الإرهاب
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
لن ييأس الإرهاب، ثمة من فعّل هجومه، بعدما احتضنه ومموله ودعمه وقدم له التغطية الكافية من أفكار ومسوغات وأموال وسلاح .. وعندما حانت فرصة التعريف به على الأقل في مؤتمر جنيف ـ2 توقف الزمن هناك.
صارت القاهرة مرة أخرى مشروعا في مشواره، ضرب مؤسسة هي مركز مكافحته بالدرجة الأولى، اختارها كي يؤكد أن هجومه لا تراجع عنه، سواء في لبنان أو في العراق وفي سوريا، وفي أي مكان اختيرت له فيه أهداف محددة.
وأما مقاومة الإرهاب، فهو الآخر لن ييأس .. صحيح أنه بلغة الصراع مدافع عن مواقعه، لكنه متخذ كل الاحتمالات التي يتوقع حدوثها. فعالم الإرهاب المقيت يتعرف كثيرا على غريمه ويصطاده حيث يريد، ويسعى إليه في اللحظة التي لا يظنه قد يأتي. لكن المقاومة قائمة، ستأخذ وقتا قد يطول أو يقصر من أجل تحطيم حركته وإن كان القضاء عليه من الصعوبة بمكان. فهو من القوى الولادة، وهو أيضا محاط بكل عناية الممول والداعم، وفي طليعته الولايات المتحدة التي عرفت كيف تنقل معركتها معه إلى ديارنا لينغص حياتنا ويأخذ منا البسمة والفرح، فيصطاد زعرة شبابنا في لحظات.
هذا الإرهاب يأخذ أسماء مختلفة أينما حل، مرة هو “القاعدة” لكنه يفرخ “قاعدات” تأخذ أسماء مختلفة، منها “النصرة” وأسماء أخرى، وربما منها “بيت المقدس” .. وغدا فروع جديدة في أماكن لا تخطر على بال. هي ذاتها في سوريا، وفي العراق، وفي لبنان، واليوم في القاهرة، وأيضا في ليبيا، وفي اليمن … أصحاب مشروع كبير يهدف إلى زعزعة العرب من الداخل، بل نقل المعركة المفترضة ضد إسرائيل إلى البقاع العربية.
في اعتبارنا أن هنالك المسيحيين الصهاينة، فإذا بنا أمام فكر يؤسلم صهيونيا، ترعاه إسرائيل مباشرة، تضع له أجندة عمله، تعين الرؤوس القادرة على إدارته، مرة باسم الإسلام، ومرة بغيره، لكنها تعي أن الوقت لصالحها، وأن تخريب العالم العربي مشروعها الأكبر في رحلة دفاعها عن وجودها، ولأجل أن تظل سيطرتها على المنطقة قائمة بلا منازع.
إذا كان من أهمية لمؤتمر جنيف ـ2 فهو من أجل تعريف الإرهاب الذي لا يراد له تعريف حسب المصطلحات السورية التي هي مصطلحات المنطق والواقعية والتي يعرف الجميع أنها ستوصل فورا إلى ما هو أبعد من التعريف به؛ أي إلى الرأس المدبر والداعم والممول والمحرك والذي بات معروفا بأهدافه في هذه المنطقة، بدءا من تصفية كل ظاهرة صحية عربية، مرورا بتأجيج الصراع المذهبي والطائفي، وصولا إلى تثبيت وجود إسرائيل.
من المؤسف أن العالم بكل أطيافه، قد ابتلع لسانه حينما وصلت المسألة إلى تعريف الإرهاب طالما أن الولايات المتحدة تحتضنه، ولأنه مشروع إسرائيلي من ألفه إلى يائه. تنعم أوروبا والولايات المتحدة باستقرارهما بعدما رمتا على العالمين العربي والإسلامي ما يعكر استقرارهما، وبات على كل قطر فيه أن يواجه منفردا موجة الإرهاب التي تضربه .. مانعا أية وحدة بين أطرافه لقتل هذا الإرهاب، سواء دخله أو اقترب منه أو كان بعيدا عنه.
لن ييأس هذا الإرهاب، كما أن اليأس لن يدب في قلب من يحاربه .. إنه الصراع الطويل الذي يراد له أن يحكم منطقتنا وأن يظل في محيطها كي لا يتمدد من جديد إلى حيث يجب أن يتمدد في ما وراء البحار.