هولاند و حماقة 14 آذار

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان جاءت تؤكد الحقائق التي كشفها واقع الانهيار الكبير لمنظومة التدخل الغربي في لبنان وسورية.

أولا: تتأكد بتصريحات الرئيس الفرنسي حقيقة أن معركة التصعيد التي أطلقتها قوى 14 آذار جاءت عكس السير بالنسبة للحسابات الغربية فهولاند الذي لم يلتق أحدا من أقطاب 14 آذار كما جرت العادة منذ العام 2005 في مثل هذه الزيارات شدد على أهمية حفظ الاستقرار وقدم دعما سياسيا ومعنويا لرئيس الجمهورية الذي أعلنت قيادة المستقبل و14 آذار عن مقاطعتها له في يوم الهجوم الفاشل على السرايا وأكدت رفضها لأي حوار ثم شرعت تتزلف للرئيس علها تمحو آثار هجماتها الشعواء.

التركيز الغربي على مبدأ الحوار وعلى دور رئيس الجمهورية هو اعتراف واضح باعتبار باريس والغرب عموما أن تيار المستقبل ومعه القوات اللبنانية ذهبا نحو التطرف بمغامرة سياسية تهدد كل شيء بالنسبة للنفوذ الغربي بعد الفشل الكبير في الحرب على سورية.

ثانيا: إن جميع التقارير الأميركية والأوروبية المتصلة بالوضع اللبناني تركز في الأشهر الأخيرة على ضرورة ثني قوى 14 آذار عن أي مغامرة أو تطرف حتى لا ينفذ التيار الوطني ردا شاملا و قاسيا قد يطيح بمرتكزات الوجود الغربي كليا وهذا كلام ورد في مقالات ودراسات نشرتها مراكز الأبحاث الأميركية والبريطانية و قد ردده أكثر من دبلوماسي غربي في بيروت.

طرح شعار إسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ، و بالتزامن مع الشغب المسلح في العديد من المناطق ، بدا بالنسبة للغرب مدخلا إلى أحداث تجهز على قوى 14 آذار كليا من خلال استدراجها للتصادم مع القوى الوطنية التي تحلت بضبط النفس ، والحسابات الغربية مبنية على استرجاع خارطة أحداث السابع من أيار ، خصوصا وأن تيار المستقبل انزل الميليشيات التابعة له على الأرض إلى جانب المجموعات المتطرفة اللبنانية والسورية التي يرعاها ويمولها والتي بدأت تثير قلق الدول الغربية لجهة انتشارها واحتمالات انتقالها بأنشطة إرهابية نحو الدول الأوروبية بالذات.

ثالثا: كلام هولاند حول التمسك بالاستقرار وبالحوار وابتعاده عن أي طرح يتصل بالوضع الحكومي باللغة التي تساير طروحات 14 آذار جاء تأكيدا لمأزق المستقبل والقوات ودخولهما في نفق سياسي لا غطاء له ، ولا يبدل في الأمر شيئا أن يعلن من الرياض أن الرئيس الفرنسي ناقش مع الملك عبدالله الوضعين السوري واللبناني فكلاهما متدخلان في سورية وفي لبنان لصالح قوى مهزومة وفاشلة وعلى الأرجح فإن هولاند طلب من الملك السعودي ثني الحريري وجعجع عن التورط في مغامرة تفجير الوضع اللبناني خشية ما لا تحمد عقباه بالنسبة للسعودية وللغرب معا وهو خطر لاح ذات يوم من أيار 2008 ولكن يومها كانت فرصة الاحتواء بتسوية الدوحة أما اليوم فلا دوحة ولا تسوية ولا فرصة لإنقاذ المرتبطين بالتحالف السعودي الغربي إذا ارتكبوا الحماقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.