واشنطن تخلق المواجهة لغايات شخصية

صحيفة البعث السورية-

عائدة أسعد:

ذكر مقال نشر في صحيفة “فاينانشيال تايمز” مؤخراً أن الاتحاد الأوروبي دعا شركات الألمنيوم والزنك بشكل عاجل إلى التحقيق في إنتاج معادن أشباه الموصلات الرئيسية، وأن الدعوة تلك جاءت بعد أن أعلنت الصين عن خطط للحد من صادرات الغاليوم والغرمانيوم.

كما نوهت الصحيفة إلى أن نسبة 71 في المائة من الغاليوم، و 45 في المائة من الغرمانيوم من مصدر الاتحاد الأوروبي تأتي من الصين، بالإضافة أنه لا يوجد سوى عدد قليل من الشركات خارج الصين قادرة على إنتاج المعادن عالية النقاء المستخدمة في الرقائق الدقيقة، والخلايا الشمسية الكهروضوئية، والألياف البصرية.

وقد تدفع هذه الخطوة بـ صقور واشنطن لحث حلفاء الولايات المتحدة على عدم الاعتماد على الصين، لكن يبدو أن الأوروبيين يدركون جيداً أن ضوابط التصدير التي تفرضها الولايات المتحدة، وأعضاء تحالف الرقائق التابع لها لاستهداف الصين هي التي دفعت إلى هذه الخطوة.

تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة تملك احتياطيات كبيرة من المعدنين، إلا أنها لم تجد من المناسب ضمان توريدها إلى البلدان التي يُفترض أنها تعتبرها أصدقاء لها.

ولا يمكن لواشنطن أن تخفي نيتها الحقيقية تحت عباءة “عدم المخاطرة”، وتطلب من حلفائها نزع الطابع الصيني عن الصناعة والتكنولوجيا والتجارة والقطاعات الاقتصادية الأخرى دون تزويدهم ببديل للصين.

لقد ترك الغموض الخطابي المتعمد للولايات المتحدة العديد من الأوروبيين في حيرة، حيث تعكس التصريحات التي أدلت بها وزيرة خارجية أيسلندا، ثورديس كولبرون ريكفيورد جيلفادوتير، حول “عدم المخاطرة” في اجتماع للمجلس الأطلسي الأسبوع الماضي، مخاوف الكثيرين في أوروبا، حين قالت لنظرائها من الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي: “نحن نتحدث عن الصين ونتحدث عن مدى اعتمادنا عليها ونتحدث عن عدم المخاطرة، ولكن بصراحة لا أعتقد أنني الوحيدة التي لا تفهم ما يعنيه ذلك”.

إن ما تصدره الصين هو فرص تعاون، واستقرار وطمأنينة على عكس الولايات المتحدة التي تصدر المزيد من الأزمات والمواجهة والاضطراب والمخاطر .

يجب على الاتحاد الأوروبي معارضة محاولات الولايات المتحدة لفصل الصين عن الاقتصاد العالمي تحت مسمى عدم المخاطرة، وعلى قادته التعاون مع الصين للحفاظ على استقرار الصناعة العالمية وسلاسل التوريد.

إن الحد من المخاطر هو رغبة طبيعية، ولكن هذا ما لا تسعى واشنطن لفعله بهجماتها على التعاون الاقتصادي والتجاري للصين مع الاقتصاديات الأخرى، ومن قصر النظر بالنسبة للولايات المتحدة أن تضخم مصطلح “عدم المخاطرة” في محاولة لتصنيع القلق، وخلق المواجهة من أجل غاياتها الضيقة، لأن ذلك لا يخدم مصالح أحد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.