دقائق عسكرية: استراتيجية المحاور الأربعة السعودية الجديدة في سوريا

military-minutes-syria-saudirockets

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:

باتت ملامح الأستراتيجية السعودية العسكرية الجديدة فى سوريا واضحة وضوحا تاما بشكل يجعلنا نحددها في أربعة محاور تحدثت عن بعضها سابقا، هذه المحاور هي:

– السلاح الباكستاني
– تسخين جبهتي الأردن والساحل
– الهبة العسكرية السعودية للبنان
– التاو الأمريكي

بالنسبة للمحور الأول والثاني: تحاول السعودية الآن تنفيذ استراتيجية نفذتها سابقا في سوريا وأثبتت فشلها نتيجة لسوء الإدارة، حين أبرمت صفقة كبيرة مع أوكرانيا اشتملت على مجموعة من الصواريخ المضادة للدروع والمضادة للطائرات ودانات الهاون والقنابل اليدوية وقاذفاتها والمدافع عديمة الأرتداد.
هذه الصفقة تم تسليمها إلى مجموعات معارضة مسلحة على الأرض، ولكن لم تتم الأستفادة الفعالة منها نظراً لأسباب عديدة أهمها سوء تخزين هذه الأسلحة و عدم خبرة مستخدميها.
الآن تحاول السعودية إنشاء نقطة تحشد على الحدود السورية ـ الأردنية يتم فيها تدريب عدد كبير من المقاتلين على تكتيكات حرب العصابات وعلى عدة انواع من الأسلحة الباكستانية مثل الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة بجانب صواريخ “أنزا” المضادة للطائرات والتي يصل مداها إلى 4000 متر وتتميز بدقتها البالغة. أيضاً من ضمن هذه الأسلحة صواريخ “باكتار-شيكان” وهي النسخة الباكستانية من الصاروخ الصينى “اتش جاي 8” والذي كان قد ظهر خلال المعارك في سوريا. النسخة الباكستانية يتجاوز مداها 5000 متر وتتميز أيضاً بدقة كبيرة وإمكانية استخدام جهاز تهديف ليزري لزيادة احتمالية الإصابة.

قد لا تمثل هذه الأسلحة إضافة مهمة أو نوعية لكن أهميتها تكمن في أن السعودية، بمشاركة أمريكية، تشرف على تدريب أطقم مختارة عليها لتنفيذ مهام محددة وخاطفة قد يكون من بينها محاولة تدمير مقاتلات الميج 29 والسوخوى 24 المتوفرة لدى سلاح الجو السورى ومحاولة إكمال مسلسل استهداف رادارات الدفاع الجوي السوري والذى توقف في حلب.
كل ما سبق يضاف إلى المهمة الأساسية وهي محاولة تطوير الهجمات المعارضة مرة أخرى في اتجاه الساحل السوري وفي اتجاه دمشق لمحاولة تشتيت المجهود العسكري للجيش السوري وإحداث اختراقات مهم وربما السعي إلى إقامة ما يشبه “منطقة عازلة” بين الجولان السوري المحتل وباقي أراضي سوريا في اعادة لسيناريو سعد حداد وجيش لبنان الجنوبي.

بالنسبة للمحور الثالث: تحاول السعودية في هذا المحور الضغط على كل من سوريا وحزب الله من لبنان عسكرياً، وذلك باستخدام الهبة التي تعتزم تقديمها إلى الجيش اللبناني استخداما بعيداً كل البعد عن السبب المنطقي لهذه الهبة وهو “حماية لبنان”. صحيفة السفير اللبنانية أبرزت تفاصيل مهمة حول الزيارة الأخيرة لرئيس الأركان الفرنسي إلى الرياض والتي فيها تم الاتفاق على الخطوط العريضة لما يتعلق بالشق الدفاعي في الصفقة اللبنانية ـ الفرنسية. يبقى الخلاف هو على الشق الهجومي، حيث تحاول فرنسا أن تتجنب إثارة غضب إسرائيل وبالتالي تتحفظ على بعض الأسلحة التي تريد السعودية من فرنسا أن تزود بها الجيش اللبناني، ولعل أهمها صواريخ “ميسترال” المضادة للطائرات ومروحيات الغازيل القتالية. السعودية ربطت ما بين استكمال عقودها مع فرنسا وبين تزويد فرنسا للبنان بهذا الصواريخ و المروحيات. وعلى ما يبدو فإن السعودية تريد للجيش اللبناني أن يشكّل بهذا التسليح ما يشبه “منطقة جوية عازلة” تمنع الطيران السوري من اختراق الأجواء اللبنانية. فرنسا حتى الآن لم تظهر موافقة واضحة على تزويد لبنان بهذه الصواريخ وأبدت فقط موافقتها على مروحيات الغازيل دون تزويدها بصواريخ مضادة للدروع.

المحور الرابع :
شرعت المملكة العربية السعودية منذ أواخر العام الماضي فى سلسلة صفقات تسليحية “لا يوجد لها معنى استراتيجي محدد” مع عدة دول من بينها الولايات المتحدة والسويد والمملكة المتحدة، تمحورت كلها حول الصواريخ المضادة للدروع. أكبر هذه الصفقات كانت صفقتين مع الولايات المتحدة تبلغ قيمتهما الإجمالية أكثر من بليون دولار لشراء أكثر من 14 ألف صاروخ مضاد للدروع موجه سلكياً من نوع “تاو” بجانب أسلحة أخرى. جلّ هذ الأسلحة سيكون من نصيب الحرس الوطني السعودي بجانب أكثر من 1500 صاروخ تاو لصالح قوات المشاة الملكية السعودية.

التساؤل المهم هنا هو: لماذا تشتري السعودية الآن هذه النوعية من الصواريخ، خصوصا أنها تمتلك مخزوناً ضخماً جداً من الصواريخ المضادة للدروع يقدر بأكثر من 4 الآف صاروخ حسب تقديرات غربية؟
إستراتيجيا لا يوجد أي داعٍ لتكديس مثل هذه النوعيات في المخازن السعودية، خصوصا وأن المملكة ليست في حالة حرب حالياً.
العنوان الأبرز هنا قد يكون “ترقبا لمواجهة محتملة مع إيران” لكن من وجهة نظري الخطة تختلف تماماً عن ذلك.

يبدو أن الهدف الرئيسي من هذه الصفقة وغيرها هو تجديد المخزون السعودي، حيث توجد نية لتزويد المعارضة السورية بالنسخ المتقادمة من مضادات الدروع فيه لمحاولة إحداث “خلخلة” ميدانية تسمح لقوات المعارضة ـ أو على الأقل الجانب الموالي للسعودية منها ـ بتحقيق انتصارات سريعة خصوصاً على الجبهة الغربية التي تتقدم فيها القوات السورية بشكل قد لا يسمح لقوات المعارضة بأي فرصة للهجوم مستقبلاً.

هذه الفرضية تتعزز إن وضعنا في الاعتبار حقيقة أن السعودية زودت سابقاً المعارضة السورية بأعداد متنوعة من مضادات الدروع التي تم شراؤها من كرواتيا وأوكرانيا ودول يوغسلافيا السابقة وأرسلت عبر الحدود الأردنية، مثل صواريخ آر بى جى 29 والكونكورس والكورنيت، بالإضافة إلى صواريخ اتش جي 8 الصينية.
فعلياً تم تسجيل أول ظهور لصواريخ التاو في سوريا في إحدى الصور التي تظهر أحد قتلى المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية.
نستطيع أن نضع هذا المحور أيضاً ضمن المجهود السعودي لإنهاء القوة الباقية في الكتائب المدرعة السورية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.