طهران.. غزو الفضاء تمهيداً لاستيطانه

iran-space-monkey

صحيفة الديار الأردنية ـ
يلينا نيدوغينا: 

نجاح العلوم الفضائية الإيرانية بإطلاق مركبة تحمل على متنها قرداً حياً إلى الفضاء على ارتفاع مئة عشرين كيلومتراً، يُظهر على نحو مُبدع قدرة الجمهورية الاسلامية الايرانية الخلاقة ليس بإطلاق الصواريخ وتطوير أنظمتها فحسب، بل وعلى تلك التحضيرات الجارية فيها على قدم وساق لإنجاح مسيرتها العلمية لإرسال بشر إلى الفضاء مع حلول العالم2020. فمع ارسال القرد على متن مسبار وإعادته سالماً الى الأرض الايرانية، تكون إيران قد طوّعت الفضاء بعد الارض واستصلحته لصالحها تمهيداً لاستيطانه، مما يُثير مخاوف غربية غير مبررة من تطوير العلوم الايرانية على نحو حاسم قد يتفوق على تلك الغربية ويرسي قواعد لتطوير الاسلحة البيولوجية والنووية تضمن استقلالية ومنعة الجمهورية الاسلامية وتعزيزاً لقواها الاقليمية وهيبتها الدولية.
فبعد 56 سنة “3/11/1957” على إرسال الاتحاد السوفييتي السابق أول كائن غير بشري وكبير الحجم الى الفضاء هو الكلبة “لايكا”، تكرر ايران جارة الاتحاد السابق تجربة موسكو فتطلق صاروخاً يحمل قرداً، لكن هذه التجربة لم تكن النجاح الفضائي الأول لإيران الاسلاميةَ، فقد سبق أن أرسلت طهران ثلاثة أقمار صناعية إلى الفضاء منذ2009م، إضافة إلى “مسبار” يحوي حيوانات صغيرة “جرذاً وسلاحف” بالاضافة الى حشرات في شباط 2010م. إلا أن الخطوة الايرانية الجديدة تحمل الكثير من المعاني والعِبر ومنها، أن ايران قد أكدت بأن العلوم وتطويرها ليس حكراً على دول كبرى وغربية، وبأن الخطوات الكبيرة صنو للدول الكبيرة التي تعتد بنفسها على مِثال إيران، وبأن الزعيق والتشكيك الذي ضج به فضاء الكيان الصهيوني وبعض العواصم الغربية مبشرين بما يسمونه “فشل” التجربة الايرانية في ارتياد الفضاء، يعبّر عن رغبة لوأدها غربياً وإسرائيلياَ بعدما تحوّلت ايران الى دولة غير قابلة للكسر ولا للعصر ولا لما يسمونه بـِ”لي ذراعها”. وأما العبارات التي اطلقتها المتحدثة بإسم الخارجية الامريكية عن القرد ووصفها له بأنه “مسكين” فتدعو للغثيان وخاصة لأنها صدرت عن ممثلة للسياسة الخارجية الأمريكية، فإذا كان هؤلاء الرسميون الأمريكان على شاكلة هذه السيدة فعلى أمريكا السلام. فالدول الامبريالية الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة تسعى جاهدة الى منع تطوير العلوم على اختلاف هذه العلوم في الدول الاخرى، وهي تشن حروباً سرية ضد العلوم الروسية والصينية وعلوم مختلف الدول، حتى تبقى واشنطن هي المسيطر الوحيد عليها والمُصدّر لتطبيقات هذه العلوم للعالم، حاصدة من وراء احتكارها العلمي مليارات الدولارات ورابطة مصير العالم بها، وهو مصير بدأ العالم المتحرر صِناعةً واستقلاليةً بتحريره من قبضة واشنطن التي بدأت بالذوبان والتلاشي.
أعود للعلوم الفضائية الايرانية لأذكّر بأن النظام الشاهنشاهي البائد في طهران لم يتمكن مِن الارتقاء بالدولة الى تلكم الارتقاء الذي تمارسه القيادة الايرانية الحالية، فقد أرست ايران خامنئي ونجاد ايران دولة اقليمية مرهوبة الجانب، الى ذلك قوة دولية يُحسب حسابها تجترح يومياً إبداعات في مختلف المجالات: الزراعية والصناعية والتكنولوجيا الدقيقة، النانو، والعسكرية وغيرها الكثير، مما يؤكد قدرة الدول الاسلامية على التقدم والتطور غير المسبوق، في مقابل رفض الغرب برمته توطين هذه التكنولوجيا في هذه الدول الاسلامية والعربية وتقديمها لإسرائيل على طبق من ذهب، تبادر ايران الى نيلها بقواها الذاتية مؤكدة ان لا شيء مستحيلاً أمامها.
النجاح الفضائي الايراني يؤكد مرة آخرى بأنه يمكن لدولة بحجم إيران واقتصادها وقدراتها أن تربح معركتي الفضاء والأرض معاً، وبأنها تختار الاثنتين معاً وفي آن واحد، وهي قادرة على تلبية طموحات شعبها وحلفائها.
*كاتبة وعضو المجلس القيادي التنفيذي للاتحاد الدولي للصحفيين اصدقاء الصين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.