اليمن: حرب أهلية أم حرب على الإرهاب؟

موقع إنباء الإخباري ـ
زينب حمود:
تشهد العاصمة اليمنية صنعاء سيناريو شبيهاً بذلك الذي حدث في سوريا إلى حد بعيد. فإذا كان المشهد اليوم يوحي بأن حربا أهلية تطرق باب اليمن، فما هي إلا أيام قليلة حتى تتضح الصورة، ويكشف عن مدى تورط تنظيم القاعدة في حرب طائفية ضد حركة أنصار الله. ولن تتوقف هذه الحرب لا بتسوية داخلية، ولا بتحقيق مطالب سياسية أو حقوقية، الحل مرهون بالتقارب السعودي الإيراني حول ملف اليمن ودول المنطقة.
وصلت نيران المعارك المشتعلة في الجوف إلى صنعاء. ما إن أعلنت أنصار الله عن سيطرتها على مديرية الغيل ومعظم مديريات الجوف، بعد إنسحاب الإصلاحيين منها، حتى أعلن الحرب على الحركة وعلى الإحتجاجات الشعبية التي تقودها.
وكما حصل في حرب العام أربعة وتسعين ضد جنوب اليمن، حين إستعان حزب الإصلاح بالأفغان العرب للإنتصار على جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، يشارك تنظيم القاعدة، أو أنصار الشريعة، فلتسمِّ التنظيم الإرهابي كما شئت، بالحرب ضد الحوثيين. المؤشرات على ذلك بدأت منذ حادثة ذبح أربعة عشر حنديا من أبناء عمران على الطريقة الداعشية، واليوم التنظيم الإرهابي أعلن بشكل واضح ومباشر حربه على الحوثيين، من خلال مقطع فيديو تناقلته وسائل إعلامه.
المقطع يظهر رجل القاعدة الأول في اليمن جلال بلعيدي وهو يحذر المشاركين في الإعتصامات السلمية في صنعاء، وأكد أن حربهم المفتوحة ضد أنصار الله بدأت، وأن نيران الحرب تلك لن تسلم منها الحكومة اليمنية التي سمحت لأنصار الله بالتمدد جغرافيا وتوسيع نفوذها. كما يظهر المقطع أيضا قيام مسلحي التنظيم بإحراق محلات تجارية يمتلكها حوثيون، إضافة إلى إقدام أحدهم على إعدام حوثي في مدينة رداع اليمنية أمام الملأ.
ولا تنتهي المؤشرات بإشتعال المعارك في قرية القابل ومنطقتي شملان والمحجر في صنعاء بين أنصار الله والإصلاحيين. الإشتباكات وصلت إلى مبنى جامعة الإيمان، المُصَدِّر الرئيس للعقول التكفيرية في اليمن، وإلى محيط مبنى قناة اليمن الحكومية. وفيما يحاول الطرفان التسويق لإنتصاراتهم العسكرية على وسائل الإعلام، تؤكد مجريات الأحداث على الأرض ترجيح الكفة لأنصار الله. وإذ أكدت الحركة أنها لا تسعى إلى إسقاط صنعاء، إلا أنها مجبرة على حماية نفسها من دواعش الإصلاح حد وصفها.
وصف دواعش الإصلاح لطالما إستخدمته أنصار الله في بياناتها السياسية وفي تصريحاتها وفي خطاب زعيمها السيد عبد الملك الحوثي.
وفي هذا الإطار لا يخفى على أحد علاقة حزب الإصلاح اليمني بتنظيم القاعدة، الأمر الذي يؤكد تورط التنظيم الإرهابي في الحرب، إذ كشف النقاب عن تورط الحزب الإخواني، بإيعاز من السعودية طبعا، في تسليح مجموعات تكفيرية تَدرُس الفكر الوهابي في جامعة الإيمان وعدد من المعاهد الإسلامية.
وانتشرت غير مرة صور لقياديي الإصلاح مع قادة تنظيم القاعدة في اليمن، إضافة إلى فضائح إنخراط عدد من القاعدة في صفوف الجيش اليمني. ليس هذا فحسب، زيارة الشيخ يحيى الحجوري، المعروف بفتاواه التكفيرية، إلى محافظتي عدن وأبين جنوب البلاد، وإلقاؤه محاضرات تؤكد وجوب “الجهاد” ضد أنصار الله، يؤكد الفكر الذي يحمله إخوان اليمن، وسعيهم للتعبئة ضد الحركة.
وفي سياق التعبئة للحرب، أكدت مصادر أمنية أن مئات المسلحين التابعين للتنظيم الإرهابي تسللت إلى صنعاء إستعدادا للمعركة. واللافت في المعلومات المسربة، هو أن العشرات منهم تمركزوا في محيط منزل القيادي الإخواني علي محسن الأحمر الذي استأجر لهم منازل بغرض حمايته، وتغطية هروبه خارج العاصمة، في حال تدهورت الأوضاع الأمنية هناك.
من جهة ثانية، يبدو أن السعودية هي الراعية الأولى لهذه الحرب، بالتعاون مع حزب الإصلاح وأجنحته العسكرية الإرهابية. إذ بعد أن تضمنت لائحة الإرهاب الصادرة في المملكة، الإخوان المسلمون، أكدت معلومات صحافية أن الرياض استبعدت إخوان اليمن من اللائحة، بشكل سري.
هكذا تجتمع عدة أطراف لمحاربة أنصار الله، الجيش اليمني، أو بالأحرى الألوية الموالية للإصلاح، ميليشيات حزب الإصلاح اليمني، وفرع تنظيم القاعدة المدعوم من حزب الإصلاح. أما أنصار الله التي أعلنت الحرب سلميا، لم تقفل الباب على الحرب العسكرية، إذا اعتدى عليها الطرف الآخر، وهي تعول على الإنجازات العسكرية التي حققتها في عمران والجوف. وتدرك الحركة تماما اللعبة الإقليمية، ودورها كورقة ضغط على الطرف السعودي، وهي اليوم تلعب هذا الدور بنجاح. وما ستؤول عليه الأمور رهن ما سيطبخ في كواليس السياسة الإقليمية والدولية.