دقائق عسكرية: تحليل للموقف العسكرى الروسى فى شبه جزيرة القرم

cremia-russian-soldiers

  موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:

قبل أي شرح لا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة جداً في هذا الصراع وهي أن القيادة الروسية وحتى فجر امس لم يكن لديها أي رغبة في توسيع إطار الصراع بينها وبين حكام أوكرانيا الجدد، لكن الهجوم الذي حدث فجر أمس على مبنى وزارة الداخلية الإقليمية في شبه جزيرة القرم من قبل عناصر قدمت من كييف جعل من وجهة نظري لزاماً على القيادة الروسية توفير تأمين أكثر للمواطنين الروس.

عملياً فإن مفتاح النجاح في هذا التحرك العسكري الروسي كان السرعة التي تم بها، استباقا لأي إجراءات أوكرانية مضادة، مشاة أسطول البحر الأسود الروسي معززة بمروحيات مقاتلة وطائرات نقل استراتيجي وناقلات جند برمائية وشاحنات وقطع بحرية أنجزت انتشاراً ناجحاً وسريعاً في مناطق عديدة من شبه جزيرة القرم في وقت قياسي، انتشرت هذه القوات في عدة مدن أهمها مدينتا سمفروبل عاصمة الأقليم ومدينة سيباستوبول. تم تأمين مقر البرلمان في سمفروبل بجانب السيطرة على قاعدة جوية ومطار مدني ومدرجىن عسكريين. القاعدة الجوية هي قاعدة “بيلبيك” وهي مقر قيادة مجموعة “القرم” للعمليات الجوية ويتمركز بها اللواء الجوي التكتيكي 104 الذي يشتمل على 40 مقاتلة ميج 29 تابعة لسلاح الجو الأوكرانى. المطار المدني هو مطار مدينة سمفروبل أما المدرجان فهما مدرج نوفافيودروفكا ومدرج كيروفسكي. وبالتالى تم ضمان مهابط آمنة لطائرات النقل الروسية بالإضافة إلى ضمان عدم قيام أي عمليات جوية اعتراضية من هذه المطارات تجاه الطائرات الروسية.
cremia-island
تلا هذه الإجراءات قيام وحدات الدفاع الوطني الموجودة في شبه جزيرة القرم المشكّلة من السكان الروس في شبه الجزيرة وبقيادة عناصر من قوات البيركوت الأوكرانية شرعت في السيطرة على ثكنات الجيش الأوكراني فى شبه الجزيرة دون مقاومة تذكر، فى ما يبدو أنه انحياز من وحدات الجيش الأوكراني في المنطقة للجانب الروسي. وأكملت البحرية الروسية هذا المجهود بسيطرة مشاتها على مداخل نقاط حرس السواحل الأوكراني في سيباستوبول، وتسيير دوريات بحرية من فرقاطات أسطول البحر الأسود أمام القاعدة البحرية الأوكرانية الرئيسية في منطقة “بالاسلافا” بالإضافة إلى السيطرة على عدة موانئ تجارية من بينها ميناء فيادوسيا الذي تتوارد أنباء عن رسو سفينة نقل عسكري تابعة للبحرية الروسية فيه.

الإبداع في خطة انتشار الجيش الروسي في شبه جزيرة القرم لم يكن فقط بسبب السرعة أو دقة الانتشار، لكنه أيضاً بسبب الذكاء في اختيار وتجهيز العناصر المشاركة في هذه العملية. هؤلاء الجنود هم روس وتابعون لمشاة أسطول البحر الأسود، وتم تزويدهم بأوامر صارمة خصوصاً لمن سيتمركز منهم قرب المطارات والأماكن الحكومية. من هذه الأوامر ضرورة نزع أي إشارات للتمييز من على وسائل مواصلاتهم وملابسهم العسكرية، بالإضافة إلى نزع مخازن الذخيرة من رشاشتهم والاحتفاظ بها داخل ستراتهم وذلك لأنهم أساساً في محيط موالٍ وليس معادياً.. لذلك وسائل الإعلام الغربية لا تقول عنهم أنهم روس بالرغم من علمها بصحة ذلك لأنه لا دليل مادي سواء على زي هؤلاء أو على آلياتهم يثبت أنهم تابعون للجيش الروسي

أيضاً من الاستراتيجيات الناجحة التي ساهمت في نجاح هذا الانتشار هو اعتماد القوات الروسية على مساعدة قوات الدفاع الشعبي المشكّلة من أهالي شبه جزيرة القرم. هؤلاء من قومية “القوزاق” وقوميات أخرى تتوطن في شبه جزيرة القرم” وتدين بالولاء لروسيا. وشكّلت هذه القوميات ما يشبه “لجان دفاع شعبي” لحماية المباني الحكومية والمطارات. وساعدت الوحدات الروسية التي وصلت إلى شبه جزيرة القرم على الانتشار والتموضع دون مشاكل.
ukraine-cremia
بعد موافقة مجلس الاتحاد الروسي على إرسال قوات روسية لأوكرانيا، بات الوضع الميداني للقوات الروسية المتواجدة هناك أفضل لأسباب عديدة، أهمها ان الحكومة الأقليمية لشبه جزيرة القرم طلبت رسمياً تدخل الجيش الروسي، بالإضافة إلى أن المعاهدة الموقعة بين روسيا وأوكرانيا بشأن القاعدة البحرية في سيفاستوبول تتيح لروسيا إنزال قوات في شبه جزيرة القرم فى حالة الطوارئ. أكمل تفويض مجلس الاتحاد الروسي هذه الدائرة ليتيح حرية تحرك للقوات الروسية في شبه جزيرة القرم. التحدي الأكبر هنا سيكون توسيع هذا التحرك في اتجاه شرق أوكرانيا الذي يشهد تظاهرات موالية لروسيا وتتزايد احتمالات مواجهة الرئيس الأوكرانى المؤقت لهذه التظاهرات بالقوة مما قد يجبر القوات الروسية على التدخل.

الجيش الروسي بدأ منذ مساء اليوم في إدخال مدفعية ذاتية الحركة ومنظومات دفاع جوي من نوع أس 400 إلى شبه الجزيرة. لا أرى أنه يوجد داعٍ استراتيجي لهذا، لكن في الوقت نفسه هناك مخاطر أمنية مهمة تواجه القوات الروسية، خصوصاً بعد هجوم الفجر الذي حدث على مبنى وزارة الداخلية في حكومة القرم الإقليمية.
إذاً، الوضع الميداني حتى الآن في صالح القوات الروسية مائة بالمائة، ولا أعتقد أن القيادة الروسية ستطور انتشارها فى اتجاه الشرق إلا إذا تعرضت التظاهرات الموالية لها لهجمات.

 

cremia-hellicopter

صورة تظهر عدد من المروحيات المقاتلة من نوع “مى 28” تابعة لسلاح الجو الروسى اثناء توجهها امس تجاه مدينة سيباستوبول

cremia-plane

صورة لطائرة نقل عسكرى روسية من نوع اليوشن 76 اثناء هبوطها فى القسم العسكرى من مطار سيباستوبول

cremia-ship
صورة لفرقاطة روسية تابعة لأسطول البحر الأسود اثناء نوبة حراسة امام القاعدة البحرية الأوكرانية الرئيسية فى منطقة “بالاسلافا”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.