من لا يريدون الاعتراف بالتغيير

caricature-syrian-opposition

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
ما زال هناك من لا يريدون الاعتراف بأن ثمة تغيرا جذريا وتبدلا واضحا في طبيعة المعارك الجارية في سوريا. هؤلاء لا يريدون إغاظة انفهسم في قبول الصورة الواضحة والناطقة، انهم يعرفون العربية جيدا، لكنهم يرونها دائما حسب ترجمتها من العبرية.
وهنالك ايضا من يعرفون ما يدور في أم الكواليس الاميركية وغيرها من كولسة الغرب الاوروبي، الا انهم يطنشون كي لا يصدقوا ان ثمة متغيرات قد بدأت، وان العالم براجماتي حتى اعماقه، فهو مع القوي، ومع الميدان .. هو انبهار طبيعي بالطبيعة، بالرياح الفتاكة، مهما كان شكل الطبيعة الآخرى فتانا.
بعض العرب هم أولئك الصنف الأول والثاني، كلهم يعرفون انهم على علم بما هو على سطح الاحداث وفي متنه. لكنهم قرروا لمرة واحدة ان يظلوا على إعلام تطل منه الكذبة التي يصدقون بعضها مع انهم من يكتبها او يفجرها أو ينحتها كلمات.
لن يتغيروا حتى لو شاؤوا التغيير، فليس هنالك ما يقبلونه طالما انه لا ينسجم مع تطلعاتهم ومع الاتفاقات التي اجروها. بعضهم سيدفع الثمن وان كان لا يرضيه، وبعضهم سيذهب إلى السكون والصمت، كي ينظف ما فعله.
الشواهد كثيرة على انهم ان ارادوا التغيير فليس هو ما يريدونه. ما يريدونه سبق وقالوه في مناسبات كثيرة، في بداية الحدث السوري وفي منتصفه، وبعده، لكنهم الآن ميالون إلى تجنب التكرار بعدما اكتشفوا ان ما طمحوا إليه صار من الماضي، وان ما يريدونه لن يتحقق، وعليهم اذن ان يدفعوا ثمن قرار المضادين لهم بالقدرة على تغيير الصورة.
العالم شاهد على ما ارتكبوه من فظاعات ولو انهم لبسوا احيانا أجود انواع البدلات التي قيل ان احدها تجاوز العشرين ألف دولار، وان أحدهم الآخر وصل ثمن ربطة عنقه الى اثني عشر ألف دولار، وان ثالثهم أهدي عطورا تجاوز سعر الزجاجة منها الخمسة عشر الف دولار.
واذ يشهد العالم عليهم، فلأنهم وضعوا أنفسهم منذ البداية في الموقع المتقدم، في الواجهة من الاحداث، اعطوا لأنفسهم قيمة القطع والوصل، القدرة على التنفيذ، وانهم من يملك القرار طالما ان المال في جيبهم وفي المصارف العائدة لهم، وانهم كلما تكلموا لوحوا به، كأنهم يضعونه على الطاولة، او يوزعونه علنا على الآخرين، او من يستحق من المدربين على قبضه.
يتأسفون لأن كل شيء تغير عكس ما يشتهون، قال الميدان السوري كلمته بعدما ظل سنتين وهو يصد تورطهم فيه. هؤلاء العرب باتوا من اليائسين الذين كلما اصابتهم المصائب التي هبطت على رؤوسهم، غابوا عن السمع والبصر ليخرجوا في صورة واحدة إلى جانب قائد اميركي أو آخر أوروبي من اجل تصفية الحساب مع مشغليهم.
لكن لا أحد سوف ينساهم .. هم حقيقة أعلام في رأسها نار كما يقال، وهم من اكتملت مشاهداتهم وهم يأمرون مرة بالإغراء ومرات بالإكراه، فلقد قالوا كلماتهم التاريخية التي سجلت عليهم ثم مشوا ظنا ان ما بعد كلماتهم ما هو محقق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.