السعودية.. متى تغادرنا؟

السعودية.. متى تغادرنا؟

شيء ما يجري في السعودية. تغييرات تجري في الاشخاص والملفات، لكن نظاما مثل هذا النظام لا تتضح أوراقه ولا تجري التغييرات فيه بسرعة. ظلّ قادته يماطلون في مجاراة التغيير في السياسة الأميركية، وجاءهم وزير الخارجية الاميركي جون كيري ليبلغهم رسالة واشنطن. لم يتحدث الى بندر بن سلطان او سعود الفيصل وهما رأسا الشر في المنطقة. دبلوماسي أميركي يتحدث عن تغييرات تجري في السعودية لكنه لا يفصح عن طبيعتها.

في واشنطن تشعر أن جوا جديدا بخصوص الملف السعودي والعلاقة مع الرياض. ملفات سعودية مسكوت عنها منذ عقود بدأت تأخذ طريقها الى الإعلام. حقوق الانسان في السعودية باتت موضوع حديث في الإعلام ومراكز الدراسات. مقالات وبرامج إذاعية وتلفزيونية مستمرة بشأن ملف الحكم والخلافات داخل العائلة الحاكمة، وهي أمور كان يحظر طرحها سابقا. كل هذه مؤشرات تدل على ان السعودية بالنسبة لواشنطن اليوم هي غير السعودية قبل عامين أو ثلاثة، وهو ما لا يريد تصديقه فريق في العائلة السعودية المالكة، فيما يتجاوب فريق آخر ولكن بهدوء وسرية. كيري يتولى التواصل مع هذا الخط عبر زيارات عدة للرياض ونتائج ذلك بدأت تظهر في لبنان عبر انفراج سريع بقبول الفريق السياسي القريب من الرياض تشكيل الحكومة، شراكة مع حزب الله بعدما ظل يرفض ذلك لاشهر طويلة .

في سوريا، يظلّ التغيّر في الموقف السعودي غامضا. كل المجموعات الارهابية المرتبطة بالرياض تجمّعت في جبهة واحدة ضد “داعش” القريبة من الدوحة، ودخلت في حرب معها. تبدو الجبهة وكأنها مكلفة باجتياح مناطق “داعش” وبسط سيطرتها على كل المناطق الخارجة عن سلطة الجيش السوري. ربما يكون دور هذه الجبهة مستقبلا التفاهم مع السلطة السورية على أساس ما ستتمخض عنه اجتماعات جنيف 2 من نتائج باتجاه حل سلمي. المعارضة السياسية في الخارج لا تملك شيئا على الارض، وأي تفاهم سياسي مع النظام لا قيمة له إذا لم تستجب له المجموعات المسيطرة على الارض والتي باتت مقسمة بين “داعش” والجبهة المتضمنة أنصار السعودية. هنا يأتي دور الرياض في تحديد مصير هذه الجبهة بعد الاتفاق، وربما لهذا السبب أعطتها واشنطن ثمنا مسبقا بتحقيق رغبتها في عدم توجيه الدعوة لإيران لحضور إجتماع جنيف 2، ظنا من الرياض بأن حرمان طهران من الحضور سيعني تحجيم دورها في الملف السوري، وهو وهم ربما تدركه الرياض، لكنها تريد جبران خاطرها لحين تطبعها على الوضع الجديد الذي لا تكون فيه ندا لطهران المتعاظم دورها إقليميا والمتجهة نحو تسويات مع واشنطن.

السؤال الآن: ماذا عن دور السعودية في العراق؟

رغم محاولة أدوات الرياض في العراق نفي أي دور لها إلا ان ما بدأ يكشفه دبلوماسيون أميركيون، فضلا عن وثائق ويكيليكس ، يؤكد بالوثائق تورط اجهزة سعودية بتمويل إرهابيين يقومون بعمليات إجرامية في العراق، وثائق يقول البعض بأنها كافية لرفع شكوى ضد السعودية في مجلس الامن. يقول البعض ان التدخل السعودي بدأ بالتضاؤل تدريجيا، فيما يظل احتمال انتقال الصدام السعودي القطري عبر “داعش” والجبهة الاسلامية في سوريا الى الساحة العراقية قائما، ما يعني ان أبناء المناطق الحاضنة للمجموعات المسلحة سيكونون حطبا في نار حرب الآخرين على أرضهم .

سالم مشكور – صحيفة الصباح العراقية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.