المعارضة الإنتخابية لخطة العمل الشاملة المشتركة

صحيفة الوفاق الإيرانية-

هادي محمدي:

وصف جوزيف بوريل للحديقة والجنة وغابة أوروبا والعالم وأن الغابة تسعى لإلحاق الضرر بالحديقة الأوروبية، هذا الوصف لم يقبله حتى شعب أوروبا وخاصة العالم يعارضونه في تفسيرهم العكسي في حياتهم الطبيعية، لأن هذه أوروبا والغرب هو الذي يتعدى ويطمع وينهب ثروات العالم، وقد ورثوا هذه البربرية من فترة سكنهم في الكهوف، عندما كان بقية العالم في عصر الازدهار والحضارة والتقدم والثروة، ويفخرون بالنهب والتعدي على الآخرين. بل ان هؤلاء الناس لا يرحم بعضهم البعض وفي كل موقف يظهرون حقيقة طبيعتهم في النهب و الوحشية.
في أوكرانيا، بدأوا الحرب حتى أصبحت العلاقة بين روسيا وأوروبا وسيلة لأمريكا لغزو أوروبا، وقاموا ببيع صادرات الغاز الأمريكية إلى أوروبا بأربعة أضعاف سعر الغاز الروسي. مع أزمة الطاقة والغذاء، أعادوا الناس الذين يعيشون في الجنة الى عصر الكهوف وحرق الحطب وفضلات الحيوانات، وبدّلوا الحياة الطبيعية للناس الى مشقة حتى تتمكن الشركات الرأسمالية الكبرى في الغرب من الحصول على عشرات المليارات من الأرباح من هذه الأزمة.

يجب البحث عن الرمز الأعلى للوحشية في أمريكا، والتي، داخل نفسها ومع الآخرين في العالم، هي بعيدة كل البعد عن السلوك السماوي والحضاري. إيران اليوم ليست فقط هدفاً لسياسات عدوانية وأعذار كاذبة، حتى أن البعض منها يفسّر تفسيراً أيديولوجياً. بل إن معظم دول العالم غاضبة عندما تعمل (أوبك بلاس) وحتى السعودية، وهي بقرتها الحلوب، ضد مصالح أهل (الجنة) في أمريكا، وسياساتهم اللاإنسانية وغير القانونية ازاء الانظمة الديكتاتورية التي يحمونها، وخلف كل اداءاتهم الكاذبة تكمن مصالحهم ونهبهم والأساليب الوحشية لسكنة الكهوف.

أثناء حكم الديمقراطيين في البيت الأبيض ثم خلال حكم الجمهوريين وترامب في أمريكا، كانت الاولوية عندهم تجاه الاتفاقية النووية وفحواها هي اعتماد نهج الإضعاف والتفضيل والسيطرة وممارسة الهيمنة، وفي أشهر المفاوضات مع إيران، سعوا فقط وراء فرص لتثبيت شروطهم وامتيازاتهم من جانب واحد، ولكن بسبب اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، والتي كان من المفترض أن تحقق فائدة انتخابية لهم، أصيبوا بخيبة أمل، وتوقفت المفاوضات وعملوا على تحريض داعش لاثارة الفوضى لكي يميل ميزان المفاوضات لصالحهم، وهو ما لم يحدث.

الآن، يواجه روبرت مالي مؤشرات انتخابية لصالح الجمهوريين، ولا يفيد أن يظهر الديمقراطيون أنفسهم لصالح مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، ومن أجل هزيمة المنافس، قاموا بتفعيل قضايا هادفة ضد ترامب مباشرة في الأسابيع الأخيرة قريبة من الانتخابات. ومع ذلك، كان من الممكن متابعة هذه القضايا والاتهامات الحقيقية لترامب بشكل أسرع، ولم يكونوا ليستخدموا أساليب وحشية ضد المنافس لأغراض انتخابية وان يبيعوا سمعة أهل (الجنة) الوهمية بالمزاد العلني بهذه السهولة. لكن أهدافهم الميكيافيلية تبرر الوسيلة.

يعلم روبرت مالي أنه مع الخسارة في الانتخابات، سيتبع الزوجان الحاكمان في أمريكا نفس الخط والنهج الذي اتبعه ترامب وإسرائيل، لكنهما سيظلان يواجهان ظروفًا غير مواتية، لأن الاوراق التي تلعبها ايران في مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة أو تحييد آثار خطة العمل الشاملة المشتركة والضغوط الجزائية من سكان (الجنة) الخيالية والمتدخلين في شؤون العالم شديدة التنوع والفاعلية. هذا يعني أن كلاً من روبرت مالي وبايدن وترامب وكل الجمهوريين الآخرين ليس لديهم خيار سوى التفاوض مع إيران، لأن الضرر الناجم عن عدم القبول لن يكون فقط في فقدان عناصر الضغط في خطة العمل الشاملة المشتركة، بل سيتنازلون عن الميدان في مستويات ذات اهمية استراتيجية اكبر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.