لكل من يريد التذكر

terrorism

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
نجزم أن المعركة في المنطقة العربية ليست صراعا طائفيا أو مذهبيا .. إنها جميع أهل المنطقة ضد خطر واحد اسمه الإرهاب. وهو الذي حذر منه تكرارا ومرارا الرئيس السوري بشار الأسد، وكان في كل لقاء أو مؤتمر يدعو العالم إلى التنبه. هي ليست مجرد فطنة من الرئيس، مع أنه يتمتع بها، لكنه أيضا قراءة متفتحة في واقع يجر أذياله كما لو أنه لم يملك رِجلين يقف عليهما.
سر الواقعية السورية الدائمة أنها الأجدر بمعرفة تفاصيل التفاصيل في عالم معروف وموصوف. وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد قد عانى سنين من منازلة الإرهاب إلى أن تم القضاء عليه بعدما كان استعمل كل الطرق الحوارية التي كم رفضها الإرهاب آنذاك وتمسك بإسقاط الدولة من خلال ترهيب سوريا وإجهاض نهضتها.
الآن توضحت للجميع، لكل من له ذاكرة الأيام الخوالي، ومن لا يريد التذكر، أو أولئك الذين فقدوا حس الماضي، كم يحتاج العرب من الوقت لإعادة الحياة الطبيعية إلى بلادهم، حتى تلك التي لم يضربها الإرهاب بعد، فقد أصابتها اللوثة الإرهابية، دخلت فيها مثلما يدخل السوس في السن فنخرته نخرا.
وهذا الجميع بات موجعا، سواء بالهجمة عليه أو بواقع الشم الإرهابي .. ومما يثبت وحدة تلك المنطقة وغلاوة شعوبها المتجانسة، أن وجعها متشابه إلى حد بعيد، وخطرها واحد، ومصدره واحد أيضا. وهي حين تتآلف بحثا عن خطة من أجل دحر الإرهاب عنها، فلأنها وضعت في دائرة مغلقة عليها أن تفتش كيفية الخروج منها، وإلا فإنها ستهلك جميعها، وبوحدتها ستنجو.
عامل التوحد العربي إذن إنقاذ للجميع. جامعة الدول العربية مضيعة للوقت، تحتاج إلى من يقودها، أن يأخذ بيدها، أن ينفخ فيها روح القتال وأن يضع لها الخطط اللازمة، فلربما تمكنت من أداء دورها، أو تقدمت الصفوف ليس لتقاتل بل لتفتح الطريق.
التكتل العالمي بالتالي مهم، لكنه لن يلبس الكاكي والمرقط ولن يغامر بجيوشه ولن يقدم طلقة مجانية. إذا خاض العرب حربهم ضد الإرهاب فهم مجبرون بتغطية نفقاتهم، وإذا خاضها الأطلسي فعلى العرب أن يغطوا أيضا النفقات. لا مهرب للعرب من استعمال أرصدتهم في معارك لن تخاض من أجلهم، إلا إذا خاضوها هم، ونكاد نشك بذلك.
نريد أن نقلل من نتائج التجمع في ويلز لمقاتلة الإرهاب الذي لم تستطع الولايات المتحدة منذ الحادي عشر من سبتمبر أن تمحو آثاره، بل هو على ازدياد، وصار له فرعه المؤثر في القارة الهندية المكونة من دول. ثمة كلمات بمثابة أحلام كتلك التي قالها الرئيس الأميركي أوباما حول مقاتلته “القاعدة” التي لها قفزات نوعية في المنطقة وخصوصا في سوريا. لا أعتقد أن الرئيس الأميركي غريب عن واقع الأمور ويعرف تماما أن “القاعدة” الإرهابية التي قاتلها هي الآن أكثر عددا مما كانت عليه وأكثر حضورا في مواقع لم تكن تخطر على بال.
من قبيل التذكر، ليس إلا، لعل العرب ينتبهون إلى أن لا أحد سيقاتل عنهم أو يرفع الضيم عنهم أو يموت من أجلهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.