كتاب: هل ما جرى ويجري في سورية (ثورة) أم (مؤامرة)؟ (الحلقة الخامسة)

bahjat-book5

 

 

كتاب: هل ما جرى ويجري في سورية (ثورة) أم (مؤامرة)؟
(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).
من تأليف سعادة سفير الجمهورية العربية السورية في العاصمة الأردنية عمان اللواء الدكتور بهجت سليمان…

 

الحلقة الخامسة

-1-
يصبح (الدجل والرياء والنفاق والخداع والتضليل والتزييف والتزوير والشائعة): سلاح أعداء سورية (شعباً وجيشاً وقيادةً وقائداً):
1-    عندما يعملون لتحويل (طرابلس) إلى (قاعدة) لتنظيم (القاعدة) الإرهابي، وإلى (منصّة) بدلاً عن ضائع، لاستضافة واستيراد وتحشيد وتدريب وتسليح وتصدير العصابات الظلامية المسلّحة، للعدوان على الشعب السوري والجيش السوري، بعد فشلهم في استقطاع أي منطقة داخل الأراضي السورية، تشكّل (قاعدة) أو (منصّة) تلعب دور (بنغازي) ثم يسّوقون جرائمهم الموصوفة والمكشوفة هذه، عبر محاولة بائسة ويائسة، لتغطيتها وتمريرها، بالقول (إنّ النظام السوري يريد تصدير أزمته إلى لبنان!!!) وكأنّ القيادة السورية هي التي أرسلت قطعاناً وأفواجاً من المسلّحين القتلة إلى لبنان، وليس العكس!!.
2-    وعندما يتوالى مسلسل السيّارات المفخخة الانتحارية الفظيعة، التي يقوم بها الإرهابيون الظلاميون التكفيريون المُحتضنون من بعض محّميات البترو دولار، ثم يتهمون الدولة بها!!! أيّ أنّ إرهابيي “القاعدة” هم الذين يفجّرون في مختلف أنحاء العالم، ما عدا سورية، فالدولة هي التي تفجّر نفسها.. أليس هذا منطق هؤلاء البيادق المأفونين؟
3-    وعندما تسمّى عصابات الإرهاب الظلامي التكفيري التدميري الإلغائي الإقصائي (جيش حر) وعندما يسمّى الجيش الوطني الذي خاض أربعة حروب مع إسرائيل، ومضى على إنشائه سبعون عاماً تقريباً، يصبح اسمه عند هؤلاء (كتائب الأسد).. وعندما يسمّى طرطور المليشيا الإرهابية الانكشارية، الخائن الفار (رياض الأتعس) (قائد جيش!!!)
4-    وعندما يصبح مسلسل العقوبات اللامتناهية على الشعب السوري لخنقه وقطع الهواء عنه، إذا استطاعوا، يصبح (دعماً للشعب السوري).
5-    وعندما يصبح (التمرّد المسلّح) و (الجرائم الجنائية الفظيعة؟) ثورة وانتفاضة؟ عند أعداء الشعوب وأذنابهم؟
6-    وعندما يصبح التجييش الطائفي والتحشيد المذهبي، قضية من لا قضية له، إلاّ خدمة أصحاب المشروع الصهيو – أميركي وأذنابهم في المشيخات المحميات.
7-    وعندما يصبح الاستعمار الجديد (الصهيو – أطلسي) مرجعاً وملاذاً، لتصدير الحرية والديمقراطية إلى الشعوب والأنظمة التي ترفض الإذعان لمخططاته الاستعمارية الجديدة؟
8-    وعندما يصبح الأمراء العبيد في محميات البترو دولار، دعاةً للدفاع عن الشعوب (ماعدا شعوبهم طبعاً) ويصبح احتضانهم وتسليحهم للعصابات الإرهابية الإجرامية المسلّحة، دعماً للشعوب.
9-    وعندما يصبح الانخراط الذيلي في المشروع الصهيو – أمريكي، مبعثاً للتفاخر والتباهي، وتتحوّل العمالة والخيانة، من جريمة، إلى وجهة نظر، لا بل تصبح موقفاً وطنياً وديمقراطياً.
10-    وعندما تقوم أذناب وبيادق المحافظين الجدد والإيباك الصهيوني، باتهام قوى المقاومة والممانعة، التي نذرت تاريخها وحاضرها لمواجهة المشروع الصهيوني، اتّهامها بأنها على توافق أو تناغم أو – حتى تحالف – مع إسرائيل!!!!.
11-    وعندما تصبح الخلافات الفرعية، تناقضات جوهرية، وتصبح التناقضات المصيرية، خلافات عابرة، بحيث تصبح إسرائيل (حليفاً) لبعض الأعراب الأذناب، وتصبح (إيران) عدواً، لا بل تصبح سورية العربية الأبية صانعة التاريخ والحاضر والمستقبل (عدواً) لهؤلاء.
12-    وعندما يعقد أعداء سورية في مختلف بقاع العالم، مؤتمرات متلاحقة تحت عنوان (أصدقاء سورية).
13-    وعندما يصبح الإرهابيون (مجاهدين) و (ثواراً) كما كانوا سابقاً عند “العم سام” في الثمانينيات، (مقاتلين من أجل الحرية).
14-    وعندما تصبح إسرائيل (صديقة) يستنجد بها سفراء محميّة مشيخيّة، لمساعدة هذه المشيخة ضد شعبها.
15-    وعندما يصبح كل شيء مقلوباً، وتسير الأشياء على رأسها، بدلاً من أن تمشي على قدميها. حينئذ، تصل الأمور إلى ما وصلت إليه في منطقتنا.. ورغم ذلك، ومع ذلك، سيبقى الشعب والجيش والقيادة السورية، هم السدّ المنيع الكفيل يقطع الطريق على أصحاب هذا المخطط وأدواته وبيادقه، ومنعهم من أخذ المنطقة إلى الهاوية، حتى ولو دفعت سورية، شعباً وجيشاً، تضحيات جُلّى لمنع تزليق المنطقة إلى الهاوية.. وهذا هو، قدر سورية وخيارها.

