قبل فوات الأوان

 

موقع إنباء الإخباري ـ
مصطفى المصري:
في الثورة هناك نوعان من الناس من يقومون بالثورة ومن يستفيدون منها.
وما حصل في الآونة الاخيرة في لبنان هو ليس وليد لحظة أو عهد معين بل هو تراكم ومأسسة الفساد أقله منذ ثلاثين عام، فأزمة النظام اللبناني بدأت منذ ولادته من رحم الطائفية ليكون أوطاناً داخل وطن واحد.
قبل الحراك حصلت مقدمات له أولها الهندسات المالية التي قام بها مصرف لبنان، ففي علم الاقتصاد هي هندسة تخمين المخاطر، أما في لبنان هي هندسة سلب المال العام بين مافيا السلطة ومافيا المصارف، فوقعنا في أزمة دولار مفتعلة بحجة حماية الليره. هل هناك دور للصندوق النقد الدولي لافتعال ازمة لخصخصة بعض القطاعات في الدولة؟ فكل القطاعات الاقتصادية وقعت بأزمه حقيقية بعد سحب الدولار من السوق من قبل البنوك لصالح مصرف لبنان بفائدة مرتفعة فوقف اللبنانيون على محطات البنزين وعلى الأفران قبل كل ذلك كانت الموازانات التي تتفنن في الضرائب المباشرة على اللبنانيين؛ والحرائق التي طالت جبال لبنان ووقوف الحكومة متفرجة. وكانآخر الضربات بضريبة الواتسآب التي فجرت الشارع اللبناني، ونزل كثير من اللبنانيين المتضررين من سياسيات الهدر والفساد ونهب المال العام والثروات التي جمعت من صفقات رجال السلطة. وكان جمهور المقاومة أول النازلين إلى الشارع، وعم الحراك الشعبي أكثر المناطق في لبنان بثورة شعبية نظيفة إلى حين أن قرر أمير معراب الاستقالة والدخول لركوب موجه الحراك أو بالأحرى لاستغلال وجع الناس، وكأنه لم يشارك في خمس حكومات وكان لديه فيها 12 وزيراً. اتى لكي يسيِّس الحراك الشعبي المطلبي وتحويله إلى حراك سياسي يستهدف سلاح المقاومة ويستهدف أيضا شريكه المسيحي التيار الوطني الحر ويستهدف رمي لبنان بأتون الفتنة، وهنا بدأت تتكشف خيوط اللعبة، وهنا فهمنا أن كل مقدمات الأزمة الاقتصادية المفتعلة كان هدفها نزول الناس إلى الشارع لكي يبدأ مسلسل الربيع العربي في لبنان في جزئه الثاني.
ما حصل في الأيام الأخيرة يعيد إلى أذهان اللبنانيين الحرب الأهلية وحواجز الموت للقوات اللبنانية، فتحول الحراك إلى خوات في الشوارع واعتداء على الناس وأوقفت بعض القنوات برامجها وألغت عقود الإعلانات بملايين الدولارات كُرمى لعيون الذي أقرضها الملايين من القروض الميسرة وكرمى لعيون بعض السفارات، ففتح الهوا على مدار النهار من تحريض وشتائم وأصبح البث المباشر في لبنان مجانياً على حساب الثورة ففاتورة الثوره كبيرة من مسارح وإعلانات ومليارات وجمعيات دعم الحريات الاميركية تحت عنوان المجتمع المدني وجامعات اميركية أعطت دروسها في ساحة أوتبور. فثورة بلا قائد وبلا مطالب واضحة هدفها الفوضى الخلاقة وليس الحل.
وظهرت الورقة الإصلاحية لإنتاج مفتاح لحل في هذه الأزمة ولكن البعض ممن يركب موجة الحراك لا يريد أن يسمع ولا يرى بل يريد أن يذهب بلبنان إلى اتون الفراغ الذي يأخذ البلد إلى الفوضى.

وبغض النظر اذا ذهبنا إلى تعديل حكومة أو إلى حكومة تكنوسياسية أو إلى محاسبه الفاسدين وإنشاء صندوق استعادة المال المنهوب ورفع السرية المصرفية فإن بعض الحراك لا يريد هذا كله بل يريد أن يكون وقوداً لحرب الاقتصادية تنتج انهيار وتوريط المقاومة في الداخل اللبناني.

وأخيراً وليس آخرا هناك مسؤولية تقع على عاتق الجيش والقوى الأمنية بفتح الطرقات وإعادة الدورة الاقتصادية لأن انعدام الأمن لا يولد إلا الفتنة و”شارع مقابل شارع”، أما أنتم فلا ترحلوا من ساحاتكم إلى حين تحقيق الإصلاح الحقيقي ولا تكونوا كما يريدكم البعض أداة في مشروع حرب أهلية جديدة لأنها سوف تطال الجميع وليكن ما حصل في العالم العربي عبرة لنا قبل فوات الأوان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.