روسيا بوتين والعالم في عيدها

 

 

موقع إنباء الإخباري ـ
الشيخ محمد حسن التويمي و إياد محمد حسن التويمي*

قبل أيام قليلة جداً من الاحتفال بعيد روسيا الوطني ومؤتمر سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، نقلت الصحافة الامريكية خبراً خطيراً، تناول أهم وأقوى مدفع في العالم، بإمكانه تدمير مدن عديدة بأكلمها!

 الحديث عن هذا المدفع كان أمريكياً وليس روسياً(!)، والسلاح روسي، والاعتراف بقوى روسيا كان أمريكياً أيضاً. الحديث الامريكي جرى عن نظام الـ”هاون 2 إس4 تيولبان”، حيث نوّهت وسائل الإعلام الامريكية بأن “لا نظير له في الجيوش الأخرى”، وبإمكان القذائف القوية التي يُطلقها ” تدمير ما وراء الجدران المُحصّنة، وبالقرب من مداخل الكهوف وفي الجهات المُعَاكِسة من الجبال، وكذلك سطوح المباني، وإطلاق قذائف نووية وموجّهة، وتدمير ليس فقط مواقع دفاعية محصنة، ولكن.. مدن بأكملها أيضاً”!

لكن روسيا لم تهدّد أحداً على وجه البسيطة قبل وخلال وبعد المؤتمر الدولي المُشار إليه، الذي ألقى فيه الرئيس فلاديمير بوتين خطاباً وأطلق تصريحات دعا فيها وكعادته الى الحوار الدولي والمنافع الجماعية والكسب الاقتصادي والتجاري المشترك، من خلال توقيع الاتفاقيات التي “ستعزز التعاون الدولي وتساعد على إنجاز مشاريع جديدة”.

 يُلاحظ  أن عيد روسيا الوطني يتم الاحتفال به في روسيا وخارجها في ظروف دولية معقدة للغاية، وكأننا في نعيش في حرب عالمية ثالثة تُشن على روسيا من غالبية الأطراف، بينما نصف العالم “يتفرّج” مشدوهاً بما يَحدث، لكنه لا يَفهم أين وكيف ولماذا يجري كل ذلك؟!

بوتين قال في شرائط الإعلام ولضيوف المُنتدى: “أنا واثق من أن المبادرات والتوصيات المعتمدة خلال المؤتمر ستسهّل صياغة نهج مشترك وموحَّد، والاتفاقات والعقود الموقعة خلال المنتدى ستعزّز التعاون الدولي بعد البحث في سُبل تعزيز الاقتصاد العالمي، وتقييم التحديات والمخاطر المرتبطة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، إذ أن التغيرات الحالية تتطلب من المجتمع الدولي تحسين بُنية الحَوكمة الدولية”.

مؤتمر منتدى سانت بطرسبوغ يُعقد منذ عام 1997، ومنذ عام 2006 يُشارك فيه الرئيس بوتين سنوياً، ويُسمّى هذا المنتدى الاقتصادي بـ”مُنتدى دافوس الروسي”، بفضل حَجمه ومستوى المشاركين فيه، ورفعتهم وأهميتهم التي تؤكد مكانة روسيا وعظمتها دولياً وتأثيرها الدولي.

وكان المنتدى هذا العام قد انعقد تحت شعار “البحث عن توازن جديد في الاقتصاد العالمي”، لذلك يُعد حدثاً دولياً فريداً من نوعه في عالم الاقتصاد، إذ ناقش خلاله المشاركون القضايا الاقتصادية الرئيسية، التي تواجه روسيا والعالم ككل، وسُبل تنمية الاقتصاد العالمي بطرق سلمية لا عسكرية ولاحربية، وفي سياقات تعاون شامل وجماعي، تشارك فيه الدول والانظمة بغض النظر عن مكانتها وإمكاناتها ومواقعها الجغرافية وسياساتها وغير ذلك، لهذا يُعد المُنتدى صورة حقيقية عن روسيا وواقع نهجها البوتيني، انفتاحيتها على الجميع ومد يديها لمصافحة الكل..

وتضمّن المنتدى الاقتصادي في عاصمة الشمال الروسي 108 فعاليات في مختلف المجالات، منها الجلسة العامة، وجلسات الحوار، بالإضافة إلى فعالية “المائدة المستديرة” والمناظرات التلفزيونية.

مواقف بوتين عموماً وفي المنتدى خصوصاً وصلت العالم بعد محاولات كثيرة جداً لتشويهها، فهكذا مؤتمرات مفيدة لروسيا والعالم على كل الصُعد، ذلك أن روسيا تريد السلام ولا ترغب أن يُحاصرها أحد ولا أن تُحاصر هي أحداً، لأن روسيا طوال تاريخها كانت مُستهدَفة وتدافع عن نفسها، وكان خُصومها يَنسحبون عنها وإن طال الزمن، فتعود الى أراضيها المُحرَّرة والى شعبها لتحتضنه، لهذا بالذات كشف بوتين بأنه كان اقترح شخصياً على  الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون ذات مرة، أن تنضم روسيا لحلف شمال الاطلسي “الناتو”، لكن طلب روسيا تم تجاهله، إذ بانضمانها للحلف كان يمكن لها ان تعرض على العالم نيّتها السلمية وحقيقة سياستها وأهدافها.

عيد روسيا الوطني الذي احتُفل به قبل حلول شهر رمضان المبارك في أحد فنادق الاردن الفخمة، وقد حضرته شخصياً وأشكر سعادة السفير السيد بوريس بالوتين وسفارة روسيا الاتحادية الكريمة لتوجيه دعوة لي لمشاركتهم الاحتفال بروسيا فيه، يُحتفل به داخل روسيا بمزيد من الأُبّهة والدعوة الى التصالح الوطني الشامل، دون استفزاز أحد على أحد، وبدون استعادة التاريخ والنزاعات السياسية. فسياسة بوتين الحَكيمة هي تجاوز الخلافات لأجل التصالح وصلاح المجتمع وتقدمه الى الأمام، وهو المَخرج الأنسب لروسيا، ولكل مجتمع آخر في العالم، لأن النزاعات تتعمق عادة حال نشوبها، وأمّا في حالة استمرارها فلا تندمل سريعاً، بل تبقى تتأجج في الصدور وإن خبَت المُعَارك وفرغت البنادق من الطلقات، فيتم تقسيم الناس الى جماعات وطوائف متناحرة يَصعب جَمعها والعمل في أوساطها لتتلاقى وتتحابب من جديد.

نتمنى لروسيا كل خير وسلامة وصَلاح وتقدّم، وبأن لا يُصيبها ما أصاب البلدان العربية مِن تناحر وتفتت وتعادي، وللرئيس فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين كل خير وتوفيق شخصي وسياسي على رأس الدولة الكبيرة والكبرى التي يَقودها الى منفعة روسيا والعالم.

*عضوان ناشطان ومُتابعان للإعلام الروسي والاستقطاب في رابطة القلميين العرب مُحبي بوتين وروسيّه في الاردن والعالم العربي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.