-2-
(ضاحية شمالية ) في طرابلس ، مقابل (ضاحية جنوبية) في بيروت!!!!!!!! أليس هذا ما أقرّ به أحد بيادق التيار الصهيو-وهابي (الجديد) في لبنان، الذي يسمي نفسه (تيار المستقبل )؟!؟!. ألا يكشف ذلك، بأنّ المطلوب فعلاً في لبنان، هو إقامة (ضاحية شمالية) لقتال سورية، مقابل وجود (ضاحية جنوبية) قاتلت وتقاتل إسرائيل؟!. ألا يكشف ذلك، بأنّ جوهر الموضوع بكامله، هو معاقبة المقاومة اللبنانية، ومعاقبة القيادة السورية والشعب السوري، لأنهم نذروا أنفسهم، لمنع إسرائيل من الهيمنة على المنطقة، وإيقافها عند حدها، كمرحلة أولى؟!؟!.  ألا يكشف ذلك، بأنّ سورية (شعبا وجيشا وقيادة) ومعها المقاومة اللبنانية، تدفعان الآن، ثمن فشل إسرائيل وحلفائها الأطلسيين، في ترويضهما وتطويعهما؟؟؟؟. وأنّ المطلوب، منذ عام (٢٠٠٦) وحتى الآن، البحث عن والعمل بمختلف السبل الكفيلة بتحقيق ذلك؟؟؟؟ وأن القرار (السنيوري-الجنبلاطي) في (٥) آيار(٢٠٠٨) بحق المقاومة اللبنانية، كان يهدف إلى تحقيق، ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه، في حربها على لبنان ومقاومته، قبل ذلك بعامين، أي في عدوان تموز (٢٠٠٦)؟؟؟ وأن مسارعة مختلف القوى الوطنية اللبنانية، في(٧) أيار، لوضع حد حازم وحاسم، لتلك المحاولة المسمومة والغبية، دفع بأصحاب المحور الصهيو-أميركي، لتكليف بيدقهم (القطري) من أجل إخراجهم وإخراج بيادقهم اللبنانية، من الورطة التي وقعوا وأوقعوا (أزلامهم) فيها، فكان المخرج هو (اتفاق الدوحة)… لم تستسلم إسرائيل وحلفاؤها الأطلسيون، وأذناب حلفائها المشيخيون البترو دولاريون، لما جرى، بل واصلوا جهودهم وراكموا طاقاتهم، لحياكة المخططات، وتحشيد وتجييش مختلف الأدوات المتوافرة بين أيديهم، داخل سورية وداخل لبنان، لإعادة إحياء مخطط ترويع وتطويع المقاومة اللبنانية والقيادة السورية، الوطنية والقومية، التي تشكّل الحاضنة الأساسية والجوهرية، لقوى المقاومة ضد المشروع الصهيوني الاستيطاني العنصري التوسعي، ولنهج الممانعة السياسية، الذي تشكل سورية قلبه وعقله (وتشكل مختلف القوى الشريفة في العالم، باقي أعضاء الجسم فيه).. والمعركة سجال طالت أم قصرت، لكن النصر دائماً للشعوب ولمن يمثّلها.

