تصــاعد الاتهـامـات بيـن «الكـابتن جـورج» وإســرائيـل.. قضــيـة محـــقـق الديـرانــي: اعتـــراف بالتعــذيـب

captain-george

صحيفة السفير اللبنانية ـ
حلمي موسى:
وبحسب المثل العربي «لم يروهم يسرقون، رأوهم يتنازعون الغنيمة»، تكشفت في محاكمة تعذيب الأسير اللبناني المحرر مصطفى الديراني الدائرة حالياً في إسرائيل أنماط التعذيب التي لجأ إليها الشاباك، وخصوصاً «الكابتن جورج». ففي مذكرة الدفاع عن نفسها في المحاكمة قررت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن الكابتن جورج، وهو اسم حركي، كان يستخدم أساليب مفزعة من بينها «نزهات التعري». وكان الجيش الإسرائيلي، وفي إطار التنصل من ماضي الكابتن جورج، قد أبعده عن الخدمة بعدما ظهر دوره في تعذيب الديراني في المحاكمة الجارية ضد الدولة العبرية. الأمر الذي استدعى الضابط إلى تقديم دعوى تعويض مالي ضخمة بحجة أن كل ما كان يفعله كان وفقاً للأوامر والتعليمات وبمعرفة الجميع. يُذكر أن الكابتن جورج كان من بين أبرز ضباط التحقيق في وحدة «504» الاستخبارية المكلفة بجمع المعلومات عما يجري خلف خطوط العدو.
ووفقاً لما نُشر، فإن الكابتن جورج تقدم بدعوى تعويض مالي كبير ضد الدولة والجيش الإسرائيلي، زاعماً أنهما خاناه وأهملاه. وقدمت الدولة حالياً عبر مكتب النائب العام مذكرة مضادة كشفت فيها عن الأفعال الخطيرة التي كان يقوم بها المحقق البارز حتى في تحقيقات غير قضية الديراني.
ومعروف أن وحدة «كوماندو» إسرائيلية عمدت إلى اختطاف القيادي في «حركة أمل» حينها، مصطفى الديراني واقتادته إلى إسرائيل بدعوى أن لديه معلومات حول الملاح الجوي المفقود رون أراد. وفي العام 2000 تقدم الديراني بدعوى إلى المحكمة اتهم فيها محققاً كبيراً في الوحدة «504»، وهو الكابتن جورج، بتعذيبه وتحقيره عن طريق دس عصا في مؤخرته. وتقدم الديراني أيضاً بدعوى تعويض مدنية ضد إسرائيل والمحقق جورج قبيل الإفراج عنه في صفقة التبادل مع «حزب الله» في العام 2004، وهي دعوى لا تزال تنظر فيها المحكمة الإسرائيلية.
وبرغم أن التحقيقات المعلنة للقضاء العسكري الإسرائيلي زعمت بأن دعوى الديراني لا تستند إلى أساس إلا أن هذه التحقيقات أقرت بأن الكابتن جورج اقترف أساليب قاسية. وترك الكابتن جورج من بعدها الجيش ليلتحق بالشرطة وسط حملات صحافية. وقبل عام قدم الكابتن جورج دعوى ضد الدولة أعلن فيها أن كل الأساليب التي استخدمها كانت بعلم قادته، وقادة كبار في الجيش، وأن الدولة جعلت منه «كبش فداء» وأضرت باسمه وبقدرته على إعالة نفسه. ولا تزال الدعوى قائمة في المحكمة اللوائية في تل أبيب.
غير أن مذكرة الدفاع المضادة التي قدمتها الدولة الإسرائيلية ضد دعوى الكابتن جورج تتحدث عن صورة مغايرة. وتقول إنه عندما قرر الجيش التحقيق في اتهامات الديراني تكشفت شهادات خطيرة أخرى بشأن السلوك الشاذ للمحقق جورج تجاه معتقلين آخرين، وهي شهادات ألقت بظلال شك كبيرة نحوه.
التهديد بالهراوة
وأشارت تحقيقات الجيش إلى أنه لم يتم اغتصاب الديراني باستخدام هراوة ولكن تم تهديده مراراً بفعل ذلك. بل ان أحد الجنود شهد بأن جورج طلب منه أن يخلع لباسه بحضور الديراني بغية تهديده بالاغتصاب. وأفاد جندي آخر بشهادة مشابهة ولكن في حالة أسير آخر غير الديراني.
ووفقاً لشهادة ثالثة فإن جورج، بمساعدة الشرطة العسكرية، أجبر أسيراً ثالثاً على أن يجول في باحة المعتقل المحتجز فيه عارياً فيما كان أحد الحاضرين يلاحق مؤخرته بعصا.
ولفتت المذكرة أيضاً إلى أن «الكابتن» تلقى بلاغاً عن نية الجيش الإسرائيلي إنهاء خدماته قبل تقديم الديراني دعواه، لأسباب مهنية. وأوضحت أن جورج لم ينجح عدة مرات في اجتياز دورات فاحصي جهاز كشف الكذب في الشاباك، وهي دورات مطلوبة للبقاء في منصبه، فضلاً عن أن كبر سنه، ومرتبته المتدنية نسبية، فهو رائد، كلها عوامل تقرر من خلالها أن لا فرصة له للتقدم في المنصب.
وتبين أيضاً أن جورج رفض اجتياز فحص جهاز كشف الكذب. وهذا فحص معهود في وحدات الاستخبارات السرية وشرط للعمل فيها. وتقريباً وافق كل رجال الوحدة على اجتياز الفحص من دون مشاكل. كذلك قاد رفضه اجتياز الفحص إلى خفض تصنيفه الأمني إلى المستوى الأدنى، الأمر الذي جعل من المتعذر بقاؤه في الجيش.
وتزعم الدولة أن جورج وافق في النهاية على اجتياز الفحص لكنه وضع شرطاًَ، فهو «لا يريد أن يسأل إذا كان قد ارتكب مخالفات جنائية أو سلم معلومات سرية لجهة غير مخولة». وتعترف المذكرة بأن جورج أقر في النهاية بأنه كان على صلة مع صحافيين وتحدث معهم عن تحقيقات الديراني.
وبرغم ما كشفت التحقيقات عن سلوك جورج، إلا أن النيابة العسكرية العامة رفضت تقديمه للمحاكمة الجنائية بسبب خدمته الأمنية الطويلة، وخصوصاً تحقيقاته مع الديراني. ومع ذلك قرر المدعي العام أن أفعال الكابتن جورج خطيرة جداً وأنه لا يمكنه البقاء كمحقق مع الأسرى. وبحسب المذكرة جرت دراسة أمر تقديم قادة آخرين إجراءات قضائية كانوا ضالعين بأفعال الكابتن جورج.
وتخلص المذكرة إلى أن الكابتن جورج أنهى خدمته في أيار العام 2002 من دون صلة بنتائج التحقيقات، فضلاً عن أنه لا أساس لما يزعم بأنه تحول إلى كبش فداء، ولذلك فإن «وزارة الدفاع تطلب رفض الدعوى».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.