أمريكا تريد من طالبان أن تكون أداة والبقرة الحلوب

صحيفة الوفاق الإيرانية-

هادي محمدي:

ان اهم ميزة لحركة طالبان بعد سيطرتها على كابل، هي تأكيدها على تمكنها بعد 20 عاما من النضال المتواصل من الحاق الهزيمة في افغانستان بأكبر قوة عظمى وحلفائها الغربيين، واخراجهم من البلاد. لكن هناك امورا كثيرة يمكن ان تقضم من حجم هذا الادعاء الطالباني.
أحد هذه الامور هو اذا تجاهلنا ارضية تكوّن وبناء المخطط الغربي لمحاربة جيش الاتحاد السوفيتي في افغانستان، وتناسينا كيف كان دور الاجهزة الاستخباراتية البريطانية والاماراتية والامريكية والسعودية في المدارس الدينية في شمال باكستان مع رجال الدين الوهابيين والدولارات النفطية والعرب الافغان، هذا الدور في هذه الولادة (للطالبان) وطبيعتها، واذا قبلنا ان للطالبان جذور قومية وواقع لا يُنكر بانه على الرغم من صنعها على يد الترتيبات الغربية والدولارات النفطية، فان لها (الطالبان) هوية بشتونية وانها استفادت من الامكانيات الغربية لبسط سيطرتها على افغانستان.

هذه هي الحقيقة، ولهذا السبب شنت أمريكا عليها الهجوم لاسقاطها وبذرائع معروفة وطبعا لاهداف اكبر من الجغرافيا السياسية الافغانستانية، وأبعدتها جانبا لكي تحقق وبدون وسيط اهدافها الكبرى في هذا الموقع والطريق الاستراتيجي. وإلا فانه نظراً لخصوصيات تلك المرحلة والتوجهات التي اعتمدتها أمريكا، لم يكن عندئذ لباكستان أي مصلحة في صعود موجة امكانيات طالبان والبشتون بل انها حتى أودعت اعداد منهم السجون لتنال امتيازات من أمريكا مباشرة. لذا فان طالبان خلال فترة الـ20 عاما هذه، تمكنت بمساعدات حاسمة من الآخرين ان تقف على قدميها ، و لولا هذه المساعدات لكان مشكوكا مواصلتها حياتها في هذه الفترة بمجابهتها أمريكا، حتى ببواعث قومية بل وحتى دينية.

الامر الاكثر أهمية هو: اذا كانت طالبان في ادبياتها تعتبر أمريكا عدوا وكافرا وأنها تشعر بالقلق من فتن ومؤامرات الولايات المتحدة، فلماذا تتابع جولة مباحثاتها الجديدة السرية عبر مسؤول مخابراتها مع مساعد السي آي إي، بوساطات معينة، متوسلة بامريكا والغرب لاضفاء الشرعية على سلطة قوميتها الواحدة، وشرعت بالتعامل والتعاطي معهما. ان الخطأ الاستراتيجي للطالبان هو عدم علمها انها بالاستعانة بالشيطان ستضع نفسها موضع الضحية، لأن امريكا لا تريد من طالبان سوى ان تكون (أداة) وفي النهاية تصفها بـ (البقرة الحلوب) كما وصفت حلفائها الآخرين العرب، وانها لن تغفر لمقتل الامريكان على يدها (الطالبان)، وان المحطة الاخيرة للتعاطي مع أمريكا، هي هلاك طالبان وزعمائها.

وهذه التجربة المرة لن تقتصر على طالبان فقط، فان الحقد الامريكي لا يوفر لقاتليه الشرعية الا اذا اصبح هؤلاء أداة خاضعة، وعندما تنتهي مدة مفعول هذه الأداة سيتم التضحية بها، وهذا ما شاهدناه في بلدان أخرى.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.