مفجرو الفتنة كثيرون لكن جند الإخماد أكثر


صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
من المسلمات التي لا تقبل الشك أن المنطقة قد باتت على صفيح ساخن تزداد النار تحته كل يوم اشتعالًا، فالأيدي العابثة بأمن هذه المنطقة واستقرارها لم تكف لحظة عن سكب وسائل الاشتعال المختلفة، حتى يتأتى لها تحقيق ما تسعى إليه من أهداف، وليس هناك سائل أكثر اشتعالًا بإمكانه أن يجعل هذا الصفيح أشد سخونة ليحرق المنطقة، من سائل الطائفية البغيضة التي نجح أعداء هذه الأمة وأعداء شعوب المنطقة من نضح هذا السائل الحارق على كامل بساط أرض دول المنطقة، فها هم بعد أن تمكنوا من ذلك بمعاونة أدوات داخلية لهم يرمون عود الثقاب في المكان الذي يختارونه أو الذي عليه الدور أو يتصدر أولوية مشاريعهم الهدامة والمدمرة.
وبلد كلبنان ما عاد مختلفًا عن غيره من بلدان المنطقة كما عرف عنه بأنه بلد مشبع دائمًا بوقود الفتنة، فقد غَدَا كل بلد عربي مشبعًا بوقود الفتنة الطائفية التي لها الصوت الأعلى، حيث نجح أعداء هذه المنطقة وهذه الأمة في فك شفرة تماسكها لينفذوا إليها من منفذ الطائفية التي للأسف هناك من أوجد لها الأرض الخصبة التي تنمو عليها والهواء الذي تتنفسه. كما غدت شماعة لساسة يعلقون عليها أخطاءهم، مقدمين في ذلك خدمة للأعداء بإثارة هذا الفكر البغيض ونثره بين الأجيال التي لا تملك رصيدًا كافيًا من المعرفة والوعي ليتحول لديها إلى سلوك وممارسة.
إن لبنان شأنه شأن سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها، يتم سحبه إلى أتون طائفية ومناطقية بغيضة تجره إلى أوار حرب أهلية تأتي على السلم والاستقرار الأهليين، وتعد عملية اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس جهاز فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني الجمعة الماضية في منطقة الأشرفية، عود الثقاب لإشعال الحريق لكي يلتهم كل مقدرات الشعب اللبناني ومكتسباته وإنجازاته، ولزيادة رقعة الحريق وقوة النيران ظل الضخ الطائفي الكريه ملازمًا لتبعات حادثة الاغتيال في التحليل والتفسير، لكون اللواء المغدور محسوبًا على طائفة معينة، لتتسيد على منابر إعلامية وحزبية وطائفية لبنانية حالة التوظيف الطائفي والسياسي، حيث أخذ الشحن الطائفي والتحريض السياسي مأخذه.
إن جميع العقلاء في هذه المنطقة يؤمنون إيمانًا جازمًا بأن ما يجري من إثارة للفوضى ونعرات الطائفية وإشعال نيران الفتنة والاحتراب بين أبناء العقيدة الواحدة واللغة الواحدة وبين أبناء البلد الواحد، لا ولن يخدم سوى طرف واحد أوحد ألا وهو الكيان الصهيوني الغاصب الذي ينعم وسينعم بمزيد من الاستقرار والتنمية على حساب دماء شعوب المنطقة واستقرارها وأمنها وأرضها وتنميتها وتقدمها وتطورها، ليعيش الأعداء في رفاهية ورغد من العيش، وتعيش في المقابل شعوب المنطقة في أتون التخلف والفقر والجهل والتناحر والفتنة، وليتفرج الأعداء على رؤوس شعوب المنطقة وهي تفصلها عن أجسادها الطائفية البغيضة.
وإذا كان اغتيال اللواء وسام الحسن قد وضع لبنان على شفير فتنة يراد لها أن تحرق أخضره ويابسه، فإن الثقة بشرفائه وعقلائه من كل القوى والأحزاب والطوائف كبيرة في بذل كل ما في وسعهم لتجنيب بلدهم مخاطر الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة، ستكون أكثر كارثية من سابقتها، وتفويت الفرصة على الساعين إلى إغراق لبنان والمنطقة بأكملها، بما يوفر لهم الهدوء اللازم للوصول إلى الجناة وتقديمهم إلى القضاء، لا سيما وأن بين القيادات اللبنانية من لا يزال يتذكر الحرب الأهلية المشؤومة، فإذا كان مفجرو الفتن ومشعلوها لا يزالون في لبنان وخارجه، فإن العقلاء جنود الإخماد بالتأكيد أكثر منهم الذين دورهم سيكون بمثابة الماء الذي يخمد حرائق ذوي الفتن الطائفية وغيرها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.