بري: حوّلوا «إعلان بعبدا» إلى «حصان طروادة»
صحيفة السفير اللبنانية ـ
عماد مرمل:
يشعر الرئيس نبيه بري بأن هناك من يتعمد ان يسيء فهم مبادرته، ووضعها في خانة تجاوز المؤسسات الدستورية والتطاول على صلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، خلافا لمضمونها الأصلي وأهدافها الحقيقية.
ويرى أحد أعضاء اللجنة التي كلفها بري بمهمة «التبشير» بمبادرته، ان الاتهامات الموجهة الى رئيس المجلس النيابي من قبل البعض في «تيار المستقبل» مردودة لأصحابها، لان من يصادر دور الرئيس المكلف حقا هو هذا البعض الذي يحل مكان الرئيس تمام سلام في تحديد ما يجب قبوله او رفضه، «وكم من مرة خرجت أصوات من تيار المستقبل رسمت للرئيس المكلف خطوطا حمراء، ووضعت حكومة الوحدة الوطنية والثلث الضامن ومشاركة حزب الله ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة، في خانة الممنوعات السياسية».
أما بري فيقول لـ«السفير» انه «لم يعد من الجائز البقاء من دون حكومة»، لافتا الانتباه الى انه «حتى جمعية المكفوفين تحتاج الى مجلس إدارة، فكيف بوطن يمر في هذا الظرف الدقيق والمصيري».
ويشير بري الى ان «مخاطر الفراغ المفخخ» هي التي دفعته الى إطلاق مبادرته التي «تشكل المنفذ الوحيد الى الحوار والحكومة في ظل غياب أي بدائل أخرى».
ويشدد رئيس المجلس على وجوب عدم ربط الملف الحكومي أو أي شأن محلي باحتمالات حدوث او عدم حدوث عدوان أميركي على سوريا، داعيا كل الأطراف الى «تجنب بناء خياراتها على المعطيات الخارجية، والانصراف الى معالجة الازمات الداخلية انطلاقا من خصوصية الواقع اللبناني وتوازناته المعروفة».
ويستغرب بري كيف ان «تيار المستقبل» كان يرفض معاودة الحوار قبل استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، والآن يرفض استئناف الحوار قبل تشكيل الحكومة، مضيفا: «لقد ضيعونا حتى صح عليهم القول: احترنا يا قرعة وين بدنا نبوسك»؟
ويؤكد رئيس المجلس ان اقتراحه بمناقشة شكل الحكومة على طاولة الحوار «بدلا من ان نظل نتراشق من بعيد، لا يهدف الى الانتقاص من صلاحيات رئيس الحكومة المكلف او رئيس الجمهورية، بل أنا أقول انه إذا كان هناك من أمل بأن يشكل الرئيس تمام سلام حكومة فهو يتمثل بالانخراط في الحوار بوجود سلام، لان تحديد شكل الحكومة يعني الجميع وليس من اختصاص رئيسي الجمهورية والحكومة فقط».
ويستهجن بري تلطي البعض خلف «إعلان بعبدا» لعرقلة تشكيل الحكومة، مشيرا الى ان هناك من يحمّله أكثر مما يحتمل، وما يفوق طاقته بأشواط.
ويشدد على ان هذا «الإعلان» لم يأت على ذكر المقاومة، «وقد أصاب رئيس الجمهورية بقوله انني أوجزت النقاش حوله خلال احدى الجلسات في قصر بعبدا، وانطلاقا من ذلك أجزم بان الإعلان (بعبدا) ليس بديلا عن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، لانه ببساطة لم يناقش هذا الموضوع أصلا ولم يتطرق اليه، والدليل على ذلك ان الرئيس ميشال سليمان طرح في الجلسة اللاحقة، نظرته الى الاسترتيجية الدفاعية، وقد اتفقنا في حينه على استكمال النقاش حولها في ما بعد».
ويشير بري الى ان «الجميع يعلمون بأن فريقا واسعا من اللبنانيين يصر على معادلة الجيش والشعب والمقاومة بينما يعارضها فريق آخر، ما يعني انها تشكل محكا مفصليا للحكومة وبيانها الوزاري، فأين المشكلة في ان نتحاور في شأنها مسبقا حتى نسهل عملية التأليف ونحصنها؟».
وإذ يعتبر رئيس المجلس انه يُفترض بـ«إعلان بعبدا» ان يسهل الحوار ولا يعقده، يلفت الانتباه الى ان هناك من يحاول ان يستخدم هذا «الإعلان» كـ«حصان طروادة» لضرب معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وتكبيل طاولة الحوار والبيان الوزاري المفترض بقيود مسبقة.
ويضيف بري: «أنا من أوائل الدعاة الى المقاومة التي لا تزال بالنسبة إلي أكثر من ضرورية، وبالتالي عندما نقبل بالحوار حول الاستراتيجية الدفاعية والمقاومة فهذا يُعد بمثابة تنازل كبير من قبلنا، لان المقاومة هي قناعة راسخة لدينا، وترمز الى قيمة كبرى، وبرغم ذلك نبدي استعدادا لمناقشة الامر مع الآخرين لاننا لسنا وحدنا في البلد».
ويؤكد رئيس المجلس ان «إعلان بعبدا لا يصلح ان يكون بيانا وزاريا»، موضحا ان «البيان الوزاري يتضمن في العادة شرحا لسياسة الحكومة في كل المجالات من كهرباء ومياه وتنمية واقتصاد وأمن، بالإضافة الى معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي نتمسك بالإبقاء عليها في البيان»، لافتا الانتباه الى أن «حق المقاومة» مكرس في اتفاق الطائف وفي 18 قرارا صادرا عن اجتماعات وزراء الخارجية العرب.