ما هو سر اهمية مفاعل “أراك” الايراني للمياه الثقيلة ؟

iran 85

خلافا لما يزعم الاميركيون فان هدف ايران من بناء مفاعل “أراك” للمياه الثقيلة هو هدف منطقي ومختلف بشكل كامل عما يراه الآخرون. فهو ان يكون بديلا لمفاعل ابحاث طهران ولاستخدامه في قضايا الابحاث وانتاج النظائر المشعة.

وقد تحول موضوع مفاعل “أراك” الى مسألة شائكة في المحادثات الاخيرة بين ايران ومجموعة 5+1 ما ادى الى لفت انظار العالم لهذه المنشأة المهمة، في حين ان هذا الموضوع كان من القضايا الجانبية للبرنامج النووي الايراني في السابق.

يشار الى ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لديها منشأتان مهمتان قرب مدينة أراك يجري الخلط بينهما في اغلب الاحيان. المنشأة الاولى هي مفاعل للمياه الثقيلة بطاقة 40 ميغاواط ، وهو قيد التنفيذ.

وبناء على آخر المعلومات التي قدمتها ايران للوكالة الدولية للطاقة الذرية فان هذا المفاعل لن يدشن قبل عام 2014. والمنشأة الثانية هي معمل لتوليد المياه الثقيلة على المستوى الصناعي في منطقة خنداب بمدينة اراك.
ومن اجل معرفة اسباب اهمية منشأة اراك، يجب ايضاح بعض التفاصيل التقنية والفنية.

ومن هنا نقول، ان هناك فوارق اساسية بين مفاعلات المياه الثقيلة ومفاعلات المياه الخفيفة (كتلك الموجودة في بوشهر وطهران):

1 – مفاعل المياه الثقيلة يستخدم خامات اليورانيوم كوقود له، في حين ان مفاعل المياه الخفيفة يستخدم اليورانيوم المخصب. ومهما كان المفاعل اصغر وقوته اكبر فانه بحاجة الى يورانيوم بنسبة نقاء اعلى. اليورانيوم المستخدم في مفاعل ابحاث يبلغ درجة نقائه 20 بالمائة، في حين ان اليورانيوم المستخدم في مفاعل بوشهر مخصب بنسبة 5 بالمائة. وعلى سبيل المثال فان المفاعلات المستخدمة في الغواصات وبسبب حجمها الصغير تستخدم وقودا مكونا من يورانيوم مخصب بنسبة 60 بالمائة. وبناء على ما قيل فان مفاعلات المياه الثقيلة وبسبب عدم حاجتها الى عملية التخصيب لتوليد الوقود النووي هي اقل كلفة من الناحية الاقتصادية.

2 – مفاعلات المياه الخفيفة يجري تبريدها باستخدام المياه العادية، في حين ان مفاعلات المياه الثقيلة يجري تبريدها بواسطة المياه الثقيلة. والمياه الثقيلة هي نفس المياه العادية مع فارق ان المياه الثقيلة او اكسيد الريوتريوم, هي مياه تستبدل فيها ذرة اوذرتي الهيدروجين الموجودتين في الماء بنظير الهيدروجين وهو الريوتريوم . من الخصائص الفيزيائية للمياه الثقيلة ان درجة غليانها اعلى من المياه العادية ما يجعلها قادرة على امتصاص حجم اكبر من الحرارة وبالتالي تبريد المفاعل.

3 – الوقود المستخدم في مفاعلات المياه الخفيفة يحتوي على كمية ضئيلة من البلوتونيوم، ولكن الوقود المستخدم في المياه الثقيلة يحتوي على كمية كبيرة من البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لاغراض اخرى ومنها العسكرية بعد تحويله.

لاشك ان هذه الايضاحات الجزئية تكشفت عن مكمن المشكلة. فالاميركان يعتقدون ان مفاعل المياه الثقيلة هو طريق مباشر باتجاه السلاح النووي، وانه من خلال توليد البلوتونيوم الكافي يمهد الطريق امام ايران لحيازة السلاح النووي عبر القيام بعمليات التخصيب بشكل اسرع.

وهذا هو سبب اصرار الكيان الاسرائيلي واميركا على ان اي اتفاق نهائي مع ايران يجب ان يتضمن تعطيل مفاعل المياه الثقيلة بشكل كامل.

وخلال المفاوضات الاخيرة تبين ان مطالب الاميركيين تختلف مع مطالب الفرنسيين حول هذا المفاعل. فالجانب الاميركي كان يرى ان عملية بناء مفاعل اراك يمكن ان تتواصل، بشرط الا يتم تلقيمه بالوقود وان تستخدم المياه العادية بدلا من المياه الثقيلة خلال مراحل الاختبار الاولية. لكن موقف الجانب الفرنسي كان اكثر تشددا حيث كان يطالب بوقف اي نشاطات في هذا المفاعل خلال فترة الستة اشهر المتفق عليها.

ولم يتضح لحد الآن كيف تم اصلاح المسودة، ولكن من المستبعد ان توقف ايران العمل في مفاعل اراك او ان تبطىء العمل فيه بحيث يتاخر تدشينه الى عدة سنوات
.
والسبب هو انه وخلافا لما يقول الاميركيون فان ايران لديها هدف مختلف ومنطقي من بناء مفاعل آي.آر – 40 (IR-40). فهدف ايران من بناء المفاعل هو ان يكون بديلا لمفاعل ابحاث طهران واستخدامه لقضايا الابحاث وتوليد النظائر المشعة. لان ايران ليس لديها اي مفاعل آخر يمكنه توليد مثل هذه المنتجات والتجربة اثبتت بانه لا يمكنها الوثوق بعملية شراء هذه المواد من الخارج.

لذلك فان سيناريو تعطيل مفاعل اراك مستبعد تماما. وفي افضل الحالات يمكن ان توافق ايران على اتخاذ اجراءات تحول دون توليد البلوتونيوم او استحصاله.

كما ان خيار تعطيل مفاعل اراك للمياه الثقيلة وبدء عملية بناء مفاعل للمياه الخفيفة يكون بديلا عن مفاعل طهران امر غير منطقي، لان ايران صرفت لحد الان مبالغ طائلة في مفاعل اراك، والمشروع مشرف على الانتهاء، ولذلك فانه من غير المنطقي ان تتغاضى ايران عن التكاليف التي صرفتها وتتحمل تكاليف بناء مفاعل جديد للمياه الخفيفة.

والاهم من ذلك انه لا توجد اي ضمانة بان تكون الشركات الاوروبية مستعد لبناء مفاعل جديد للمياه الثقيلة بسرعة تلبي حاجة ايران في مجال توليد النظائر المشعة المستخدمة في المجالات الطبية. كما ان هناك مشكلة اخرى تعرقل عملية بناء مفاعل جديد للمياه الخفيفة في ايران، وهو ان طهران ستواجه مشكلة في مجال توفير الوقود النووي لمثل هذا المفاعل، في حين ان توفير الوقود النووي لمفاعل اراك للمياه الثقيلة امر سهل لها.

 

المصدر: وكالة أنباء فارس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.