الاقتتال بين العصابات في سوريا

free syrian army 123
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

برزت في المشهد السوري المعارك المتنقلة بين الجماعات المسلحة المتمردة والإرهابية في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة الوطنية السورية وقد ربط البعض التوقيت بالتطورات السياسية الأخيرة منذ المبادرة الروسية.

أولا إن بنية الفصائل الإرهابية في سوريا هي كناية عن خليط من المرتزقة واللصوص والتكفيريين من القتلة المحترفين وبالمضمون الاقتصادي الاجتماعي فإن تلك الجماعات المسلحة التي يبلغ عددها حوالي ألف تشكيل عسكري يضم جماعات محلية صغيرة وفصائل متفاوتة الأحجام كما تشير جميع التقارير التي تناولت هذا الملف وجمعت المعلومات الميدانية بشأنه .

هذه التركيبة تقيم سلطة هامشية تمارس نهب الثروة وتفرض الأتاوات وتقوم بعمليات نهب واسعة النطاق ولاتختلف في ذلك التشكيلات القاعدية والأخوانية المغطاة بفتاوى شيوخ الإرهاب والتكفير والقتل عن جماعات ما يسمى بالجيش الحر فثمة سرقات وخوات تجري باسم ثورة مزعومة وسرقات وخوات غيرها تطلقها فتاوى شيوخ الأخوان وامراء فصائل التكفير والقانون الحاكم في مثل هذه الحال هو النزاع على السيطرة الميدانية للقيام بعمليات نهب أوسع والتناحر هو قاعدة العلاقة بين الجماعات السملحة المكونة لسلطات الهامش الطفيلية في تركيبها الاقتصادي الاجتماعي ذي الطابع اللصوصي والارتزاقي فهي موزعة في مواردها بين اللصوصية والتمويل الخارجي الذي تخشى جميع الفصائل من تقلصه إذا تقدمت الأجواء السياسية المتغيرة .

ثانيا في تركيب الفصائل المسلحة والإرهابية يطغى حجم المقاتلين الأجانب المتحدرين من فصائل الجهاد العالمي المنتمية لشبكة القاعدة والذين يقدرون بعشرات الآلاف وقد توزعوا على فرقتي القاعدة في سوريا من خلال جبهة النصرة ودولة العراق وبلاد الشام وهما حظيتا بدعم وفير من قطر والسعودية ماليا وعسكريا كما عبر المسلحون القاعديون الحدود اللبنانية والتركية والأردنية وفي صفوفهم أعداد كبيرة من حاملي الجنسيات الغربية باعتراف حكومات الولايات المتحدة وبلدان اوروبية عديدة وفي بنية النصرة ودولة العراق آلاف من بلدان عربية وآسيوية كالشيشان وتركمانستان وأفغانستان وغيرها وأفريقية كالصومال وفي صلب هذه البنية شريحة من التكفيريين سوريي الجنسية وهذا الفصيلان القاعديان يتصارعان على شرعية تمثيل القاعدة ومشروعها فدولة العراق وبلاد الشام دخلت في نزاع معلن على الولاء مع زعيم القاعدة أيمن الظواهري الذي بايعته جبهة النصرة رسميا.

ثالثا إن الاقتتال بين هاتين القوتين له دوافع تنظيمية وسياسية وهما بحكم العقيدة الإرهابية التكفيرية للقاعدة التنظيم الأم خارج اي حل سياسي في سوريا وضد اي قوة تسعى لتوسيع وجودها العسكري بدافع حجز مكان في الحوار الذي تقترب ساعة الدعوة إليه فالقاعدة تريد السيطرة على الأرض لحساب مشروعها الكبير في المنطقة والعالم وليس من أجل أي أهداف تتصل بمستقبل الحياة السياسية في سوريا التي هي مجرد ساحة في عرف القاعديين ولا يعير الخطاب القاعدي أي اهتمام لهذا الموضوع من أصله فهو يعادي الدولة الوطنية والمجتمع السوري بجميع مكوناته ويعادي ويحكم بحذف كل من يخلفونه بل إن جبهة النصرة وتنظيم دولة العراق وبلاد الشام المتصارعين على لواء القاعدة يتصرفان بنزعة إلغائية ضد بعضهما البعض بقدر ما أنهما يتحركان معا لشطب كل جماعة مسلحة يخشيان من استعمالها ضدهما من قبل الغرب تحت شعار ما يدعوه الأميركيون بتكوين قوة مسلحة معتدلة ضد التطرف .

رابعا حركة اندماج الفصائل والكتائب التي خرجت على المجلس العسكري الذي نصبه الأميركيون تحت يافطة ما يسمى بالجيش الحر جاءت بقرار سعودي خليجي للتمترس في وجه رياح التحول السياسي ومع تسرب معلومات عن احتمال بروز توجه اميركي لرفع يد بندر بن سلطان عن الملف السوري بسبب الفشل الذريع الذي منيت به خططه لتنشيط العمل الإرهابي ضد الدولة الوطنية السورية تحت شعار تعديل التوازن وكان فشل القوات التي يديرها ويدعمها في تحقيق أي اختراق جدي في حلب وساحل اللاذقية وغوطة دمشق وهو ما ورط الولايات المتحدة في قرار العدوان العسكري الذي أرغمت على لفه بعد اختبار قوة صعب دوليا وإقليميا فرض على الولايات المتحدة استدارة سياسية واستراتيجية جديدة انطلاقا من سقوط الهيمنة الأحادية الأميركية على العالم وحتى لو أرغم بندر على الانسحاب فإن تلك الجماعات الإرهابية التي يدعمها لا مشروع سياسي لديها يتصل بمستقبل سوريا فهي تعتاش على حالة الحرب والفوضى ومنظومة الهمينة اللصوصية الهامشية التي تقيمها هي مرتكز حركتها وهذا واقع عاشته دول كثيرة في التاريخ المعاصر من خلال نشوء ظاهرة أمراء الحرب الذين يستعملون يافطات سياسية وعقائدية متنوعة لمواصلة النهب والتعيش على الفوضى ، حصل ذلك في لبنان خلال الحرب الاهلية أواخر القرن الماضي وفي منتصفه نشأت تلك الظاهرة في الصين قبل أن يحسم الجيش الأحمر الوضع عسكريا بقيادة ماوتسي تونغ .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.