حزب الله، حماس، حزب العمّال الكردستاني، هل قلت إرهاب؟
صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
آلان غريش – رئيس التحرير المساعد في «لو موند ديبلوماتيك» (فرنسا)
هكذا قرر الاتحاد الأوروبي إدراج «الجناح العسكري لحزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية».
«أثار القرار، وهو عبارة عن اتفاق سياسي ينبغي أن يصاغ قانوناً ليدخل حيز التنفيذ، نقاشات حامية؛ فقد ضاعفت إيرلندا ومالطا التحفظات إلى أقصى حد، فيما خشيت دول أخرى كالنمسا تبعات عقوبة مماثلة على سلامة قوات الأمم المتحدة المتمركزة في لبنان، في منطقة يسيطر عليها حزب الله. وفي الأيام الأخيرة، دعت الحكومة اللبنانية رسمياً إلى صرف النظر عن قرار مماثل، موضحة أنّ هذا التنظيم يمثل «مكوّناً أساسياً في المجتمع» اللبناني.
لإقناع زملائهم الأكثر تردداً، اتفق وزراء الخارجية على «مواصلة الحوار» مع كافة الأحزاب السياسية اللبنانية، بما في ذلك حزب الله. وهم يعتزمون أيضاً الاستمرار في مساعدتهم الإنسانية الممتدة على كامل الأراضي اللبنانية. لا يأتي الاتحاد الأوروبي على ذكر مشاركة حزب الله المتزايدة في النزاع الدائر في سوريا، إلى جانب قوات النظام».
بيد أنّ مشاركة حزب الله في النزاع السوري هي التي دفعت، بعد هجوم بورغاس في بلغاريا، الأميركيين والإسرائيليين إلى تكثيف الضغوط على الاتحاد الأوروبي.
على أي حال، يتميّز القرار بنوع من النفاق؛ لأنّه لا يحدد ما هو الجناح العسكري لحزب الله، الذي يصعب كثيراً تفريقه عن الجناح السياسي.
والجدير بالذكر أيضاً، في ما يتعلق بهجوم بورغاس، أنّه على الرغم من الادعاءات، ما من دليل جدي على مشاركة حزب الله في هذه العملية.
لكن، وراء الصعوبات المرتبطة بتحديد المسؤول عن إجراء معيّن، يمكننا أن نتساءل عن استعمال مصطلح الإرهاب الذي يسمح بمقاطعة حركة حماس مع الحفاظ في الوقت عينه على علاقات ممتازة مع إسرائيل التي تمارس إرهاب الدولة على نحو واضح.
نحن نعرف أنّ الإرهاب تهمة سهلة تسمح للدول بتجريم مجموعات تناضل ضد الاحتلال الأجنبي أو ضد معتدٍ. هذه التهمة موجهة أساساً ضد منظمات في الشرق الأوسط، ولا سيما، على سبيل المثال لا الحصر، حزب الله وحركة حماس.
منذ زمن ليس ببعيد، كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والحكومة البيضاء في جنوب أفريقيا تصف المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يترأسه نيلسون مانديلا بأنّه منظمة إرهابية. رغم ذلك، أصبح مانديلا اليوم أحد أكثر الرجال المبجلين في العالم (مع المجازفة في معظم الأحيان بتشويه قصة حياته).
يستطيع فرانسوا هولاند الادعاء أنّه يود تدمير الإرهاب في مالي، لكن في معظم الحالات، التفاوض هو الذي يسمح بتراجع موجة العنف. تجسّد تركيا مثالاً بارزاً على طريقة معالجة مشكلة الإرهاب.
«دعا زعيم المتمردين الأكراد عبد الله أوجلان، يوم الخميس 21 آذار (مارس)، متمردي حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح ومغادرة تركيا، معلناً أنّ الوقت قد حان «لتسود السياسة»، بحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة «لوموند» بعددها الصادر في 21 آذار (مارس).
ويتابع رئيس حزب العمال الكردستاني: «وصلنا إلى مرحلة حيث ينبغي أن يسكت السلاح (…) وتنسحب العناصر المسلحة إلى خارج الحدود التركية»، وأشار أوجلان في رسالة تلاها في ديار بكر (الجنوب الشرقي) أمام مئات آلاف الأشخاص أحد نواب حزب السلام والديموقراطية، وأعلن: «أقول ذلك أمام ملايين الناس الذين يسمعون ندائي إنّ عهداً جديداً يبزغ يجب أن تعلو فيه السياسة على السلاح».
وأضاف الزعيم الكردي المسجون حالياً، مشيراً إلى الـ45 ألف قتيل الذين سقطوا بسبب النزاع الكردي منذ عام 1984: «فتحت فترة المقاومة المسلحة الباب على عملية سياسية ديموقراطية. لم تذهب التضحيات سدى، فقد استعاد الأكراد هويتهم الحقيقية». وتابع: «هذه ليست النهاية، بل بداية جديدة، وليست نهاية النضال، بل بداية نضال جديد».
من الصعب معرفة ما إذا كانت هذه الرسالة التي تليت أمام مئات آلاف الأكراد في ديار بكر ستمهد الطريق أمام السلام. ورداً على سؤال هيلين سالون الموجه إلى جان ماركو، أستاذ في معهد الدراسات السياسية في غرونوبل ومتخصص في الشؤون التركية، عمّا إذا كان هذا النداء سيفضي إلى عملية سلام أجاب:
«أجل، لأنه لا يتضمن إلا وقفاً لإطلاق النار، وهناك أيضاً دعوة إلى مقاتلي حزب العمال الكردستاني لمغادرة البلاد. إنه التزام يهدف إلى إطلاق عملية تخلٍّ عن النزاع المسلح. أُعلِنَت حالات وقف إطلاق النار الأخرى بعيداً عن أي مفاوضات واتصالات مع الحكومة التركية. بيد أنّ وقف إطلاق النار هذا يدخل في إطار العملية التي أُطلِقَت نهاية عام 2012 المسماة «إمرلي»، اسم الجزيرة حيث يحتجَز عبد الله أوجلان. بدأت هذه العملية باتصالات مع أوجلان وأعضاء في أجهزة الاستخبارات، لكنها تُرجِمَت بنحو خاص، بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس) بزيارة نواب حزب السلام والديموقراطية (الكردي). نقل هؤلاء رسائل من رئيس حزب العمال الكردستاني إلى القيادات الكردية، في العراق وفي أوروبا، التي ترسم خريطة طريق تشكّل إطاراً لاتفاق سلام».
إن أفضى إلى عملية سلام، فقد تترتب عن هذا الاتفاق تبعات جغرافية وسياسية مهمة. فتركيا، التي عززت علاقاتها مع حكومة كردستان العراق قد تكتسب مكانة حامية الأكراد، وتعزز نفوذها في المنطقة كلها.
في المحصّلة، إن التفكير في تسوية مشكلة المنظمات التمثيلية (أمس جبهة التحرير الوطني الجزائرية واليوم حزب الله، حزب العمال الكردستاني أو حركة حماس) مسعى عقيم تترتب عنه نتائج عكسية.
مرة أخرى، امتثل الاتحاد الأوروبي لواشنطن وتل أبيب وحرم نفسه بالتالي أيَّ دور حقيقي في الشرق الأوسط.