كذب المنجمون ولو صدفوا

Person-Centered-Astrology

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
يقال إن أكثر السياسيين في العالم يهتمون بفتح “البخت” واللجوء إلى التنجيم .. أعرف سياسيين لبنانيين لا يخرجون من بيوتهم قبل ان يقرأ لهم أحدهم بختهم لذاك اليوم ولو عبر فنجان القهوة. تلك الظاهرة عامة ويقال انها هوس غربي عربي، وكنت قد سمعت ان بعضهم يذهب إلى الهند المشهورة بعالم البخت من أجل معرفة ما يخبئه مستقبله السياسي والمالي على وجه التحديد.
هو عالم مغرم بمجهوله مهما بدر منه علمانية، كان كمال جنبلاط وهو سياسي لبناني معروف بثقافته الواسعة يكشف عن بخته كل يوم عبر ورق الكوتشينا، بل كان يذهب سنويًّا إلى الهند وإلى مكان محدد ليطلع على حياته السياسية، وانه عرف باغتياله قبل ساعات من وقوعه من خلال البخت.
يبدو ان الخوف من المستقبل الذي يظل مجهولا برأي السياسيين وغيرهم، دافع قوي للذهاب إلى آخر الدنيا من أجل إقناع الذات بنصيبها مما سيحصل معها. وقيل أيضا ان الموت محرك كبير للبشر، وهو ابو الفلسفات جميعا، صحيح انهم يتناسونه لكنه يظل حاضرا في البال اضافة إلى كونه محرك المعرفة ايضا في شتى بحثها إن في المجهول أو في المعلوم.
ومع اني لا اصدق التوقعات ولا كل اشكال التنجيم التي تقال كل نهاية عام عن العام الجديد، فلي رغبة او فضول إلى متابعتها تحت شعار الرفض لها، لكن القبول بالرغبة الانسانية في سماع رغبات المنجم الشخصية معطوفة على قوله بأنها مجرد رؤية لا غير. ويبدو ان اختيار المفصل الاساسي بين العامين من الدوافع الاساسية لقراء البخت الذين” هم كاذبون ولو صدفوا”، ليس لأن العلم وحده عند الله، بل لأن الكائن البشري عاجز عن هذا الأمر الواسع، وان كان العلم نجح في قضايا أخرى مثل التوقعات الاقتصادية والمالية وغيرها من الاحصاءات.
كنت إذن استمع بشغف لكن عقلي لم يكن ليقبل الا ما يحلو له من رغبات .. من يتطابق كلامه لرغباتي ينجح في الامساك بي، وكذلك الحال مع البشر كلهم. كان المنجم يقرأ أوراقا عديدة وبثقة عالية بل بامتاع شديد وكأنه يصدق نفسه، مع ان اكثرهم يعرف سلفا انه يكذب حتى لو صدف. ومع اننا ندعي العلم ونرفض ظاهرة قراءة البخت والتنجيم، فليس امام الانسان عامة سوى الاعتراف بأنه مخلوق عاجز وضعيف، يقتله المرض أو يموت لأتفه الاسباب، أو يعتل فيصبح عاجزا، فأين بالتالي الاباطرة والملوك والزعماء والمخترعون والمتفوقون والابطال وغيرهم الكثير .. كلهم تركوا الدنيا بل اتركوا غصبا عنهم نتيجة ضعفهم لا قوتهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.