حسابات على «تويتر» تتبنّى التفجيرات… أين مكتب «جرائم المعلوماتيّة»؟

twiter - saray marwan- irhab

صحيفة السفير اللبنانية –

دجى داود :

بعد التّفجير الذي استهدف السّفارة الإيرانيّة في بئر حسن (19/11/2013)، ظهر حساب على موقع «تويتر» للشّيخ سراج الدّين زريقات، القيادي في «كتائب عبدالله عزّام». عبر ذلك الحساب، تبنّى زريقات التفجير، متوعّداً «حزب إيران في لبنان» بالمزيد. افتتح زريقات بذلك عهد تبنّي العمليّات الإرهابيّة على موقع التدوينات القصيرة، إذ تبعته إلى ذلك التقليد حسابات «جبهة النصرة في لبنان»، و«سرايا مروان حديد»، و«كتائب عبدالله عزام»، وصولاً إلى تبني «جبهة النصرة» التفجير الانتحاري الإرهابي الذي استهدف الهرمل، أمس الأوّل.

إلى جانب تبنّي التفجيرات الإرهابيّة، تتولّى تلك الحسابات التحريض الطائفي، والحضّ على الإرهاب. وذلك ما يطرح تساؤلات عدّة حول دور الأجهزة الأمنيّة في تعقّبها، وملاحقة القيّمين عليها.

لا تعطي رئيسة مكتب «مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في لبنان» الرّائد سوزان الحاج إجابةً واضحةً حول الموضوع. لكنّها تؤكّد أن المكتب يتحرّك بناءً على استنابات قضائيّة محالة إليه، وتقول في حديث لـ«السّفير»: «لم تتمّ إحالة أي شكوى من القضاء إلى المكتب بخصوص أي عمل إرهابي أو حسابات متطرّفة».

لا يلاحق مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية إذاً أي حسابات متطرّفة، أو على الأقلّ، فإنّه لم يفعل حتى الآن. ترجّح الرائد الحاج أن يكون سبب عدم إحالة أي استنابة قضائيّة للمكتب حول حسابات المتطرّفين، هو وجود قسم مكافحة الإرهاب أو لوجود شعبة المعلومات المتخصصة بهذه الجرائم. لكنّها توضح أنَّ المكتب كونه ضابطة عدليّة، يمكنه أن «يبلّغ القضاء بوجود جريمة ضمن نطاق اختصاصه، لسؤاله عما يريدنا أن نفعل».

تفضّل الرّائد الحاج عدم التّوسّع في الحديث: «لا أستطيع التّحدث بكل المواضيع، لكنّنا لا نهمل القضايا، و80 في المئة من عملنا يؤدّي إلى نتائج إيجابيّة». ولكن هل يمتلك المكتب الإمكانيات اللازمة لملاحقة المتطرّفين في الفضاء الإلكتروني؟ علماً أن ذلك صعب بالمبدأ، خصوصاً على موقع «تويتر»، الذي يتيح لمستخدميه عدم الإفصاح عن مكانهم الجغرافيّ، بالإضافة إلى «برامج التّخفي» المستخدمة لإخفاء المكان الجغرافيّ الأصليّ. تؤكّد رئيسة مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة أن «هناك برامج خاصة يستعملها المكتب لتلك الغايات، منها ما برمجه المكتب بنفسه». لكنّها تعود وتؤكد أن «سبب عدم القدرة على الوصول إلى المعلومات كافة على وسائل التّواصل الاجتماعي من «فايسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» وغيرها، هو وجود مراكز هذه المواقع (servers) خارج لبنان، بالإضافة إلى اتّباعها قوانينها الخاصة، لكونها شركات خاصة، ما يجعلها غير محكومة بقوانين الدول، بالإضافة إلى أنّ لبنان لم ينخرط في معاهدات العالم السّيبيري».

صعوبة الوصول إلى المعلومات كاملةً من «حكومات الإعلام الجديد»، ليست التحدّي الأكبر أمام مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة. ففي وقت لا يتدخّل المكتب في ملاحقة حسابات تتبنّى التفجيرات الإرهابيّة، يستمرّ باستدعاء صحافيين وناشطين ومدوّنين إلى التحقيق، كان آخرهم المدوّن جينو رعيدي للتحقيق. وفي منصّات الإعلام الجديد، انطلقت دعوات للمكتب لعدم المسّ بحريّة الرأي والتعبير، والتّركيز على «وظيفته» الحقيقيّة بكشف جرائم المعلوماتيّة وحماية الملكيّة الفكريّة، وصولاً إلى حدّ وصفه «بمكتب القمع اللبنانيّ».

ترفض الرائد سوزان الحاج في حديثها لـ«السّفير» هذا الكلام، وتؤكّد أنَّ المكتب لا يستدعي أحداً بسبب الشّتائم على الإنترنت، «إنَّما يكون هناك شكوى قضائيّة محالة من النّيابة العامة إلى المكتب، تضمّ جرم قدح وذم على وسائل التّواصل الاجتماعي مثلاً». وتقول: «لم نستدعِ أي شخص بسبب رأيه»، وتضيف أنّ «أي شكوى ليست سخيفة، وقد يكون موضوعها مؤثّراً على حياة الشّاكي، فلا يمكننا إهمال أي مواطن».

تتحدث الحاج عن القضايا التي تندرج في إطار عمل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة، كعمليات الاحتيال على الشّركات وتحويل الأموال لغير وجهتها، وانتحال صفة أشخاص في الشأن العام والابتزاز المادي، والدعارة الألكترونيّة، والقمار وتبييض الأموال، بالإضافة إلى مراقبة تطبيقات قد تضمّ أموراً تجسسيّة والعمل على إيقافها كـ«واتساب أوفلاين»، والتّطبيق الذي سرّب داتا النّافعة، وتشير في هذا السّياق إلى أن قضايا القدح والذّم لا تشكِّل إلا جزءاً بسيطاً من عمل المكتب.

يتوسّع النّقاش وتكثر الأسئلة حول صلاحيّات «مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية»، عند كلّ قضيّة تمسّ بحريّة الفضاء الإلكتروني، من دون أن يعرف اللبنانيون ما هي اختصاصات المكتب بالتّحديد. لكنّ سوازن الحاج تشدّد على أن «مكتب مكافحة جرائم المعلوماتيّة يحدّ من الجريمة وليس من حريّة النّاس»… كلامٌ لا يلغي حقيقة أنّ المكتب لا يعمل على ملاحقة حسابات تتبنّى بشكل مفضوح، ارتكاب جريمة القتل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.