“إسرائيل” وشمال غزّة.. “النصر” يفر من أمامها!

موقع العهد الإخباري-

خليل نصر الله:

بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على خطاب الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، الذي قدم فيه صورة لواقع المقاومة على كامل امتداد قطاع غزّة، خرج وزير حرب العدوّ يوآف غالانت مقدمًا صورة تفوق جزئي بعيدة كلّ البعد عن النصر الذي يبحث عنه مجلس حرب العدوّ المهزوز جراء ما يعصف به من الداخل، معلنًا انتهاء العمليات البرية في شمال قطاع غزّة.

ثمة عناصر مهمّة وردت على لسان وزير حرب العدوّ يجب التوقف عندها، أبرزها ضرورة النصر الواضح، الذي لا خيار أمام الكيان غيره.

ولتحقيق “النصر” الذي يريده، صوب “غالانت” على ضرورة تماسك مجلس الحرب، الذي تعصف به الاهتزازات نتيجة الصراع القديم بين أقطابه. هذا الصراع بدأ يتجلى بشكل متزايد منذ دخول الحرب على غزّة شهرها الثالث.

يوجه غالانت خطابه لنتنياهو وبني غانتس، مشددًا على ضرورة تماسك حكومة الحرب لأن ذلك يعني تحقيق الأهداف والنصر كما قال، ولأن الانقسامات تشكّل استفادة لحماس و”أعداء إسرائيل” كما عبّر.

في الواقع، يعبر غالانت عن مشكلة كبيرة تعصف داخل الكيان، وهذه المشكلة لها انعكاسها على نتائج الحرب في غزّة، بل وعلى المسار الذي تسلكه.

وما يفسر حدة الاشتباك داخل مجلس الحرب ويبين شيئًا من أسبابه هو تصريح عضو المجلس غادي أيزينكوت الذي طالب بخطوة جريئة لإبرام صفقة مع حماس تعيد الأسرى لأن الوقت ينفذ. تصريح يبين حجم الانقسام القائم، فهو يظهر وجهة نظر تعاكس من ينادي بمواصلة العمل العسكري لتحرير الأسرى.

هنا، يحاول غالانت لم شمل الأقطاب، خصوصًا مع قرب احداث تحوّل في الميدان والانتقال إلى مرحلة أخرى، حسب توصيفهم هي الثالثة، لكن دون ضمان نتائج تحقيق أهداف الحرب.

فعليًا، يتحدث وزير الحرب غالانت عن إنجازات عسكرية منها تفكيك قدرات حماس القتالية على كامل القطاع، وهو أمر لا يتطابق مع الوقائع، فلا صواريخ المقاومة انتهت، ولا الوجود العسكري وغير العسكري لحماس انتهى، بل إن الصواريخ لا زالت تنطلق من شمال القطاع، والمقاومة تقاتل حيث هناك وجود عسكري إسرائيلي، بل وعادت بعض الدوائر لما يسمونه “حكومة حماس” إلى العمل ضمن الإمكانات الموجودة.

في الواقع، حاول غالانت إغفال الواقع المر المتجسد باستحالة تحقيق هدف تفكيك حماس، أو حتّى القضاء عليها. هو قال إن الأمر يحتاج إلى وقت طويل، في تناقض واضح مع الرواية التي قدمها وتحدث فيها عن إنجازات.

وما يعزز أكثر بُعد “إسرائيل” عن تحقيق نصر واضح وحاسم هو تعبير غالانت نفسه الذي اعتبر أن مستقبل “إسرائيل” تحدده نتائج هذه المعركة، وهو كان يخاطب نتنياهو وبني غانتس، فمجرد الإشارة إلى مسألة الوجود، يعني عدم تحقيق منجز يبنى عليه في غزّة، ويرمم بعضًا من إخفاق ٧ تشرين الذي منيت فيه مختلف القطاعات الأمنية الاستخبارية والعسكرية في كيان الاحتلال.

في المحصلة، إن انتهاء العمل العسكري في شمال قطاع غزّة، لا يعني تحقيق أي منجز، ولا حتّى نصرًا تكتيكيًا، فبالنظر إلى واقع الأمور، مع الأخذ بعين الاعتبار ما كشف عنه أبو عبيدة عن قدرات المقاومة وما تمتلكه، فإن “إسرائيل” مقبلة على مستقبل غامض، ونتائج الحرب الحالية ستزيد منجزًا للمقاومة، يضاف إلى ما بدأ في السابع من اكتوبر عام ٢٠٢٣.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.