“مواقع التواصل الإباحية”

A man surfs the internet in Beijing on J

إنتشر الانترنت ومعه “دفق الخير”: لم تعد المسافات حاجزاً، وانفتحت مصادر المعلومات للجميع وازدهرت التجارة وهانت حياة الملايين حول العالم. لكن في موازاة هذا «الخير الإلكتروني»، كان لا بدّ من انتشار «الرذيلة الإكترونية» أيضاً، فكثُرَت السرِقات والجرائم الإلكترونية واجتاحت الإباحية الشبكة العنكبوتية بشكل مخيف. في بداية الثورة الإلكترونية كانت الضوابط شبه غائبة، فشكّلت الفترة بين تسعينات القرن الماضي وبداية القرن الحالي «العصر الذهبي» للمواقع الإباحية، قبل أن تتمكّن دول عديدة من حجب غالبية هذه المواقع بغية حماية مواطنيها وجيلها الشاب من هذه الآفة. وبعدها، تطوّر الإنترنت، وكثرت وسائل النشر وأصبح في إمكان المنزعجين من الحجب القسري نشر موادهم الجنسية عبر مواقع التواصل الإجتماعي الأكثر شهرة مثل «Facebook» و«Twitter» و«Instagram» و»Pintrest»، مستغلّين تطورّها السريع وبعض «ثغراتها الأمنية». إلّا أنّ هذه المواقع شنّت حرباً ضروساً للحدّ من ظهور المواد الإباحية على صفحاتها، سواء كانت روابطاً أم صوراً أم فيديوهات، حتى لو أنها لم تتمكّن من إيقافها بشكل تام.

إزاء هذه المواجهة، ظهرت مواقع وتطبيقات جديدة مثل «Fuckbook» و«Pinsex» وأخيراً «Pornostagram» وغيرها، وهي تأخذ رواجاً كبيراً. تلك التطبيقات ليست إلّا نسخاً عن مواقع التواصل الإجتماعية الأصلية وهي تتمتع بمميّزاتها كافة، إلّا أنّها، وبعكس تلك الأخيرة، تشجّع مستخدميها على نشر الإباحية الفاضحة، وهي متاحة للجميع، إذ يمكن لأيٍّ كان تحميل تطبيقاتها على هاتفه الذكي دون عوائق. وينقسم مستخدمو هذه التطبيقات إلى قسمين، فمنهم المحترفون الذين يسوّقون لـ«صناعتهم الإباحية» والتي تدرّ عليهم المليارات سنوياً، ومنهم المستخدمون العاديون الذين يستمتعون بتحويل أنفسهم الى نجوم «بورنوغرافيا» وينشرون صورهم إمّا عراة وإما في وضعيات حميمة، متذرّعين بحجّة «الحريّة الشخصية» والانفتاح. ومع هذا التطوّر الخطير، وفي ظلّ غياب المنع أو أيّ شكل من أشكال الرقابة، أصبحت المواد الإباحية أشبه بالسرطان، تفتك بصمت وخطر في المجتمعات كافة، وتضرب الأعمار كافة من الأطفال حتى المسنين.

قد تصحّ مقولة إنّ الانترنت شكّل عاملاً مؤثّراً وداعماً لمختلف أنواع الانحرافات الأخلاقيّة والفكريّة. لكن، هل المشكلة في الانترنت فقط؟ أم أنها تكمن في الإنسان الذي لا يوفّر فرصة لاختراق ثغرة، وكسر حاجز بهدف الوصول الى ما يشبع غرائزه ورغباته؟

 

المصدر: صحيفة الجمهورية اللبنانية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.