اللامركزية المالية الموسعة.. كيف نفهمها؟

موقع العهد الإخباري-

د. زكريا حمودان:

طروحات عديدة يتم تداولها في الداخل اللبناني، الغريب في أمرها أنها تُطرح في الأوقات الخطأ بالرغم من صوابيتها. المؤسف اليوم أنَّ “النَفَس الوطني” يتحرك عند الاستحقاقات، مما يجعل تفسير البعض للأمور يظهر بطريقة غير مفهومة، فهل التركيز اليوم هو في الاستحقاقات الأساسية أو في المضمون الإداري والمالي؟

هنا أعود إلى الوراء قليلًا لأستعيد قصة العربة والحصان، فلبنان الذي يسير والعربة أمامه يبحث عن الفارس ليقود العربة ويضع الحصان أمامها، وهذا الأمر يثير الريبة حول نوايا البعض غير المفهومة وتحديدًا عند طرحهم لمشاريع بهدف تحقيق مشاريع أُخرى، على سبيل المثال لا الحصر موضوع “اللامركزية المالية الموسعة”.

اللامركزية المالية الموسعة

قبل الغوص في شرح مبسط للمفهوم الذي اعتبره الأنسب للواقع اللبناني، سأتطرق لفكرة أرددها دائمًا وهي: لا يوجد تفسير واحد لأي مفهوم واسع كمفهوم اللامركزية فكيف اذا كانت بشقها المالي؟

على المستوى المالي فإنَّ ما يساعد لبنان اليوم هو حجمه الصغير الذي يجعله ذا بُعد مركزي مهما تطورت فيه اللامركزية. إن مفهوم اللامركزية المالية ببساطته يعني إعطاء الإدارات المحلية عائدات مالية من جهة محددة، فمن تكون هذه الجهة؟ بالطبع إن الجهة المخولة إعطاء العائدات المالية للوحدات المحلية هي السلطة المركزية مع ضرورة أن تتمتع بمزايا عالية وتنتظم ضمن قانون سليم وعادل، بالتالي تكون النتيجة على الشكل التالي:

١- لدينا لا مركزية مالية في لبنان وهي مطبقة بحسب واقعنا الإداري والتنفيذي.
٢- لدينا أزمة في إدارة المال العام في الوحدات اللامركزية بحيث نفتقد للرقابة والتدقيق والتخطيط.

البلديات تُطبق اللامركزية المالية، فماذا يريد البعض؟

إننا في لبنان لسنا بعيدين عن اللامركزية المالية عبر عائدات محددة يتم توزيعها من عدد من الوزارات على المناطق اللامركزية والممثلة بالبلديات، بالرغم من سوء أداء جزء لا بأس به من البلديات. لكن ما يحصل اليوم هو دعوة مقنعة من البعض الى اللامركزية الموسعة لكن ضمن غطاء الاستقلالية المالية للإدارات المحلية على مستوى الجباية والصرف، لكن دون الغوص في تفاصيل المشاريع. على سبيل المثال لا للحصر، طرح أحدهم في مجلس خاص ومُصغر قضية اللامركزية المالية فقال ما يلي: نقوم بجباية خاصة في مناطقنا، ونتقاسم على قواعد واسعة بشكل متساوٍ ضمن قواعد تنطلق من الاستفادة من عدد السكان في جباية الاتصالات ولاحقًا الكهرباء عندما يتم خصخصتها وتصبح منتجة بالاضافة الى الثروة الوطنية الموعودة.

اليوم من المؤسف القول إنه يتم تشويه اللامركزية المالية لننطلق من قاعدة التوزيع العادل للثروات وصولًا إلى قاعدة جديدة قديمة وهي: ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم. مع التأكيد أنَّ القواعد هذه انتهت وأن المرحلة المقبلة من المؤكد أنها ستكون مرحلة التوزيع العادل والمتوازن للثروات على قاعدة كمية وبناءً على مؤشرات ترتبط بنسب الفقر، الانماء، عدد السكان، والمساحة الجغرافية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.