الكارثة الإنسانية في سورية سبقت قضية الزلزال…

جريدة البناء اللبنانية-

رنا جهاد العفيف:

التسيّب والعداوة، ومعاقبة الشعوب والدول التي لا تخضع للإدارة الأميركية، وتحديداً في ظلّ التعاون الإنساني في القضية الإنسانية، هي فعلياً تسمّى عملية تسويف، لتضليل الحقائق أولاً، ومن ثم التهرّب من مسؤولية الدعم، وهذا ما فعله الغرب والولايات المتحدة الأميركية تجاه الدولة السورية، جراء الزلزال المدمّر، ما حقيقة عملية التسويف هذه ولماذا؟
عندما تقول الولايات المتحدة الأميركية بين قوسين الكاذب المحترف، بأنّ ما يسمّى قانون قيصر والعقوبات الأحادية الجانب على سورية، تطال الدولة السورية فقط، فهي كانت تراوغ جملة وتفصيلة، والدليل يلامس الفضيحة الكبرى التي تذرّع بها الغرب على أرض الواقع، من خلال عدم استجابتها للقضية الإنسانية في سورية، فجاءت الكارثة الطبيعية وعرّت مزاعم الغرب وعلى رأسه واشنطن من الأكاذيب والخداع، وبأنّ مرج الحقائق الذي كان يخفي معالم الرواية الأميركية في قانون قيصر الذي ضاق ذرعاً في المواطن السوري الذي يعاني ويصرخ من ويلات الكارثة الإنسانية، والحصار الدولي الخانق على دولته وشعبه بالصوت والصورة التي تؤكد ما قالته الدولة السورية ودبلوماسسيّيها ومحلليها السياسيين، أنّ العقوبات لم تقتصر فقط على الدولة السورية وإنما على الشعب السوري أيضاً، كنوع من الضريبة او دفع ثمن التفافه حول قيادته وجيشه…
تحت وطأة الحصار الدولي تستغلّ واشنطن الحدث، وتلجأ إلى صناعة إعلامية عبر وسائلها الخاصة، وتقول إنها تريد مساعدة سورية ولكن؟ ولكن تحتها مئات الخطوط الحمر، لأنها تريد المساعدة عبر المنظمات الغير حكومية، إذ نفهم من هذا الحديث أنّ الولايات المتحدة لا تريد مساعدة سورية وشعبها، وهي تتملّص وتتنصّل من حقيقة الدعم والمسؤولية بشكل انسيابي واستعماري واستثماري لصالحها، وهذا لا ينطبق ولا يندرج ضمن منظومة العمل الإنساني الحقيقي، لا سيما أنّ هذه المنظمات التي تتحدث عنها، تستدعي عملاً طويل الأمد، وتحتاج إلى قرارات، حيث أنّ الكارثة بأول ساعتها لا تتحمّل مهيصة سياسية، أيّ تضييع للوقت، بقدر ما هي بحاجة إلى العمل المباشر، وإلى إجراءات مؤقتة لفتح جسر جوي مع مطار دمشق، لإيصال المساعدات الإنسانية.
في المحصلة سقطت الولايات المتحدة والغرب في هذا الاختبار الإنساني، كما سقطت معها كلّ الشعارات الإنسانية الخاضعة لما يُسمّى قانون قيصر، وبالتالي إنقاذ الضحايا في سورية من تحت ركام الزلزال المدمّر لا يحتاج إلى قانون الهيمنة والإمبريالية، إنما لمروءة الحسّ الإنساني، وواشنطن وبعض الأنظمة العربية انسلخوا عن المفهوم الإنساني ومزقوا ميثاق المنطق الإنساني في القانون الدولي، وبالتالي هذا عار على المجتمع الدولي واستطراد حقيقي بحقه، لطالما يكرّس ازدواجية معايير الغرب في الاختبار الإنساني.
أيضا لم تقتصر الكارثة الإنسانية على ازدواجية المعايير، وإنما على النفاق والكذب وبكلّ وقاحة وعلى مرأى العالم، يطلّ رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، الأكثر احترافية بالكذب ويدلي بتصريحات مدسوسة، ادّعى فيها أنه وافق على إرسال مساعدات إلى سورية التي ضربها زلزال عنيف، بعد أن طلبت دمشق ذلك عبر قنوات دبلوماسية، في حين سارعت الدولة السورية إلى نفي هذا الخبر فوراً بعد دقائق معدودة، حتى في السياق الإنساني تنساق كلّ من أميركا و»إسرائيل» وراء أكاذيبهم للفت انتباه الرأي العام! بينما الأمر واضح الأهداف والمساعي، أبرزها تركيع سورية، والضغط على الشعب السوري للضغط على دولته للانضمام إلى منظومة التطبيع، كما نعلم ما هي مشكلة كلّ واحدة منهما في ظلّ هذا الحدث التي تريد كلّ منهما النيل من سورية ومعاقبتها ضمن العمل السياسي والإنساني والعسكري، انتقاماً منها لأنها تدعم القضية الفلسطينية ورفضت التخلي عنها رغم كلّ العروض والإغراءات… والتهديات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.