مشروع بايدن في المنطقة التقارب السعودي ـ «الإسرائيلي»

جريدة البناء اللبنانية-

رنا جهاد العفيف:

التطبيع وما يجري من هواجس وصفقات واتفاقيات علانية سرية لم يعد الأمر مقتصراً على ذلك في المنطقة، لأنّ كلمة تطبيع بالمعنى السياسي، هي إقامة علاقات بين دولتين مطروح في قائمة المشروع الجديد للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يتحضّر لزيارة قريبة إلى السعودية التي تفتح أبوابها أمام «الإسرائيليين»، والإعلام «الإسرائيلي» يستبق زيارة بايدن بالترويج للتطبيع الأمني مع السعودية دون حياء، ناهيك عن كشف ملابسات الزيارة السرية لـ «الموساد»، فيما تواصل الرياض إغلاق الأبواب أمام عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، خطط حربية وسرية تشمل سورية، فهل اقترب موعد التطبيع، أم أنه تصعيد يحاكي معركة المعادلات في ظلّ زيارة بايدن لفرض وقائع جديدة في المنطقة؟ وما أبعاد هذا التقارب بين الطرفين المتوجّس بالرفض والآخر بالتمسك السعودي برفض عودة سورية إلى الجامعة؟ تساؤلات كثيرة تدور حول زوايا الأحلاف العسكرية المترافقة بنقل الناتو العربي إلى ناتو أوسطي؟

لم يعد خافياً على أحد هذا التقارب الذي يمهّد لتفاصيل التطبيع والاتفاقيات، بين البلدين، من السعودية تقرير لقناة «إسرائيلية» تروّج للتطبيع الشعبي، حتى أنّ بايدن نفسه يسأل أيضاً عن توقيت الرحلات الجوية المباشرة، وتذكر تلك التي تنقل بايدن من تل أبيب إلى الرياض، طبعاً هنا الموقف السعودي حيال سورية يتماشى مع المطلب الأميركي الذي يتحرّك في المنطقة بهدوء حذر، يمثل مخاضاً للحصار السياسي السعودي الأميركي على سورية، وعليه يترافق مع التهديد التركي في الشمال السوري، كلّ هذه التفاصيل تبدأ قبل زيارة بايدن، لماذا؟ لأنّ حلفاء واشنطن تسعى جاهدة لبذل جهود سياسية بناءة لفرض واقع سياسي جديد لواشنطن تغطي على هزيمتها في المنطقة، باندماج «إسرائيل» كحلف أو كلاعب أساسي في ظلّ هذا المنتدى الذي يتحضّر لسيناريوات أشبه بالربيع العربي منذ بداية الأزمة السورية، لذا هذا الاصطفاف السياسي ليس بجديد على الجميع، ودلالات هذة الاتفاقيات موجودة لليوم في حرب الكونية التي تأمروا بها على سورية، متمثلة بأحلاف هي نفسها التي شاركت بسفك الدم السوري، وهي التي قامت بدمار وخراب البنى التحتية، وهي التي تساوم وتراهن على إضعاف سورية وكسر محورها، بعد أن فشلوا في تقسيمها، وبين هذا وذاك تسارعت دول عربية إلى عادة تنظيم علاقاتها مع الدولة السورية، ولا يزال الموقف السعودي إلى اليوم معارضاً لعودة سورية إلى الجامعة العربية وهي أحد مؤسّسيها، إذ يتلاقى هنا الموقف القطري بالرفض ويقابله ذلك انفتاح «إسرائيلي»، وهنا الحديث عن تقارب سعودي «إسرائيلي» يتسع على جميع المستويات، وهي تمثل خطراً فادحاً يحدق بحساسية دولية قد تكون حرجة، إذ ألون بن ديفيد مراسل القناة الثالثة عشر «الإسرائيلية»، تفاخر بزيارته للسعودية وتجواله في شوارع الرياض متحدثاً بالعبربة، عدا عن زيارته السرية إلى السعودية التي أخذت طابعاً ايجابياً بحسب تعبيره، حيث لم تعد السعودية تعارض مرور الطائرات «الإسرائيلية» في أجوائها، وتفتح أبوابها أمام صحافيين «إسرائيليين» بحسب صحيفة هايوم «الإسرائيلية»، وهذا طبعاً أحد تفاصيل زيارة بايدن التي ستشقّ طريق التطبيع العسكري، لتواجه سورية وحلفاءها في المنطقة، وهذا يُقرأ بحسب المعطيات والأحداث المتسارعة، هي تتمة للحرب على سورية، بغير صيغة، وإنما اللاعبون هم أنفسهم.

أما عوامل التقارب السعودي «الإسرائيلي»، فتكمن في زيارة عدد كبير من الشخصيات «الإسرائيلية» إلى الرياض من التابعين للمؤسسة الأمنية «الإسرائيلية» وغالبيتهم من جهاز «الموساد»، فإظهار الحماس، يعطي مؤشراً على أنّ هذا التقارب هو عبارة عن اتفاقات أمنية، ناتج عن تعاون أمني «إسرائيلي» بين «إسرائيل» والدول المطبعة معها، وقد يكون هناك اتفاقيات استخبارية متبادلة، ليكون الدور مفروضاً على الأنظمة العربية المطبّعة معها كأداة ووسيلة تجعل من «إسرائيل» جزءاً أساسياً غير مشروط في هذا المنتدى لتقود المنتدى برعاية أميركية.

فعندما سألوا بايدن في قمة مدريد، عن زيارته للمنطقة، قالوا له هل أنت ذاهب من أجل النفط او الغاز، قال لهم، كلا وبكلّ وضوح قال ذاهب من أجل «إسرائيل»، وبالتالي هذه المعطيات التي أفرزتها كلّ هذه التحوّلات الميدانية في سورية وبعد عشرية النار تحديداً، وإعادة سيطرة الدولة السورية على معظم الأراضي السورية باستثناء الشمال، أعطت ردّ فعل عكسي مرتبط بتقديم أوراق اعتماد «إسرائيلي» وأميركي، جعلت بايدن يتحرك بسرعة باختلاف الأدوار قد تكون سورية على موعد مع سيناريو منحدر سياسياً وعسكرياً ربما بما أنّ هناك تحوّلاً ملحوظاً في مشروع بايدن الذي يحاول كسب نقاط في مواقع أخرى في منطقة الشرق الأوسط كبديل عما خسرته واشنطن في المعركة السياسية تجاه سورية أولاً ومن ثم تجاه الحرب الروسية الأوكرانية.

يأتي الردّ السعودي كتعويض سياسي وكنتيجة حتمية قاب قوسين الحصار السياسي والاقتصادي على سورية يجاري الحصار العسكري الذي يدور الحديث عنه حالياً بأحلاف متعددة دفعت هذا التقارب الغير مسبوق برفض عودة سورية إلى الجامعة العربية باندماج «إسرائيل» كلاعب مركزي وهذا من أولويات الولايات المتحدة الأميركية لفتح خطوات التطبيع بشكل علني لتعطي الضوء الأخضر للسعودية على غرار منطقة منزوعة السلاح من جهة وأن يكون تطبيع مع «إسرائيل» من جهة أخرى للبدء بمرحلة جديدة تحاكي مواجهة في التصعيد قد تكون ضدّ سورية وحلفائها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.