اليمن وفلسطين.. تضامُنٌ لا ينكسرُ في ظل الحرب الإعلامية والنفسية

صحيفة المسيرة اليمنية-

حسام باشا:

ماذا لو كان هناك شخص يعرفه الناس بأنه مختلّ عقليًّا، مجنون، يقابلك كُـلّ يوم، ويدَّعي بصوت عالٍ أنه دجاجة، وأننا جميعاً دجاج؟ هل ستهدر وقتك وطاقتك في محاورته بالحجّـة والبرهان، وإثبات حقيقة أننا بشر لا دجاج؟ هل ستنزع له ملابسه وتريه أنه لا يحمل ريشاً ولا ينتج بيضاً؟ أم ستتجاوزه بحكمة وتتناسى هراءه وتركز على ما هو أولى وأجدى بعنايتك؟

إن العقل السليم يدعوك إلى اختيار الخيار الأخير، فليس من منفعة في الخوض في نقاش مع من أعمى عينيه عن الحقيقة، ولا جدوى من الحوار مع من يرفض أن يستمع إلى العقل؛ فالمجنون -يا رعاك الله- لا يدرك ما ينطق، ولا يفهم ما يسمع، ولا يمكن أن يكون مقياساً للحق والباطل، أَو للواقع والمنطق؛ فهو يسكن في عالم آخر بعيداً كُـلّ البعد عن عالمك، والانسياق وراء كلامه والاشتباك معه هو أسوأ طريقة للتعامل معه، فبذلك تمنحه أهميّة أنت في غنى عنها.

هذا هو حال ذلك المرتزِق في وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يعرفه الناس بالخيانة، ولكنه يتظاهر كُـلّ يوم أمامنا بأنه مدافع عن الحق والعدل، وأنه يقاتل؛ مِن أجل الحرية ويطمح إلى تخليصك من ظلم واستبداد ليس لك فيه نصيب إنما له ولمشغليه، ويستخدم كُـلّ الوسائل والحيل المكشوفة للناس لإغرائهم وتحريف حقيقة أنصار الله والشعب اليمني الذي يقف مع غزة بروحه ودمه.

في الآونة الأخيرة، شهد قطاع غزة أبشع حصار وعدوان من قبل الكيان الصهيوني، الذي لا يعرف الرحمة ولا الإنسانية، وفي وسط هذه المحنة الكبرى، التي لا زالت مُستمرّة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، تألق اليمن وشعبه بموقفهم النبيل والمشرف في الوقوف إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين المجاهدين في القطاع، متخطياً كُـلّ العراقيل والمكائد، لكن هذا الدور الرائد لليمن وشعبه لم يحظ بالتقدير والاحترام من بعض الخونة، الذين باعوا أنفسهم وأمتهم لدول التطبيع مع العدوّ الصهيوني، فسعوا إلى التنقيص من أهميّة وقيمة هذا الدور، والتشهير باليمن وقيادته الوطنية في صنعاء، التي كانت في طليعة الحركة العربية والإسلامية في نصرة القضية الفلسطينية، وتولت مسؤولية مواجهة الكيان الصهيوني بكل بسالة وعزيمة.

هذه المحاولات البائسة لا تمثل إلا حالة العمالة والذل التي يغرق فيها هؤلاء المأجورون، ولا تؤثر في مكانة اليمن وشعبه في قلب الشعب الفلسطيني والأمَّة العربية والإسلامية، وتدخل في إطار الحرب الإعلامية والنفسية التي تقودها عبر أذيالها المأجورة دول التطبيع العربي، لا على اليمن والشعب اليمني وحدهم، بل على محور المقاومة في المنطقة؛ بهَدفِ تشويه صورتهم وتحطيم معنوياتهم وتفكيك صفوفهم وإضعاف مقاومتهم، ولهذا السبب، فَــإنَّ الرد الأنسب على هذه المحاولات هو في كشف الحقائق للرأي العام العربي والإسلامي، وتسليط الضوء على دور اليمن ومحور المقاومة في الدعم والتضامن مع شعب فلسطين.

في الحقيقة، يبرز دور اليمن الريادي والفاعل في التضامن والدعم الكبير لشعب فلسطين في غزة، وذلك على مستويات متعددة ومتنوعة، فمن جهة، يتميز الشعب اليمني بتضامنه ووحدته مع شعب فلسطين ومقاومته الشريفة، ويظهر ذلك بشكل واقعي وملحوظ من خلال إقامة مسيرات حاشدة تغزو الشوارع والميادين في كُـلّ ربوع البلاد، وتحمل شعارات ولافتات تستنكر العدوان الصهيوني وتدعو إلى إيقافه وفك الحصار عن غزة، وتؤكّـد على حق فلسطين في الحرية والاستقلال، ومن جهة أُخرى، يلعب اليمن دوراً عسكريًّا مهماً في دعم شعب فلسطين، ويبرهن على ذلك بشكل عملي وفاعل من خلال إنجازات وإجراءات عدة، تتمثل في منع مرور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، ومهاجمتها وتدميرها في حال حاولت الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية، وذلك بفضل القدرات البحرية التي يتمتع بها الجيش اليمني، والتي أحاطت الكيان الغاصب بحصار بحري وألحقت به خسائر اقتصادية ضخمة، بالإضافة إلى شن الهجمات الصاروخية على الاحتلال الصهيوني، وخُصُوصاً على مدينة أم الرشراش، وذلك بواسطة الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيَّرة، والتي ألقت الرعب والفزع في نفوس الصهاينة وأرغمتهم على الهروب والاختباء في الملاجئ.

وعلى الجانب الآخر، فَــإنَّنا لا نحتاج إلى الخوض في مناظرات وحوارات مباشرة مع تلك العناصر المأجورة التي تحاول التقليل من أهميّة ومكانة اليمن في القضية الفلسطينية، فهي مُجَـرّد مضيعة للوقت والطاقة؛ لأَنَّ هذه العناصر ذاتها مَن تتغاضى عن معاناة الشعب الفلسطيني، وتتحدث بما يرضي مموليها ومن يدير شؤونها.

وبهذا نختم بالقول إن اليمن وفلسطين في غزة هما رفيقان وفيان ومخلصان في المقاومة ضد العدوّ الصهيوني وحلفائه من التحالف السعوديّ الإماراتي ودول الخيانة، وإن اليمن يلعب دوراً مشرفاً ومحترماً وفعالاً في دعم شعب فلسطين في غزة، ولا يمكن لبعض العملاء الذين يطبقون تعليمات مموليهم ومشغليهم أن يقللوا من قيمته أَو يسخروا منه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.