-3-
يا حبّذا، لو نفهم ما هي هذه (الثّورة) أو (الانتفاضة) أو (الرّبيع العربي) أو (الحراك الشّعبي) التي يكوّن حاضنها الأول: قوى الاستعمار الأوربي القديم، وقوى الاستعمار الصّهيو_أمريكي الجديد؟! وحاضنها الثّاني: قوى الظّلام التّكفيري التّدميري الإلغائي الإقصائي البترو-دولاري الجاهلي التّلمودي الوهّابي؟! وأدواتها الأساسيّة داخل سورية، هي قطعان الإجرام الجنائي، وقطّاع الطّرق، والفارّون من وجه العدالة، مدعومة بلُمامات من عناصر (قاعدة) ابن لادن والظّواهري، التّكفيريّة، بفتاوى دمويّة نفطيّة…. ويتبرقع هؤلاء جميعاً، وراء الدّين الإسلامي الحنيف، مع أنّهم ومشغِّلوهم وداعموهم، أعدى أعداء هذا الدّين … ثُمَّ كيف يمكن أن تُشكِّل (معارضات الفنادق) و (إرهابيّو الخنادق) ثورة أو انتفاضة ؟ هؤلاء مؤهَّلون ، فقط، لتشكيل (ثورة مضادّة) بحُكم ارتهانهم للخارج المُعادي للوطن والأمَّة، وبحُكم تهافتهم وراء رغباتهم وضغائنهم وخيباتهم، عبر استخراج (أدلوجة) غرائزيّة خالية من العقل، وخالية من حرّية الرّأي، وخالية من أيّ حسّ أو شعور بالمسؤوليّة الوطنيّة، وكلُّ ما يعنيها فقط، هو كيفيّة انتزاع السّلطة، ولو على جثّة ملايين المواطنين أوّلاً.. وثانياً، تقوم برهن الوطن، شعباً وأرضاً ومقدّرات، للخارج، والانضواء في طابور التَّبعيّة الأعرابيّة الأذنابيّة للمحور الصّهيو_أمريكي ؟!… وأخيراً ، حبّذا لو نفهم كيف يصبح (نادي البترودولار) المشيخي العائلي مصنعاً للثّورات الديمقراطيّة والانتفاضات الشعبيّة والحرّيات الجماهيريّة ؟!.. وهل يمكن لمثل هذه الثّورات والانتفاضات، أن تكون غير مزوَّرة ومزيَّفة ومسمومة وملغومة؟! طالما أنَّ حاضنتها وولّادتها، هي هذه المشيخيّات التي لم تغادر القرون الوسطى؟!..

