الموضوعية و المهنية في تغطية الشق العسكري للأزمة السورية

military-minutes-syrian-tank

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:
من ضمن الجوانب التي تشملها الأزمة السورية يبرز الجانب المهني و الصحفي، و تحديداً يبرز الشق المتعلق بتغطية الجانب العسكري من هذه الأزمة.
المؤسسات العربية في معظمها “تساهلت  واستسهلت” في تعاملها مع هذا الشق بدرجة تدعو إلى الرثاء والغضب.

فبرغم امتلاك هذه المؤسسات لإمكانات كبيرة في ما يتعلق بالتحقق من صدقية أي خبر يتعلق بالجانب العسكري، سواء عن طريق “المحللين العسكريين” أو عن طريق المصادر العسكرية الرسمية، إلا أن هذه المؤسسات وقعت في أخطاء قد يراها البعض غير مؤثرة، لكن يراها البعض الأخر ـ ممن يضعون المهنية و الموضوعية فوق أي اعتبار ـ أخطاء قاتلة لابد من التوقف عندها.

military-minutes-syrian-airplane

لعل أكثر خطأ تكرر خلال شهور هذه الأزمة وحتى هذه اللحظة هو تعريف عدد كبير من وسائل الأعلام العربي لطائرات “ال 39 الباتروس” ـ الخاصة بالتدريب المتقدم والتي استخدمها الجيش السوري في بدايات الأزمة لتفادي استهلاك طائراته المقاتلة ـ عرّفتها هذه الوسائل على أنها طائرات “ميج” أو “سوخوي”. لن يشكل فارقاً كبيراً أن يقال الاسم الصحيح لهذا النوع أو ذاك من الطائرات، لكن في نفس الوقت ما الضير من توخي الحذر المهني والموضوعية الصحفية؟

أيضاً من أمثلة هذه الأخطاء ما نقلته قناة “العربية” في بداية الأزمة عن حصولها على وثائق أمنية سورية بالغة السرية تشير إحداها إلى أن إسقاط مقاتلة الفانتوم التركية كان بصاروخ “غراد” سوري! لم تكلف العربية نفسها عناء التحقق من صدقية هذه الوثائق، التي من الواضح جداً أنها مزورة، لأنه ببساطة لم يعرف عن صواريخ “الغراد” أي قدرة على إسقاط أي نوع من أنواع الطائرات!
المثير للدهشة أكثر هو أنني حينها تنبهت لهذه الحقيقة وحاولت إخبار مدير موقع العربية ن بهذا الخطأ، فكان الرد من جانبه تهكمياً كما هو واضح في الصورة.

military-minutes-syrian-chemicals

كذلك نقلت عدة مواقع الكترونية إعلامية عربية صورة لأنابيب صغيرة قالت حينها أنها أنابيب تستخدم لنفث الذخائر الكيماوية، مع أن هذه الأنابيب الصغيرة ليست سوى “مهمات الكشف الميداني عن العوامل الكيميائية” والتي يتم تزويد كل جندي في الجيش السوري بها للكشف عن أي استخدام للمواد الكيميائية مثل غازي السارين و الخردل! ناهيك عن الخلط المستمر من جانب وسائل أعلام عربية عديدة مثل الجزيرة ما بين “البراميل المتفجرة محلية الصنع” التي تسقطها مروحيات المي 8 السورية والقنابل الجوية من نوعي “فاب” و”اوفاب” التي تسقطها القاذفات السورية. بل إن هذه الوسائل تجاهلت تماماً الإشارات والكلمات الموجودة على “صواريخ صقر” التي تم استخدامها في عدة مناطق في سوريا، والتي تؤكد أنها مصرية الصنع وأسهبت في وصف هذه الصواريخ بأنها “إيرانية”.

military-minutes-syrian-egyptianrockets
بعض هذه الأخطاء يصل في بعض الأحيان إلى حد مضحك جداً، فأحد الإعلاميين العرب نشر على صفحته صورة لدبابة “بانزر 4” ألمانية المنشأ كان يمتلكها الجيش السوري في الستينيات ودُمرت أثناء عدوان عام 67 و مازالت هياكل كثيرة منها موجودة في الجولان، نشرها على أنها “مدرعة سورية حديثة وصلت مؤخراً من روسيا والجيش الحر جعلها شاروما”!

military-minutes-syrian-tank
زميل آخر له وضع على صفحته صورة وكتب تحتها “بدء النظام السوري لأول مرة في استخدام طائرات الموستانغ الحديثة إيرانية الصنع والتي لم يسبق له استخدامها من قبل، تم تسجيل هذا الاستخدام في أجواء النبك في ريف دمشق ويعتقد أنها قامت برش غازات كيماوية”، و إذا أمعنت النظر في الصورة ستجدها لطائرة “موستانغ” الأمريكية التي كانت من الطائرات الرئيسية في الحرب العالمية الثانية!

الموضوعية والمصداقية هنا هي المحك وهي الأهم من أي سبق صحفي أو “فبركة” مقصود منها دعم هذا الطرف أو ذاك. الخطأ وارد بالطبع في أي وسيلة إعلامية، لكن تكراره وتجاهل أي محاولة خارجية لتصحيحه هو الشيء الأكثر إيلاماً في واقع إعلامنا العربي حالياً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.