الراي : “ضغط الاستحقاق الرئاسي في لبنان يدفع لتمرير البيان الوزاري

 

قبيل ساعات من انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري للحكومة اللبنانية مساء امس في اجتماع نهائي لإنجاز مهمتها المستمرة منذ تشكيل الحكومة في 15 فبراير الماضي، تسارعت الاتصالات والمساعي من اجل التوصل الى تسوية تتيح إقرار صياغة توافقية للبند المتعلق بموضوع المقاومة في البيان الوزاري.

وفي هذا السياق، عمل كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط على الدفع نحو تسوية بين فريقيْ 8 آذار و14 آذار لئلا يتسبب استمرار الخلاف على بند المقاومة بإحالة مجمل ملف البيان الوزاري على مجلس الوزراء مجتمعاً بعدما حسم رئيس الحكومة تمام سلام هذا الامر معلناً ان عدم التوصل في اللجنة الوزارية الى حل سيدفعه الى احالة الامر على مجلس الوزراء.

ورغم تفاوت التقديرات التي سبقت اجتماع اللجنة، اعتبرت مصادر سياسية بارزة قريبة من الكتلة الوسطية في الحكومة التي تضم وزراء كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان وسلام والنائب وليد جنبلاط ان البيان الوزاري سيمرّ في النهاية بما يحول دون نشوء أزمة واسعة جديدة تنتج عن احتمال إخفاق الحكومة في وضع بيانها الوزاري بما يفتح مشكلة ما بعد هذا الإخفاق من حيث اعتبار الحكومة مستقيلة او في طور تصريف الاعمال. وهي مشكلة لم يسبق ان حصل مثيل لها لأنها ستتزامن مع بداية المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية المقبلة (ابتداء من 25 الجاري) بما يضع مجمل الوضع الدستوري للحكومة والاستحقاق الرئاسي تحت وطأة أزمة كبيرة لا يبدو ان احداً يدرك مدى خطورتها.

وتقول هذه المصادر لـ «الراي» ان الخلاف الذي استحكم حول موضوع المقاومة انحصر في الساعات الاخيرة بثلاث كلمات فقط توقفت عندها عملية إنجاز الصياغة النهائية للبيان الوزاري وهي تتعلق بإضافة تعبير «تحت رعاية الدولة» الى تعبير حق لبنان واللبنانيين في تحرير ارضهم ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي. ولكن الكلمات الثلاث هذه تنطوي على أزمة انهيار الثقة بين أفرقاء الصراع السياسي بما يعني انه في حال أمكن تجاوز هذا المأزق، فان ذلك لا يعني تجاوز حقول الالغام الكبيرة المزروعة في وجه الحكومة ولو ضمن ولايتها القصيرة التي تنتهي مبدئياً مع نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 مايو المقبل. وبحسب الأوساط نفسها، فان الاتصالات الأخيرة للتوصل الى مخرج للبيان الوزاري عكست تحسباً لدى الجميع لضرورة أخذ كل الاحتمالات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي في الاعتبار بما فيها احتمال عدم اجراء الانتخابات وتعذُّر الوصول الى توافق داخلي وخارجي يسمح بإجرائها في موعدها. وتبعاً لذلك جرى الدفع بقوة نحو إنجاز البيان الوزاري الذي يتيح للحكومة المثول امام مجلس النواب لنيل ثقته لان عدم حصول هذه الخطوة سيجعل وضع الحكومة مقتصراً على تصريف ضيّق للاعمال وتالياً عدم تمتعها بالشرعية الكافية للاضطلاع بصلاحيات رئاسة الجمهورية في حال شغرت كرسي الرئاسة في 25 مايو من دون انتخاب بديل او في حال تَعذّر التمديد للرئيس سليمان.

وتضيف المصادر ان الضغط الأقوى لإنجاز البيان الوزاري في الاسبوع الجاري جاء من واقع انطلاق العد العكسي للاستحقاق الرئاسي والضغوط الديبلوماسية الغربية القوية على المعنيين في لبنان لإنجاز البيان والتي تعكس مخاوف من الفراغ الدستوري المحتمل بما يفرض وجود حكومة كاملة الشرعية تحسباً لكل الاحتمالات. ومع ان مجمل ممثلي الدول الغربية يشدّدون على اهمية استكمال الاجراءات المتعلقة بالتصويت على الثقة بالحكومة بداعي مواكبة الدعم الدولي المقرر للبنان في اطار مجموعة الدعم الدولية التي عقدت اجتماعها الاخير في باريس، فان المصادر لا يفوتها ان هؤلاء يخشون انتقال لبنان الى مناخ الاستحقاق الرئاسي من دون ضمانات كافية تحول دون حفظ الاستقرار فيه. ولذا شهدت الساعات الاخيرة اتصالات ناشطة لحضّ الأفرقاء السياسيين على تدوير الزوايا والاتفاق على البيان الوزاري اياً تكن كلفة التنازلات المطلوبة من كل منهم.

وقبيل اجتماع اللجنة المكلفة صوغ البيان الوزاري، ارتفعت سقوف التفاوض الى الحد الاقصى، وسط تلويح مصادر «حزب الله» بانه لن يتخلى عن «المقاومة» في البيان ولو كلف الأمر تجاوُز المهل وتحويل الحكومة مباشرة الى تصريف الأعمال، مقابل اشتراط فريق 14 آذار شطب كلمة «اللبنانيين» في حق تحرير أو استرجاع مزارع شبعا إلخ.. والاكتفاء بكلمة «لبنان»، بما يعني ضمناً حق الدولة، وهذا ما رفضه فريق 8 آذار. علماً ان جوهر الاتصالات تركّز على تطوير الصيغة المتعلقة بالمقاومة انطلاقاً مما أقره مجلس وزراء الخارجية العرب في الاجتماع التحضيري لقمة الكويت في البند الخاص بلبنان وذلك بما يجمع بين حق المقاومة ولكن ضمن الدولة اللبنانية وقرارها السياسي.

ولا تستبعد المصادر السياسية البارزة القريبة من الكتلة الوسطية في حال عدم التوصل الى اتفاق نهائي في الاجتماع الاخير للجنة ان يكون الموعد الحاسم للاتفاق في جلسة واحدة يعقدها مجلس الوزراء قبيل نهاية الاسبوع الجاري، علماً ان اوساطاً في 8 آذار لمّحت الى ان ثمة رأياً في قوى 14 آذار يحبّذ بت البيان الوزاري بعد الاحتفال الذي ستقيمه في الذكرى التاسعة لثورة الأرز يوم الجمعة في مجمع «البيال»، ولا سيما ان هذه القوى تحيي المناسبة هذه السنة وهي تقف امام امتحان لوحدتها وتماسُكها التي كانت اهتزّت تباعاً منذ درس ملف قانون الانتخاب مروراً بتشكيل الحكومة وصولاً الى الاستحقاق الرئاسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.