-4-
السكينة كل السكينة، والخلود كل الخلود، لشرفاء هذا الوطن الغالي، الذين لا تساوي تلال وجبال البترو دولار، قطرة واحدة من دمائهم الطاهرة.. والعزاء كل العزاء، لأهل وذوي وأصدقاء، الشهداء السوريين الأبطال.. والمجد كل المجد، لهذا الشعب العظيم، الذي ارتضى أن تكون دماء أبنائه، الأضحية التي سوف تمنع المؤامرة وأدواتها، من الهيمنة على سورية، أو من إلغاء دور سورية، أومن أخذ سورية إلى أحضان المحور الصهيو-امريكي-الانكشاري-الوهابي… وكم نحتاج، نحن وهؤلاء الشباب والشابات الرائعون، إلى تحاشي الانزلاق إلى فخ اليأس أو القنوط، مهما ادلهم الجو، ومهما ازدادت التحديات، وكم نحتاج إلى تحاشي الغرق في التفاصيل والجزيئات اليومية (من غير أن نهملها) وكم نحتاج إلى التشبث بالأمل الرائع بالمستقبل، الذي تصنعه سواعدهم، وتراكمه يوماً بيوم وساعة بساعة.. وأن نبتعد عن إصدار الأحكام، وفقا لليوميات والأجزاء والاجتزاء، وأن تكون أحكامنا ورؤانا، استنادا إلى صورة بانورامية ورؤية منظومية، تغوص في أعماق تجليات وتعبيرات الأزمة، ولا تكتفي بتوصيفها ولا بتوصيف واقعها اللحظي الراهن، وأن نستمر في التنقيب إلى أن نمسك معا بجذورها وأسبابها-رغم الألام والأوجاع الكبرى- التي عاهدنا الله والوطن والبشار، أن نحولها إلى آلام نبيلة، تعيد بعث الوطن بأحلى وأبهى وأنقى وأسمى وأعلى وأقوى مما كان عليه قبل الأزمة، لأن النصر لنا حتماً وحسماً وحكماً، والعبرة دائماً في النهاية.

-5-
– (ربيع) أو (ثورة) أو (انتفاضة) مضمونها: قتل واغتصاب وتمثيل بالجثث، وقطع طرقات وإحراق مؤسسات عامة، ومدارس، ومشافي، وتدمير جسور ومصافي نفط وخطوط إمداد بنزين ومازوت وغاز، وتدمير محطّات الكهرباء، بل واقتلاع أبراج الكهرباء، ووضع آلاف العبوات النّاسفة في الطرقات، والتّفجير الانتحاري عبر سيَّارات مفخّخة للمواطنين الآمنين!!!!.
– (ربيع ) أو (ثورة) أو (انتفاضة) يقودها ويحتضنها ويديرها ويموِّلها، حلف الأطلسي وأتباعه وأذنابه وبيادقه من أعراب البترو-دولار!!!!.
– (ربيع) أو (ثورة) أو (انتفاضة) ترفع شعار (الحرِّيَّة) ولكن يقرِّر فيها الأمريكان والأوربّيّون والإسرائيليون والمشيخات والمحميّات، إسقاط رئيس دولة عربيّة، عبر عقوبات اقتصاديّة وماليّة ودبلوماسيّة وإعلاميّة… وأعراب النّفط (السَّبَّاقون إلى الدِّيمقراطيَّة) يدعمون هذه العقوبات، بحصار سورية اقتصاديّاً وسياسيّاً ودبلوماسيّاً وماليَّاً، وكذلك بحرب إعلاميَّة، لم يجودوا، ولا ببعضٍ منها على إسرائيل!!!!.
– (ربيع) أو (ثورة) أو (انتفاضة) يُطالب أصحابها، بتدخُّلٍ عسكريٍّ أطلسيٍّ أمريكيٍّ وأوربيٍّ وتركي، لتدمير بلدهم، وقتل أبناء الشّعب المفترض أنَّهم (يثورون) من أجله، بل واحتلال هذا البلد… من أجل غرضٍ واحد هو (تسليمهم السُّلطة)!!!! هذا هو ربيعهم، وهذه هي ثورتهم، وهذه هي انتفاضتهم، الّتي تسعى لنقل سورية من واقعها القائم إلى واقعٍ بائسٍ تابعٍ بدائيٍّ طائفيٍّ مذهبيّ، يأخذ الوطن إلى الهاوية (ولكن خسئوا) فلن يلقوا إلّا المصير الذي لاقاه من حاول قبلهم إلغاء سورية.

