محطة اتصال أم قدم احتلال

v-sat

صحيفة البناء اللبنانية ـ
وليد زيتوني*:
كثيرة هي التحليلات، التي تناولت تقديم الولايات المتحدة الاميركية  طلب تركيب محطة اتصال على الاراضي اللبنانية. قد يكون جزء من هذه التحليلات، بحكم المونة على بعض وسائل الاعلام  هو معلومات مسرّبة من الادارة الاميركية، او من عملائها، او على الاقل زبائنها المحليين، بهدف جسّ نبض الشارع والقوى السياسية المعارضة لنهج الولايات المتحدة السياسي والعسكري. وبالتالي الوقوف على ردات الفعل هذه، ومدى فعاليتها وجديتها. وبنفس الوقت قياس مدى تماسك الحكومة في مواجهة حامية قد تحدث انقساماً على مستوى الرأي العام، كما على مستوى الحكومة نفسها.
من وجهة النظر الأميركية والذين يدورون في فلكها، تأتي هذه الخدمة كثمرة تعاون بين الجيش الاميركي والدولة اللبنانية عبر “مكتب التعاون الاميركي” الموجود في لبنان، والذي أغدق على الجيش اللبناني المساعدات “العسكرية”، تجهيزاً وتدريباً، مهما كان رأينا بهذه المساعدات وجدواها وإمكانيات استخدامها في وجه تهديدات العدو. بهذا المنطق يتحتم على الدولة اللبنانية قبول الطلب، رغم معرفتها المسبقة أنها غير قادرة على وضع ضوابط الاستخدام من الناحيتين التقنية والعملانية.
من وجهة النظر الاخرى، يشكّل هذه  الطلب الخطوة الأولى في سياق وضع اليد القانونية على السيادة اللبنانية وربطها بمنظومة الحلف الغربي التي تقودها اميركا في وجه قوى الممانعة والمقاومة لشكلَيْ الاحتلال المباشر والمقنّع. وهو استكمال لإرادة ورغبة الطرف الاميركي بعدم تسليح الجيش اللبناني تسليحاً جدياً، كي لا يصبح هذا الجيش قادراً على  الصمود في مواجهة محتملة مع العدو “الاسرائيلي”. وان هذه المحطة ستتحول بحكم الواقع الى ركيزة  في منظومة الدرع الصاروخي الاميركية التي ستمتد من بولندا وبلغاريا وتركيا وفلسطين المحتلة الى شمال افريقيا مروراً بلبنان.
يندرج التصريح الصادر عن السفارة الاميركية في بيروت  على لائحة التضليل المخططة، والتعمية على الأهداف الحقيقية للمشروع/الطلب. فمركز السفارة في عوكر ليس مقراً ديبلوماسياً وحسب، بل قاعدة عسكرية صغيرة إن من ناحية تجهيزاتها او من ناحية المهمات الموكلة لها على صعيد الاستعلام والاستخبار والتنصت والمراقبة والتوجيه. فتأتي قاعدة الاتصال المشرعنة لاستكمال نظام [سي 4 أي] كنظام قيادة وسيطرة لمنطقة شرقي البحر الابيض المتوسط، خاصة في ظروف تحرك الاسطول الروسي في هذه البقعة الحيوية من العالم. ويأتي تركيب هذه المحطة في مناخ الفوضى العارمة التي تضرب العالم العربي بشكل عام، وفي ظل الهجمة الاميركية التي تستهدف سورية بالأدوات الظلامية التي سهرت الولايات المتحدة وبالتعاون مع قوى اقليمية وغربية وعربية على إنتاجها تحشيداً للمعركة الفاصلة في الشرق.
وعليه سيكون لهذه المحطة عدة وظائف.
اولاً: شبكة اتصال وقيادة ومتابعة معقدة عبر الاقمار الاصطناعية لتنفيذ عمليات في عمق الاراضي السورية، تشمل كافة انواع الاتصال الارضي والخلوي والعنكبوتي.
ثانياً: ادارة عمليات التنصت والتضليل الميداني على القوى المواجهة وحسب الاولويات من الجيش العربي السوري الى المقاومة اللبنانية الى المقاومة الفلسطينية، وتشمل عمليات التنصت الشخصيات اللبنانية ومراكز القرار.
ثالثاً: ادارة شبكات التجسس المنتشرة في المنطقة، وتلقين هذه الشبكات المهام العملانية استناداً للخطة والتوجيهات المعطاة.
رابعاً: مراقبة ومتابعة حركة الاسطول الروسي والقوى البحرية المتحالفة معه على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، بما فيها قاعدة طرطوس.
خامساً: تأمين الاتصال والحماية لشركات إنتاج النفط والغاز الاميركية التي تسعى للسيطرة على حقول الانتاج البحرية وخطوط النقل والموانيء مستقبلاً.
هذا من الناحية التقنية، اما من الناحية السياسية فاضافة الى ما تقدم، وهو شرعنة الاحتلال المقنع والدخول في الحلف الغربي تنفيذاً للاملاءات الاميركية، وفقدان السيادة الفعلية واستكمالاً لتشريع البلد وانكشافه بدءاً من الأحوال الشخصية الى الرقابة على المصارف وحركة انتقال الأموال الداخلية والخارجية الى المحكمة الدولية ومتفرعاتها، الى التدخل المباشر في الانتخابات النيابية، لا يمكن قراءة هذه الخطوة إلا انطلاقاً من خلال الهجوم الكاسح لقوى 14 آذار على داتا الاتصالات، وإنتاج مسرحيات الاغتيال المفبركة حيناً، والفعلية احياناً، تنفيذاً للحاجات الاميركية لإتمام مشروع السيطرة على لبنان والمنطقة.
هنيئاً للسياديين بالحرية والاستقلال.
 عميد ركن متقاعد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.