حزب الله ومنتقدوه

hezbollah-fighters

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

انطلقت الموجة الأخيرة من الحملات المستمرة التي تستهدف حزب الله ، بإشارة من الرئيس الأميركي باراك أوباما ،و تبعتها هجمة شرسة على سمعة الحزب و بعض أنصاره في الولايات المتحدة ، بينما تتواصل المساعي الأميركية الإسرائيلية الممولة من حكومات الخليج ،لملاحقة الحزب ووسائل إعلامه في أوروبا وغايتها ، هي نفسها ، منذ انتصار العام 2000 ، إلصاق تهمة الإرهاب بالمقاومة التي حررت الأرض اللبنانية من الاحتلال و أقامت منظومة دفاع وطني و قوة ردع بالشراكة مع الجيش و الشعب فألحقت الهزيمة بالحرب العدوانية التي قادتها الولايات المتحدة عام 2006  ، من خلال تحالف عالمي خليجي كبير ، هو نفسه الذي يقود الحرب الكونية على سوريا ،بعدما خلعت حكومتا تركيا و قطر أقنعة الدور المستعار في الخديعة الكبرى.

أولا إن الاطراف اللبنانية المشاركة راهنا في الافتراء على حزب الله و سمعته السياسية ،هي ذاتها التي أقامت احلاما كبيرة في بداية الأحداث السورية ،و هي الجهات التي صدقت وعود جيفري فيلتمان  و مواعيده المتلاحقة لإسقاط الرئيس بشار الأسد طيلة عامين من الكذب المتواصل ، و الأوهام المتدحرجة و كانت تلك الأطراف اللبنانية المعروفة و المكتومة ، مثارة و متوهجة في ترقبها السقوط السوري الموعود للانقضاض على حزب الله ، و هنا بيت القصيد.

بينما تحول بعض كبار المسؤولين اللبنانيين إلى وعاظ في الديمقراطية و التحول الديمقراطي و في إسداء النصائح للرئيس بشار الأسد ، نسج كل من سمير جعجع و سعد الحريري ، طيلة عامين كاملين خيوط وهم ترشيح قائد القوات اللبنانية لرئاسة الجمهورية و عودة زعيم المستقبل إلى لبنان برفقة مندوبه التسليحي عقاب صقر عبر مطار دمشق الدولي حيث تخيل الحريري بكل ما لديه من قدرة استقبالا رئاسيا يتقدمه عبد الحليم خدام و معاملة لائقة بمن مول و سلح و جند كل إمكاناته في خدمة مرتزقة الناتو و تكفيريي القاعدة  و النصرة و شتى مصنفات الهمجية التي يديرها ضباط الاستخبارات الأميركية و الخليط الخليجي الأطلسي المشارك في قيادة العدوان من تركيا .

كان في تصورالحريري و جعجع أن ساعة التخلص من حزب الله و من المقاومة التي فشل المشغلون الكبار في النيل منها في حرب تموز سوف تحل أخيرا هذه المرة بعد سقوط سوريا ،و تلك هي الحقيقة التي يتذاكى الحريريون و الجعاجعة في محاولة سترها بعد الفشل ، تماما كما يفعلون في الصراخ  و الشكوى من تدخل مزعوم لحزب الله في سوريا .

ثانيا  كان حزب الله صريحا و كانت قيادته شفافة في التعامل مع الأحداث السورية و قد صارح قائد المقاومة شعبه بأن مناصرين للحزب في حوالي ثلاثين بلدة داخل سوريا يقطنها لبنانيون ( لا يهتم جعجع لأمرهم رغم انهم خليط طائفي على شاكلة لبنان الفريد ) يشاركون في لجان شعبية لحماية البلدات و المقيمين فيها من مجازر مرتزقة عصابات التكفير و عملاء الناتو و لصوص ائتلاف الدوحة ، كما بات من المصرح به تواجد متطوعين لبنانيين في الدفاع عن بعض المقامات الدينية ، و لكن السؤال ماذا سيفعل تيار المستقبل ليطمس قصة البواخر المحملة بالسلاح التي أنزلت حمولاتها في طرابلس و هربت إلى سوريا برا و في زوارق الصيادين و ماذا سيفعل ليمحو أسماء ضباط المعلومات الحريريين الذي ذهبوا إلى غرف عمليات الإرهاب و القتل في داريا و باب عمرو وجبل الزاوية و غيرها  و كيف يتخطى حقيقة شبكات الاتصالات و الشبكة الخليوية الثالثة التي اشرف زعيمه شخصيا على وضعها بتصرف عصابات الإرهاب في سوريا و ماذا عن الضباط الحريريين الذين توجهوا إلى تركيا و واكبوا إنزال الأسلحة و الصواريخ و الإرهابيين من البواخر القادمة من ليبيا ، و المارة بمصر، و ماذا سيفعل تيار المستقبل ليمحو ذكر معسكرات التدريب التي تحدث عنها وزير الداخلية في جرود عرسال وعكار و إمارات التكفير القائمة تحت إبط المستقبل في الشمال و إمارة سجن رومية التي حرسها الضباط الحريريون في قوى الأمن الداخلي  و ماذا عن أفواج طرابلس و قائدها عميد حمود و حشد المقاتلين من لبنان بإشراف النائب خالد الضاهر و النائب معين المرعبي المطلوب نزع الحصانة عنه حديثا ؟.