-6-
يودّع السوريون ، شهداءهم، بعيون دامعة، وقلوب دامية… تابوت إثر تابوت، توابيت تحتضن بين جنباتها، نتفاً من قلب وروح ووجدان كل سوري شريف مخلص، تواكب من كانت أرواحهم، فداء للسوريين جميعاً… ولكن عهداً أيها الشهداء الأبرار، لن تذهب دماؤكم رخيصة، ووعداً، من إخوة لكم، بأن راية الوطن، ستبقى مرفوعة، وأن صوت الحق والعدل والكرامة والإباء والعزة والشموخ والشرف والكبرياء، سيبقى عالياً ومجلجلاً، في ربوع الشام وبلاد الشام، ما دام فينا عرق ينبض…. ألا يكفي السوريين شرفاً، أنهم يخوضون معركة الأمة العربية بكاملها، في مواجهة (الصهيونية) بمختلف أشكالها وتفرعاتها وتموضعاتها، بدءاً بـ:(الصهيونية اليهودية) مروراً بملايين الصهاينة الأمريكان الذين يختبئون وراء الدين المسيحي، ويسمون أنفسهم، أتباع (المسيحية الصهيونية) والمسيحية السمحاء بريئة منهم، براءة الذئب من دم ابن يعقوب، و(الصهيونية الأعرابية) و(الصهيونية المتأسلمة) و(الصهيونية الوهابية) و(صهاينة الداخل)؟!؟! هؤلاء جميعاً، هم من أعلنوا الحرب الكونية على سورية، شعباً وجيشاً وقيادة، من أجل ترعيبها وترهيبها وتمزيقها وتفتيتها… ولأنّ سورية هي مدينة الآساد، وعاصمة الأمويين، وحاضرة الشرق، وبوابة العالم… لأنها كذلك، سوف تنتصر حتماً وحكماً، لتعود أقوى مما كانت بمرات ومرات، حتى لو كان ذلك بضحايا مؤلمة وباهظة.

-7-
(حذار ثم حذار) من الوقوع في فخّ (الإحباط) و (اليأس).
من يسمح لنفسه بالوقوع في دواّمة (الإحباط) أو (اليأس) يحقق لأعداء الوطن والأمة، ما أرادوه منذ البداية، وهو إشاعة جو من الرعب والهلع والخوف من المستقبل، بحيث يفقد المواطن الشريف، قدرته على الصمود والمقاومة، ويخسر عنصر الصلابة، ويفتقد المناعة المطلوبة لمواجهة الحرب الظالمة الكونيّة التي يخوضها أعداء العروبة والإسلام، ضد سورية… الشعب والجيش والقيادة… ومن البديهي أن لا تمرّ هذه اللعبة الخبيثة على شرفاء الوطن، وأن يستعدّوا ويُعدّوا أنفسهم، لمعارك متلاحقة، في هذه الحرب الطويلة التي سوف تكون رايات النصر فيها معقودة لهم، بكل تأكيد، وبما لا يتطرق إليه الشك.. وكلما تصاعدت وتيرة معركة من معارك هذه الحرب.. من الطبيعي أن يزداد الإيمان بالنصر، والأمل بالمستقبل، وأن يزداد شحذ العزائم والهمم، وأن تزداد الصلابة والمناعة، بل والتفاؤل– نعم التفاؤل، رغم حجم الجراح والآلام– لأنه لا نصر بدون ثمن، والثمن هو ما يعانيه الوطن ومواطنوه الشرفاء.. فهل يجوز، والأمر هكذا، أن يُصاب البعض بالإحباط، طالما أنّ الإحباط يساهم في هزيمتهم، وفي نصر أعدائهم.. وإذا كان البعض مصاباً بالإحباط لأسباب شخصية أو ذاتية أو موسمية أو عابرة، فإنّ من البديهي أن يقفز الشرفاء فوق إحباطهم الذاتي، وأن يرتقوا إلى مستوى (العام) من حيث جعل (الخاص) في خدمة (العام) أي جعل (الشخصي) في خدمة الوطن، عبر التسامي فوق الجراحات الشخصية والإحباطات الذاتية.. وعبر الابتعاد الكامل عن الهلع أو الاستخفاف أو التشاؤم (هذه الثلاثية المرذولة) وعبر اعتماد (الثلاثية المحمودة): الثقة بالنفس، والشجاعة الوثّابة، والتفاؤل بالمستقبل.

