دلالات جلسة الكنيست الكاشفة لأزمة العدو ومستقبل الصراع

موقع العهد الإخباري-

إيهاب شوقي:

لم تكن جلسة الكنيست الأخيرة مجرد جلسة لمنح الثقة لحكومة إسرائيلية جديدة، بل كانت مشهدًا متفجرًا بالدلالات لما آلت إليه الأوضاع الإقليمية، ووضع الكيان الصهيوني، ومؤشرًا على مستقبل الصراع ومحدداته.

الجلسة التي شهدت فوضى وامتلأت بالتلاسن وتبادل الاتهامات وانتهت بأغلبية صوت واحد، هي ملخص لما وصل إليه الكيان الصهيوني من ترهل وتفجر للتناقضات بين مكوناته المصطنعة من جهة، وبين حجمه الحقيقي وحجمه التوسعي المصطنع الذي يريد الوصول إليه والهيمنة بمقتضاه.

ويمكننا من سياق هذه الجلسة الكاشفة والمعبرة استخلاص بعض من الدلالات المباشرة:

1- الصراع الداخلي الدائر في الكيان، هو صراع حول الأكثر تطرفًا، والمزايدة التي حدثت بين نتنياهو وبينيت، تركزت حول إيران والاتفاق النووي ومن هو الأكثر كفاءة لاحتواء الخطر الإيراني على الكيان الصهيوني.

وهو دلالة مباشرة على التوصيف الصهيوني للخطر الاستراتيجي الأكبر على الكيان، وهو إيران ومحور المقاومة والذي شكل هذا التآكل في الردع الإسرائيلي ووضع الكيان أمام حجمه الحقيقي، وكشف هشاشته ووهم تفوقه ووهم الفجوة العسكرية والتكنولوجية التي حاول غرسها في وجدان الشعوب للاستسلام لمشروعه.

2- افتخر نتنياهو بالتطبيع مع دول عربية، وعد ذلك من أعظم انجازاته، وأنه حول معادلة “الارض مقابل السلام” إلى معادلة “السلام مقابل السلام”، وتساءل: “كيف سنحارب إقامة دولة فلسطينية فيما تؤيد أغلبية الحكومة ذلك؟”، مشيرًا الى اليسار المزعوم الذي يتبنى حل الدولتين.

وهو ما يكشف مدى العار الذي وقع به المطبعون، حيث أصبحت ممارستهم في عداد انجازات العدو ومفاخره من جهة، ومن جهة أخرى اعترف العدو بأنه ضد قيام الدولة الفلسطينية، التي تغنّى المطبعون بأنهم يسعون لها ويعملون عليها، بل ووضعوها كسقف لطموحاتهم وغاية لجهدهم والتزامهم بالقضية!

3- كشف الائتلاف الهش والذي لا يتفق إلا على الإطاحة بنتنياهو، حجم الأزمة السياسية والأيدلوجية والاستراتيجية التي يمر بها الكيان وعدم الاتفاق أو حتى التوافق على رؤية لمستقبل الكيان.

4- أكدت تصريحات نتنياهو وبينيت، أن هناك أزمة بالفعل مع الولايات المتحدة الأمريكية، تتعلق بتوريط الكيان لها في صراع بات أكبر من قدرتها على تحمل استمراره، ولم يعد الكيان أولوية متقدمة لها وأن امريكا تسعى مضطرة للتهدئة بعد بروز محور المقاومة كقوة إقليمية كبرى تستطيع الصمود ومواجهة أمريكا نفسها وليس الكيان الصهيوني فقط، وهو ما كشفه نتنياهو بتشكيكه في صمود بينيت أمام مساعي أمريكا للتهدئة وعدم قدرته على الوقوف أمامها وهو ما يرادف توريطها بالصراع.

هنا نحن أمام معطيات تقودنا إلى نتائج خطرة، نستطيع أن نحدد أبرزها في ما يلي:

أولًا: الصراع في الكيان الصهيوني يدور حول التطرف، ومن هو الأكثر قدرة على المضي في شوطه، وترجمة ذلك العملية، هو المضي في الاستيطان والتنكيل بالفلسطينيين وتهجيرهم، وأيضًا التصعيد مع ايران ومحور المقاومة.

ثانيًا: التفكك الظاهر للعيان في المجتمع الاسرائيلي والذي عكسته الازمات المتتالية للانتخابات وللائتلاف الحكومي، ولغة الحوار الداخلية، تشي بأن التطرف الديني وملف القدس هو العامل الوحيد الذي يراهن عليه العدو للم شمل المستوطنين والصهاينة، وترجمة ذلك العملية، هي المضي قدما في ابتلاع القدس وتهويدها كمحاولة للم شتات الصهاينة وهو احياء للأيام الأولى لنشأة الكيان عبر الدعوة لأرض الميعاد، وهو بمثابة إنشاء جديد للكيان تحت عنوان القدس تحايلا على الازمة الوجودية التي يمر بها.

ثالثًا: بدا اعتماد الكيان الصهيوني على ملف التطبيع، وكم هو حيوي بالنسبة لمستقبله، وهو ما يترجم عمليًا إلى مزيد من الدفع الأمريكي للتطبيع عبر الترهيب والترغيب لبقية الدول التي لم تقدم على التطبيع.

نحن أمام أزمة فلسطينية بالمقابل، تتمثل في ضيق الهامش الزمني المتاح لحتمية التوحد حول خيار المقاومة، وحتمية الوقوف بصلابة أمام الأنظمة العربية المتجهة للتطبيع، وحتمية الذود عن القدس بكافة الطرق، وعلى رأسها المقاومة المسلحة، وحسم الخيارات المتأرجحة بين المقاومة والسياسة، باعتبار أن المقاومة هي الحل الحتمي والوحيد لأزمة وجودية فلسطينية تقابل أزمة العدو الوجودية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.