اليمنُ والنيجر.. أنموذجٌ للتحرّر من الوصاية
صحيفة المسيرة اليمنية-
د. شعفل علي عمير:
عندما نقفُ مؤيدين لشعب النيجر في وقوفهم ضد من سلبهم ثرواتهم فنحن نعبر عن موقفنا المبدئي من رفض الهيمنة على مقدرات الشعوب، وهذا ما يجب أن يعبر عنه كُـلّ أحرار العالم؛ فقد عانت كثيرٌ من الدول من هيمنة قوى الاستكبار العالمي عليها وحرمانها من استغلال ثرواتها لتنمية اقتصاداتها ورفع مستوى المعيشة لشعوبها.
فعندما نقف مع الشعب النَّيجري إنما نقف في صف المظلوم ضد الظالم نقف مع الحق ضد الباطل ذلك؛ لأَنَّ الشعب اليمني عاش تجربة الشعب النَّيجري في فرض الوصاية عليه واستغلال موارده لصالح الدول التي تفرض وصايتها وتملي عليه إرادتها وفقاً لأطماعها، وما زال الشعب اليمني يناضل لتحرير أرضه وثرواته من عبث وأطماع المحتلّ الأجنبي وأدواته التي أتت إلى اليمن بجلباب عربي، فلم تشن الحرب على اليمن بهذا الحجم إلَّا لأَنَّ هناك ما يستحق أن يتحمل الغازي لأجله كُـلَّ تكاليف الحرب.
عاش الشعب اليمني فقيراً بينما أرضه غنية بمختلف الثروات، فركّز العدوان على احتلال بؤر الثروات في اليمن، وكذلك فعلت فرنسا في النيجر جعلت من شعب قوامه أكثر من 24.4 مليون نسمة، يعيش في فقر مدقع، بالرغم أن النيجر دولة غنية بموارد الطاقة؛ إذ تمتلك واحدًا من أكبر احتياطيات العالم من اليورانيوم وتعد سابع أكبر منتج له، فضلًا عن كميات كبيرة من احتياطيات الذهب والنفط، كُـلّ هذه الثروات لم يستفد منها أصحاب الأرض الحقيقيون، بل كانت تُوجَّهُ إلى دعم الاقتصاد الفرنسي وتوفير المواد الخام لمصانع فرنسا التي تعتمد على ما تنهبه من ثروات الشعب النَّيجري بما نسبته 35 % من احتياجاتها من اليورانيوم؛ لتمويل محطاتها النووية في توليد 70 % من الكهرباء، في حين يعيش شعب النيجر حالة من البؤس والفقر وينعم المحتلّ بالرخاء والترف، ولكن الشعوب الحرة ومهما طال صبرها فسوف يأتي اليوم الذي ستقول فيه للمحتلّ: كفى عبثًا وكفى وصاية، كفى نهبًا لثرواتها.
الثروات عندما يحتلها الأجنبي لا تعودُ لشعوبها إلَّا بثورة تجتثُّ المحتلّ الذي بنى اقتصادَه على معاناة الدول، وأصبحت وصايته أَو احتلاله للأرض والثروة سبباً في ثراء شعبه ونمو اقتصاده، بل أصبح يعتمدُ وبدرجة كبيرة في اقتصاده على نهب ثروات الدول التي تقعُ تحت وصايته، كما هو حاصل في نهب فرنسا لثروات الشعب النَّيجري؛ وحتى تتحرّر الشعوب وتحرّر ثرواتها فَــإنَّ عليها أن تدفع ضريبة هذا التحرّر من دمائها؛ حتى يخرج المحتلّ وتتحرّر الأرض والثروة.
وهنا نصيحةٌ لكل من يخضعُ لوصاية دول الاستكبار العالمي بأن يتحرّرَ قبل أن تُستنَزفَ ثرواتُه ويصبحَ عاجزاً عن الانعتاق والتحرّر من الوصاية.