التقارب السعودي ـ الإيراني إلامَ يهدف وسط التحوّلات؟

جريدة البناء اللبنانية-

 محمد حسن الساعدي:

تداولت وسائل الإعلام الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى الرياض ولقاءه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلى الرغم من عدم الإعلان عن أيّ اتفاقات بين البلدين، إلا أنّ المراقبين يرون أنّ هذا التقارب من شأنه أن يدفع باتجاه الاعتراف بضرورة إيجاد حاجة الى العمل الجماعي لحلّ المشاكل والخلاف في المنطقة، وخصوصاً الأمنية منها، فضلاً عن مناقشة التحوّلات المهمة في المنطقة وتأثيرها على الاستقرار السياسي والأمني فيها.

انّ حلّ الخلافات وتخفيف التوتر بين طهران والرياض من شأنه أن يحدّ ويخفف من التوترات في المنطقة، وكذلك يؤدّي الى حالة التوافق في المواقف تجاه قضايا المنطقة، بالإضافة إلى التعاون في القضايا المتعلقة بالمناخ والتي يمكن أن تكون كافية لتقديم فوائد للمنطقة، لذلك فإنّ أيّ اتفاق بين الطرفين سينعكس بالإيجاب على المنطقة وليس فقط على المملكة العربية السعودية او الجمهورية الإيرانية، بالإضافة إلى إنه ييدو لم يتمّ إحراز أيّ تقدّم بشأن آفاق الاستثمار في إيران والتي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة وتمّت مناقشتها عندما تمّ ابرام الصفقة في بكين بشهر آذار الماضي، خصوصاً أنّ الجانبين يعترفان بأنّ مشاكل المناخ والأمن لا يمكن حله بجهد فردي لدولة واحدة بل هو عمل جماعي، وضرورة الاعتماد على الدول الإقليمية بدلاً من الاتجاه نحو الاعتماد المفرط على المجتمع الغربي والذي خلق شعوراً بالإلحاح لاستمرار الدبلوماسية بين طهران والرياض.

الاندفاع نحو العمل الجماعي في المنطقة تعزز من خلال الحروب الأهلية التي اندلعت سواء في العراق أو لبنان أو اليمن أو سورية والتي تسبّبت قبل عقد من الزمن في جرّ الطرفين وغيرها من الدول الإقليمية نحو فخ الصراع، لذلك توجب الآن إلى خلق ضرورات تحدّ من هذه الاندفاعات، وإعادة المشاركة في استقرار المنطقة والإعداد والاستعداد لحملة الاستثمار، وتفعيله بين البلدين وبما يحقق المصلحة المشتركة، كما أنّ التحوّلات العالمية وفرت السياق لاستمرار المحادثات بين البلدين، وأصبح العراق الذي عانى من الخلافات الإقليمية مسؤولاً عن فتح المسارات الدبلوماسية بين طهران والرياض.

انّ الدور الذي لعبته الصين في تقريب وجهات النظر بين البلدين والتوسط بين الاتفاق الثنائي يجعل من الصعب على أيّ من الجانبين التنصّل عن التزاماته، لذلك تجد إيران والسعودية بأنّ فتح العلاقات وإنهاء حقبة الخلافات هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، وإبعاد الأيادي الغربية عن التدخل في المنطقة وإشعالها في ايّ وقت تشاء، وانّ مبدأ الدبلوماسية والطريق الوحيد لضمان أمن البلدين بل عموم المنطقة وعلى الرغم من وجود بعض الخلافات إلا أنّ من المرجح أن تتحوّل التوافقات بين البلدين إلى تنامي الاقتصاد بين الرياض وطهران والذي ينعكس على المنطقة عموماً وبما يحقق الازدهار الدائم للمنطقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.