزيمات).

لا شك أن المبادرة التطوعية الشعبية التي نجحت في فتح ثغرة بجدار التلوث المزمن الذي يعصف بأهم شريان مائي في لبنان، تركت بصمة إيجابية وحجر أساس قوي يمهّد لتعميم هذه المبادرة والتجربة وشمولها مرافق حيوية أساسية أخرى تهدد حياة اللبنانيين، ولكي تكمل في سبورها نفق الظلام المخيم منذ سنوات لا بد لها أن تنتظم في إطار مؤسساتي واضح المعالم والأهداف، لتحقيق دور رقابي ومواكبة مستمرة وبناءة حتى تبلغ خواتيمها المبتغاة.

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.