نظرة أردوغان الاستراتيجية نحو البوسنة والهرسك

صحيفة الوفاق الإيرانية:

في خضم ازمتها الاقتصادية تولي تركيا اهمية خاصة للتعاون التجاري مع بلدان البلقان. وتركيا بسبب موقعها الجغرافي تتميز استراتيجياً عن كافة بلدان البلقان، وترى في علاقاتها مع البلقان ان اهم عنصر وأولوية استراتيجية ثابتة هي المجتمعات العثمانية المتبقية والتي ربطت مصيرها بقدرة تركيا ووزنها بالمنطقة وما يوفر لها هذا الأمن في مناطق تواجدها.
هذا وضع مسؤوليات على عائق تركيا، وبنفس الوقت شكّل اداة لبسط انقرة نفوذها في المنطقة، حيث باشرت بالارتباط بها ثقافياً، ثم عقدت اجتماعات ثلاثية (صربيا والبوسنة والهرسك) لتفعّل التوافق الاقتصادي والافادة من القوة الناعمة (تأسيس مراكز ثقافية وترويج اللغة التركية في المنطقة) وتأسيس جامعات تتحدث باللغة التركية بالمنطقة ومنح مقاعد دراسية لطلاب الاقليم.

وفي اطار سياستها الخارجية في البلقان تسعى تركيا لتكون فاعلة وذات تأثير وأن توازن بين الاطراف، وتحاول بطريقة ما ان تبسط سيادتها على بلدان المنطقة.

وفي سياق تنمية سبل تعاون بلاده مع البلقان اجرى اردوغان زيارة مؤخرا الى البوسنة وتباحث مع مسؤوليها واتفق الجانبان على اعتماد مواطني كل من البلدين بطاقات الهوية عند السفر الى البلد الآخر. وتم ايضاً تبادل وجهات النظر حول انشاء خط سريع بين سراييفو وبلغراد.

يذكر ان تركيا، في خضم ازمتها الاقتصادية، تولي اهمية خاصة للتعاون التجاري مع كافة بلدان البلقان، بما فيها البوسنة. علماً ان حجم التبادل التجاري بينها وبين الاخيرة زاد بنحو 266 مليون مارك (العملة البوسنية)، كما ارتفعت صادرات البوسنة الى تركيا في العام الجاري بنحو اربعة ملايين مارك، في حين نمت الواردات من تركيا بنحو 262 مليون مارك مقارنة بالعام السابق.

اختصت تركيا ياكثر من 15% من مجموع الاستثمارات الاجنبية في البوسنة خلال العام 2021. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في الاشهر الستة الاولى من العام الجاري (2022) ما يعادل (916) مليون و(576) ألف مارك.

وقد وصف اردوغان الانتخابات العامة البوسنية بالمهمة جداً وأكد على شفافية هذه الانتخابات، مقيّما انها مهمة وحساسة لمنطقة البلقان. من جانبه يؤكد شفيق جعفر وفيج، رئيس مجلس رئاسة الجمهورية البوسنية، على ارتباط بلاده وتركيا بعلاقات ودية واخوية استثنائية. كما يؤكد ميلوراد دوديل، العضو الصربي في مجلس رئاسة جمهورية البوسنة، هو الآخر ، على ان اللقاء مع اردوغان حدثاً نادرا وانه لا توجد نزاعات واختلافات بين اعضاء مجلس الرئاسة البوسنية ولم يكن هناك في أي وقت من الاوقات تفاهماً بينهم كما هو قائم مع اردوغان. و بذل الرئيس التركي خلال هذه الزيارة الجهود ليبين انه الحامي الرئيسي للبوسنة. هذا مع العلم ان زيارة اردوغان واجهت معارضة.

يذكر ان فخرالدين رادونجيج، رئيس حزب (الاتحاد لمستقبل أفضل للبوسنة) بدرت منه ردود فعل على خطاب اردوغان، ويعتقد ان المشكلة الكبيرة تكمن في حث اردوغان وبشكل مباشر البوشنياك للتصرف ضد الغرب. كما صدر رد فعل من المجلس القومي لكرواسيي البوسنة على خطاب اردوغان الذي عبر فيه عن معارضته لفرض تعديلات قانون الانتخابات البوسنية من قبل كريستين شميت، ممثلة المجتمع الدولي في البوسنة. ويعتقد هذا المجلس ان دعم اردوغان للبوشنياك ورسائله ضد ديمقراطية وأنظمة الغرب هي تشجيع للمتطرفين البوشنياك ومؤدياً الى تسريع التوجهات ضد اتفاقية ديتون وتشديد حالة عدم الثقة بين القوميات المكونة للبوسنة.

يشار الى ان الرئيس التركي خلال زيارته لكرواسيا في 8 سبتمبر ولقاءه رئيس جمهوريتها، زوران ميلايوفيج، وجه الانتقاد لاتفاقية ديتون، معتقداً انها (الاتفاقية) لم تأتي بطريق حل للبوسنة.

كما ان الرئيس الكرواسي اكد بعد اللقاء ان مواقف بلده تختلف عن مواقف تركيا بشأن موضوع تعديلات قانون الانتخابات البوسنية. علماً ان الحكومة الكرواسية بذلت المساعي لأكثر من سنة لازالة بعض جوانب انعدام العدالة والانتهاك المباشر لاتفاقية ديتون للسلام التي ابرمت كأساس للسلام وترتيب اوضاع البوسنة.

ووجه الرئيس الكرواسي الانتقاد لدور كريستين شميت، لاعتباره ان هذا الدور جاء بدون موافقة كافة اعضاء مجلس الامن الدولي. وتطالب كرواسيا بتوضيحات واجراءات بما يخص دور شميت في البوسنة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.