-8-
هناك في العلم العسكري، ما يسمى (اتجاه جهد رئيسي) واتجاهات (جهود ثانوية) أو فرعية، أثناء المعارك في الحروب… وأعتقد جازماً، أنّ اتجاه الجهد الرئيسي للعالم، وبدون مبالغة، الآن، هو ( سورية ) بصفتها رأس المقاومة وعقل الممانعة… حيث أن انكسار سورية في هذه الحرب الكونية عليها، يعني (١): خروج الأمة العربية، ليس من التاريخ فقط، بل حتى من على هامش التاريخ، لأجيال عديدة قادمة، ويعني ثانيا    (٢): بقاء القطبية الأحادية، واستمرار هيمنة المحور الصهيو- أميركي على العالم.. كما أن انتصار سورية، شعباً وقيادةً، على المخطط الدولي – الأطلسي-الصهيوني-الانكشاري- الأعرابي البترودولاري، سوف يُنجب وينتج ويستولد جبهة محصنة حصينة تجهض القطبية الأحادية وتجبر أصحاب مشروع الشرق الأوسط الصهيوني الجديد، المراد إقامته، على الانزواء والتراجع، استعداداً لجولة قادمة، عندما تسنح لها الظروف مستقبلا .. ويصبح الأمر سباقاً بين النهجين والمنظومتين والمحورين. وبيضة القبان في هذا السباق هي سورية. ومن يعتقد أن سورية لن تنتصر، يكون غافلا… ومن يعتقد أن سورية، يمكن أن تنتصر، عبر المنحى السابق نفسه، اقتصادياً وإعلامياً وثقافياً وتربوياً، يكون حالماً… لا خيار أمام سورية المتجددة، إلا أن تتحول إلى ( كوبا ) أخرى، ولكن ( عربية)، وأن تتحول إلى قلعة حصينة محصنة في مختلف الميادين، وفي طليعة الأسلحة المطلوبة، لتحصين القلعة، أمران: الحرية الإعلامية، والديمقراطية السياسية، وهما كفيلان بمحاربة جماهيرية واسعة للفساد، عبر تعرية أصحابه إعلامياً، وعبر محاسبتهم سياسياً، وهما كفيلان أيضاً، بوضع حد للتغولات الأمنية والبوليسية والإدارية والبيروقراطية… كما أن ( كوبا عربية ) تحتاج إلى شباب مؤمن، صاحب قضية، صلب، واع، قادر على أن يكون (قدّ الحمل) والبركة بعشرات آلاف الشباب السوريين الذين أثبتوا أنهم أهل للمهمة (بقيادة البشار شيخ الشباب) لأن جيلنا صار من الماضي… وصحيح أنه لا قطيعة مع الماضي، ولكن لا بقاء لما كنا عليه في الماضي.. ولا يمكن أن يُصنع المستقبل المشرف والمأمول والموعود، بأدوات الماضي.

-9-
اشتغل الاستعمار العثماني- الانكشاري، عبر أربعمئة عام، على تحويل كل طائفة في هذا الشرق، إلى كيان شبه مستقل، أو ولاية قائمة بذاتها، لكي يُحكم سيطرته عليها… أما الاستعمار الأوربي، فقد اشتغل بكل قواه، لكي يجعل من كل طائفة أو مذهب، شعباً قائماً بذاته… وهذا ما تحصد نتائجه، قوى التأسلم السياسي، وتستثمر هذه التركة، وتحتضنها وترعاها وتعمل بموجبها.

-10-
هناك فرق بين (الدور) و(الوظيفة)… الدور، مستقل… أمّا الوظيفة، فتابعة. والدور يعود ريعه لأصحابه، بالدرجة الأولى… وأما الوظيفة، فيعود ريعها للمتبوع، وتبعاتها السلبية، تقع على عاتق صاحبها التابع لغيره. هذا هو الفرق بين عاصمة الأمويين، وبين أذناب الاستعمارين، القديم والجديد، وخاصة تلك المشيخات المحميات، التي ترسف مجتمعاتها في العصور الوسطى، رغم ثرواتها الأسطورية.

تعليق 1
  1. صادق المحدون يقول

    ما يجري في سورية هو من صنع المخابرلت الامريكية والاسرائيلية والسعودية القطرية وهذا نتيجة موقف سورياقيادة وشعب مع المقاومة والقضايا العربية والداعمالاول لقضية فلسطين ومع هذا لن يستطيعوا امام صمود الجيش العربي والشعب السوري ونشكر السفير على ما ابداه في كتابه من تشخيص للوضع في سورية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.