“السفير”: رهان لبناني على تطور إيجابي في العلاقة السعودية ـ الإيرانية

 

كتب داود رمال في صحيفة “السفير”:

فرض الاتفاق الدولي مع إيران إيقاعاً جديداً في المنطقة، وسيطرح على بساط البحث معادلات جديدة يفترض أن تتبلور تباعاً، خصوصاً في ظل المشهد الخليجي المرتبك في التعاطي مع هذا الاتفاق.

وإذا كانت العناوين التي تطرح لملفات حيوية في المنطقة متعدّدة، غير ان البحث يدور عن ما اضحى يصطلح على تسميته بـ«الصفقة الشاملة» التي تطال كل الملفات المطروحة، بما يؤمن حداً أدنى من الاستقرار في المدى المنظور، ومردّ ذلك عائد إلى حالة الإنهاك التي دخلت فيها الدول الكبرى المتدخّلة مباشرة في الميدان الإقليمي، مصحوبة بحالة الضياع في تحديد الاتجاهات المفترض ان تستقر عليها الامور.

وحالة التخبط القائمة، والتي دفعت بطرق ابواب ما كان يعتبر الى الامس القريب من «المحرمات»، لها ايجابياتها المتمثلة بالإقلاع عن لغة واسلوب التهديد بالقوة واستخدامها في معالجة الازمات القائمة، والركون الى التسويات والتفاهمات، كما لها سلبياتها التي تجعل الامكانية كبيرة للقوى المتشددة من استغلال حالة الضياع في تعزيز حضورها وتوسيع دائرة نفوذها بما يهدد امكانية ترجمة اي تسوية لاحقا على ارض الواقع، واقله جعل تنفيذها مترافقا مع صعوبات وتحديات.

يشرح مصدر رفيع مواكب هذه التحديات استنادا الى انطباعات كوّنها من لقاءاته مع ممثلي دول القرار الغربية منها او الاقليمية، ويقول: «ان مشروع حكم الاخوان المسلمين سقط في المنطقة، ومشروع الاسلاميين المتشددين لا مستقبل له، ومشروع الليبراليين العلمانيين ما زال صامدا في سوريا لكنه ضعيف في الدول الاخرى، ومشروع الجيش حسّن من وضعه في مصر ولكن له حسناته وله سيئاته وليس من السهولة بمكان ان يحكم بمفرده، لذلك نحن نمر بمرحلة عدم وضوح لمن يستلم السلطة في دول ما سمي الربيع العربي، ومن يرسّخ السلطة بين يديه».

يضيف المصدر: «ان من ستترسّخ السلطة بين يديه من المؤكد أنه ليس الإسلام المتشدد، ولا يظهر انهم الليبراليون، ومن الصعب عودة الاخوان المسلمين الى السلطة، اقله في الوقت الحاضر. ومصالحة الاخوان المسلمين مع الجيش كما تحاول اوروبا في مصر لم يعط نتائج، لذلك يبدو اننا سنبقى نتعامل مع الانظمة القائمة، وهذا كله يؤثر على لبنان، من هنا الرهان على تطور ايجابي في العلاقات الايرانية ــ السعودية، وهذا ما يتمناه لبنان ويسعى بقدراته المتواضعة في التشجيع على حصوله».

يوضح المصدر «انه في ما خص العلاقة السعودية ــ الايرانية، فان كل طرف ينتظر اشارات حسن نية من الطرف الآخر. فالسعودية تقول انها تريد اقامة حوار مع ايران، كما اعلن وزير الخارجية سعود الفيصل، وهذا تطور جديد، ولكن نريد شيئا ما، والمقصود بهذا الامر انه في البحرين لا زالت الضغوط قائمة، وفي العراق التسلط قائم، وفي سوريا التمسك بالنظام قائم ايضا، وفي لبنان فان موضوع الحكومة عالق. في حين تقول ايران من جهتها، هل انتم على حق في البحرين؟ وفي العراق التفجيرات قائمة لمنع تطور العملية السياسية، وفي سوريا اتركوا الانتخابات تقرر. لذلك اذا تمت مقاربة وجهتي النظر يتبين ان هناك حلقة مفقودة لا بد من ايجادها لتكتمل الصورة».

يرى المصدر «ان كل شيء قابل للحل بالتفاوض، واساليب الضغط والقطيعة واستخدام الاوراق ربما توصل الى مكسب ظرفي، ولكن لا توصل الى نتيجة نهائية. لذلك فان الحلول التي يتم فيها تقاسم مصالح ومناطق نفوذ على قاعدة عدم التدخل في شؤون الغير، وعبر الحفاظ على المصالح المشتركة وفق صيغة تعاون اقليمي يفرض حضورا دوليا، هي الحل الافضل لكل الاطراف، ولكن ذلك يحتاج الى اشخاص وظروف. لذلك فان مصلحة لبنان تكمن في التشجيع على الحلول السلمية والتفاهمات الاقليمية بما ينعكس ايجابا على الداخل المتأثر بكل التداعيات المحيطة، بحلوها ومرها، وآخرها الازمة السورية، التي يؤمل ان يضع مؤتمر جنيف 2 الاطار العملي لحلها سلميا».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.