تطول قائمة الشواهد منذ آذار 2011 عن تدخلات المستقبل الهجومية و العدوانية في سوريا و غالبا بحماية و تغطية النأي الذي جعلت منه الحكومة المستقيلة عباءة  لكل أنواع التدخل الحريري الخليجي الأطلسي و تعطيلا لجميع الاتفاقات الثنائية السارية بين سوريا و لبنان .

ثالثا الحرب على سوريا هي حرب على المنطقة و على الأمة العربية بالمعنى القومي و هي حرب على تيار المقاومة في كل مكان من الشرق بالمعنى السياسي و الاستراتيجي و الانخراط في الدفاع عن سوريا هو واجب قومي و المسارعة لنجدة سوريا بشتى السبل هي اعتراض حاسم لطريق مخطط يراد له ان يشمل لبنان و يقضي على النسيج الوطني اللبناني بسكاكين الغدر و الفتنة كما يراد منه شطب المقاومة و رد لبنان الضعيف المستباح من إسرائيل .

سلك حزب الله طريق الاحتواء و الصبر في وجه جميع المحاولات الخبيثة لإشعال الفتنة  و اعتمد أسلوب الدفاع السلبي رغم قدراته النوعية حرصا على الحد الأدنى من الاستقرار اللبناني فتجنب الاحتكاكات                و ابتعد عن المناكفة و صمت على التورط المكشوف في سوريا لجميع من يهاجمونه و يضمرون له الشر كل ساعة بلا حياء او وجل فحمى البلاد من الفتنة بالتعالي على الحملات الفاجرة و بثقافة الصبر على الاستفزاز و الاعتداءات الفظة و هي الثقافة التي عممها في جمهوره و مناصريه و نجح نسبيا في ضبط ذلك الجمهور بجرعات من الوعي منذ خطاب السيد نصرالله الذي أعقب جريمة أعزاز المتمادية التي نظمتها المخابرات التركية و القطرية و تواطأ فيها تيار المستقبل .

لم يتعامل حزب الله واقعيا في خطابه السياسي مع الأحداث السورية من الزاوية المصيرية التي تستحقها  و لم يصدر موقفا حازما يتناسب مع طبيعة العدوان و أهدافه إلا بعد انقضاء أشهر عديدة على اندلاعها و هو كان يداري بذلك الكثير من الحساسيات اللبنانية و الالتباسات التي واكبت تلك الأحداث و صورتها الإعلامية المضللة كما  اعطى وقتا غير قصير لخيار الاحتواء و الحوار و الوساطة مع بعض الأطراف السورية المعارضة التي حثها على الحوار و إلقاء السلاح و دعاها صادقا إلى فك الارتباط بالحلف الأطلسي و المخططات الأجنبية دون جدوى .

ما يزال حزب الله مداريا بحرص شديد لجميع الحساسيات و التناقضات على الرغم من احتشاد خصوم المقاومة خلف خطة تخريب سوريا و تربصهم بانتظار فرص الانقضاض على الحزب للتخلص منه عبر استدراج حرب إسرائيلية جديدة يشاركون فيها هذه المرة لتعويض  النقص الذي بينه تقرير فينوغراد في تبريره لهزيمة إسرائيل بغياب قوى 14 آذار عن مسرح العمليات بالطعن من الخلف في الداخل اللبناني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.