زرداري يبحث في طهران إتمام مشروع للغاز رغم المعارضة الأميركية

khamenei-zardari-najad

صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن ـ
طهران: «الشرق الأوسط» إسلام آباد: عمر فاروق:
واصلت إسلام آباد تحديها لواشنطن بإعلانها المضي قدما في مشروع أنبوب غاز مثير للجدل لنقل الغاز الإيراني إلى باكستان. وبحث الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري خلال زيارته إلى طهران أمس الخطوات الإجرائية، ووضع اللمسات النهائية لإتمام المشروع اعتبارا من ديسمبر (كانون الأول) 2014 على ما أعلنته وسائل إعلام إيرانية.

والتقى زرداري الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي خلال زيارته التي استمرت يوما واحدا وتمحورت بشكل كبير حول مشروع أنبوب الغاز. ووصف خامنئي لدى استقباله زرداري مد أنبوب نقل الغاز الإيراني إلى باكستان بأنه أنموذج جيد للتعاون بين البلدين، مشيرا إلى معارضة بعض الجهات لتنمية العلاقات بين طهران وإسلام آباد، وأضاف في تصريحات نقلها تلفزيون «العالم» الإيراني: «يجب سحق هذه المعارضة وتخطيها بشكل حازم».

وقال خامنئي إن كثيرا من المشكلات التي يعاني منها العالم الإسلامي «مصطنعة جرى تسويقها من قبل الأعداء»، مؤكدا أن إحياء القدرات والمواهب الإنسانية والطبيعية والجغرافية للعالم الإسلامي من شأنها حل الكثير من هذه المشكلات». وأشار إلى الوشائج العميقة والعلاقات الأخوية التي تربط بين طهران وإسلام آباد. وأضاف: «إننا نؤمن بضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية والبنيوية والسياسية والاجتماعية والأمنية بين الجانبين».

ووصف خامنئي ما يجري في باكستان من خلافات وتفرقة مذهبية بأنها «جرثومة أجنبية» خطيرة، معربا عن أسفه حيال المجازر المذهبية التي ترتكب في باكستان، وقال: «يجب من خلال التصدي الحازم لمثل هذه الجرائم الحيلولة دون المساس بالوحدة الوطنية الباكستانية»، حسب تصريحاته.

وأعرب عن ثقته حيال قدرة الحكومة الباكستانية على تخطي هذه المشكلة، وأضاف: «نأمل أن تحقق حكومتكم النجاح على صعيد تعزيز وترسيخ الوحدة المذهبية والقومية وتحقيق التقدم لباكستان».

من جانبه أعرب الرئيس الباكستاني آصف زرداري عن ارتياحه حيال هذا اللقاء، مؤكدا أنه بلاده أيضا تؤمن بضرورة تنمية العلاقات الثنائية على كل الصعد، وأشار إلى محاولات دولية لمنع تعزيز العلاقات بين طهران وإسلام آباد، وقال: «هذه المحاولات فاشلة لأن الشعوب تعلمت كيف تتعاطى مع أعداء الإسلام»، ولفت زرداري إلى أن أعداء باكستان يحاولون تأجيج حرب داخلية، وقال: «لن نسمح للعدو بتنفيذ مآربه المشؤومة».

وكانت باكستان قد أعطت مؤشرات واضحة خلال الأسبوع الماضي على أنها ستمضي قدما في هذا الاتفاق على الرغم من التحذيرات الواضحة من جانب واشنطن بفرض عقوبات على إسلام آباد في حال القيام بهذه الخطوة.

وحسب مصادر في إسلام آباد وبموجب هذه الاتفاقية، ستقدم طهران قرضا إلى إسلام آباد بقيمة 500 مليون دولار لإنشاء خط الأنابيب، إلا أن هذا المشروع يواجه عقبات كبيرة بسبب غياب المستثمرين الذين يخشون من فرض عقوبات من جانب الولايات المتحدة.

ونقلت صحيفة «إكسبرس تريبيون» الباكستانية عن مسؤول بوزارة الخارجية الباكستانية قوله إن الرئيس زرداري سيضع خلال زيارته اللمسات النهائية على الاتفاقية التي طال انتظارها. وقال المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة تضغط على إسلام آباد حتى تقوم بإلغاء هذا المشروع، مضيفا: «ولكننا نشعر بأن هذا المشروع مهم بالنسبة لاحتياجاتنا المستقبلية من الطاقة، وسوف نستمر فيه مهما كان الثمن».

وخلال لقائه الصحافي الأسبوعي الأسبوع الماضي، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية معظم علي خان التقارير التي تشير إلى وجود ضغوط أميركية على بلاده، مشددا على «الأهمية القصوى» لهذا المشروع بالنسبة لبلاده. وأضاف خان: «تعاني دولتنا من نقص في الطاقة، ومن مصلحتنا القومية أن نستمر في هذا المشروع».

وكان رئيس الوزراء الباكستاني راجا برويز أشرف قد عبر عن عزم حكومته المضي قدما في هذا المشروع بهدف التغلب على نقص الطاقة الذي تعاني منه بلاده، على الرغم من التحذيرات الواضحة من جانب وزارة الخارجية الأميركية بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على إسلام آباد في حال عدم انسحابها من هذا المشروع.

وفي حديثه للصحافيين الأسبوع الماضي بإقليم السند الباكستاني، قال راجا: «تعاني باكستان من أزمة حادة في الطاقة، ونسعى لوضع حد لها في أقرب وقت ممكن».

مع ذلك تفادى راجا التعليق تحديدا على بيان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية الذي حذرت فيه من فرض عقوبات على باكستان إذا لم تنسحب باكستان من هذا المشروع. وقالت المتحدثة: «نعتقد أن هناك طرقا أفضل وأكثر أمانا وفاعلية يمكن أن تحصل من خلالها باكستان على الطاقة. لقد أوضحنا للدول حول العالم بما فيها باكستان أننا نعتقد أنه من مصلحتها عدم الانخراط في أنشطة تتنافى مع العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة أو مع القانون الأميركي».

وشهد هذا المشروع الذي قدرت كلفته بـ7.5 مليار دولار مشكلات منذ انطلاقه في 2010 بسبب صعوبات في التمويل ومعارضة الولايات المتحدة التي تسعى إلى عزل إيران بسبب نشاطاتها النووية المثيرة للجدل. وبموجب اتفاق موقع بين البلدين في يونيو (حزيران) 2010 يفترض أن تسلم إيران 21 مليون متر مكعب من الغاز يوميا إلى باكستان اعتبارا من 2014 بفضل هذا الأنبوب الذي يمتد نحو 1800 كلم.

وأنجزت إيران تقريبا كل الأشغال على أراضيها، لكن باكستان لم تبدأ بعد أعمال بناء 780 كلم من أنبوب الغاز في أراضيها. ولإنعاش المشروع وافقت إيران في نهاية المطاف على تحمل ثلث كلفة مد الأنبوب في باكستان وتبلغ 1.5 مليار دولار. وستنفذ شركة إيرانية هذا المشروع. وتمتلك إيران ثاني احتياطي عالمي من الغاز لكنها لا تنتج حاليا سوى نحو 600 مليون متر مكعب منه يوميا تغذي بأكملها سوقها الداخلية نظرا لغياب وسائل التصدير.

والزبون الوحيد لإيران حاليا هو تركيا التي تشتري نحو ثلاثين مليون متر مكعب يوميا، كما تخطط إيران لبيع الغاز للعراق وسوريا. وقد قررت الدول الثلاث في 2011 إنشاء أنبوب للغاز بدأت أعمال بنائه في الجانب الإيراني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.