إتصال كفيل بحل الأزمة

صحيفة البعث السورية-

ريا خوري:

فشل الغرب في جرّ الصين إلى جانبه ضد روسيا، وعلى الرغم من معرفة هذا الغرب بموقفها وعلاقتها الاستراتيجية مع روسيا، لم يتردّد في مطالبة الصين بإدانة العملية العسكرية، وعدم تقديم أي شكل من أشكال الدعم لروسيا.

في حقيقة الأمر لم تكن العلاقة الصينية- الأمريكية على ما يرام، وبالعودة إلى الوراء، فإن الأزمة بين الصين، والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين وصلت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى شفا حرب تجارية واقتصادية وربما عسكرية غير مسبوقة، وبدلاً من أن تقوم إدارة الرئيس جو بايدن الحالية بحل المشكلات العالقة مع الصين بالحوار والدبلوماسية، اختارت أسلوب التحدي والمواجهة والذهاب إلى تشكيل أحلاف أمنية عسكرية جديدة تقف في مواجهة الصين مثل حلف (أوكوس وكواد) لمحاصرة الصين وبحرها الجنوبي، والضغط عليها وخلق المشكلات لها في هونغ كونغ، وجزيرة تايوان تحت عناوين مزيفة.

هذه السياسة العوراء نجدها تتكرّر اليوم بكل تفاصيلها، فقد اتهمت الولايات المتحدة القيادة الصينية بتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية ولوجستية لروسيا، قبل أن تتراجع إلى التحذير فقط، فيما لم تتردّد دول الاتحاد الأوروبي، بدورها، خلال القمة الصينية الأوروبية الافتراضية الأخيرة، في تحذير الصين من دعم روسيا، ومطالبتها الالتزام بالعقوبات الغربية من دون أن تدرك أن العالم قد تغيّر، وأن الصين أصبحت الآن قوة اقتصادية وعسكرية عظمى ولها دور كبير في قيادة العالم.

المفارقة التي يلحظها الجميع هي أن الغرب الأوروبي- الأمريكي الذي يجد نفسه عاجزاً عن فعل أي شيء، ولم يعد يجيد إلا لغة العقوبات والمواجهة السلبية، يطالب الصين بصفتها عضواً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن تأخذ على عاتقها المسؤولية الكبيرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ودفع روسيا لإيجاد حلّ، وفق ما ترى أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية.

تلك المفارقة دفعت الصين إلى التوضيح والردّ على مطالب الغرب المتلاحقة بأنها ليست طرفاً مباشراً في الحرب الأوكرانية- الروسية، وأنها ستواصل تطوير التعاون التجاري والاقتصادي مع روسيا، وأن العقوبات القاسية على تنوعها يجب ألا تؤثر في العلاقات التجارية الطبيعية للصين مع روسيا. كما طالبت بعدم المبالغة في الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين في إنهاء الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية، معتبرة أن مفتاح الحلّ النهائي ليس بيد الصين، وإنما بيد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وإذا كانت القيادة الأمريكية بالفعل إلى جانب حلفائها في أمنهم، فيمكنها فعل شيء حيال ذلك أيضاً، كأن يقوم الرئيس الأمريكي بايدن، بحسب السيد ليو جيان تشاو المتحدث باسم الخارجية الصينية، بالاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويقول له: “الناتو لن يتوسع، ولن يكون هناك نشر أسلحة استراتيجية بكل أنواعها، وأن أوكرانيا ستكون دولة محايدة”، فقد يكون ذلك كفيلاً بحلّ المشكلة بشكل نهائي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.