أميركا تحصي المخاطر الآتية.. من كل مكان!

american-soldiers-monitoring
 تقديرات «مجمع الاستخبارات» بشأن «التهديدات العالمية»..    

صحيفة السفير اللبنانية ـ
ترجمة شهاب الإدريسي:
تواجه الولايات المتحدة اليوم تهديدات على أكثر من مستوى.
المثير في الموضوع أن هذه التهديدات قد ابتعدت كثيراً عن الشكل التقليدي، الذي عرفته الولايات المتحدة خلال العقود الماضية، وذلك بعد دخول اسلحة جديدة غير متوقعة إلى حلبة المعركة المستمرة بين الامبراطورية والجهات المناوئة لها، على اختلاف اشكالها (حكومات، تنظيمات، أفرادا)، ومنطلقاتها الأيديولوجية.
هذه التهديدات ذات الطابع الدولي قدّرها «مجمع الاستخبارات» الأميركي مؤخراً في تقرير عرضه مدير جهاز «الاستخبارات الوطنية» جيمس كلابر مؤخراً في افادة أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ.
وبحسب كلابر فإن هذه الإفادة «تعكس في الشكل والمضمون مدى السرعة والجذرية اللتين يتغير في ضوئهما العالم وكذلك بيئة التهديدات»، مشيراً إلى ان «هذه البيئة تتطلب إعادة تقويم الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا، وتوسيع حقيبتنا التحليلية، وتغيير قاموس مفردات عالم الاستخبارات».
«التهديدات أصبحت أكثر تنوعاً، وأشدّ ترابطاً، وتكتسي طابعاً فيروسياً، أكثر من أي وقت في التاريخ». هكذا يضع كلابر الهجمات «السايبيرية» على رأس التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة اليوم، والتي تكمن خطورتها، بحسب المسؤول الأميركي، في أنها «قد تستعمل فيها أسلحة سايبيرية ومالية يمكن إنكارها والعجز عن تحميل مسؤوليتها لطرف بعينه»، اي ان «التدمير يمكن أن يكون غير مرئي، وكامناً، ومتصاعداً».
«نحن نراقب الآن التحولات الجارية في الجغرافيا البشرية والمناخ والأمراض والمنافسة على الموارد الطبيعية، لأن هذه الظواهر تغذي التوترات والصراعات»، يضيف كلابر، مستطرداً أن «الأحداث المحلية التي قد تبدو غير ذات صلة بنا هي التي يرجح بشكل أكبر أن تؤثر في الأمن القومي الأميركي خلال مراحل زمنية متسارعة».
يقر كلابر بأن أجهزة الاستخبارات الأميركية قد تكون عاجزة أمام هذه المخاطر: «في هذه البيئة من التهديدات، لا تجوز المبالغة في التوقعات حول ثمرات التكامل الاستخباري، من حيث الأهمية والاستعجال. لا يمكن لتقدمنا أن يتوقف. ويجب على مجمع الاستخبارات مواصلة تعزيز تعاونه مع الخبراء في كل مجال، من العلوم السياسية والاجتماعية إلى العلوم الطبيعية والطب والقضايا العسكرية والفضاء».
في هذه الصفحة، تنشر «السفير» مقتطفات مختارة من «تقدير موقف التهديدات العالمية»، علماً بأنه يمكن الاطلاع على النص الكامل للتقرير عبر الموقع الاكتروني.
ترجمة شهاب الإدريسي

«الفضاء السايبيري»: سباق عالمي على التقنيات الرقمية
نحن في خضم تحول كبير، لأن بنانا التحتية الحسّاسة والاقتصاد والحياة الشخصيّة، وحتى فهمنا الأساسي ـ وتفاعلنا مع العالم ـ أصبحت أكثر تشابكا مع الإنترنت والتقنيات الرقمية.
في بعض الحالات، يستعمل العالم التقنيات الرقمية، بطريقة أسرع من قدرتنا على فهم العواقب الأمنية وتخفيف المخاطر المحتملة.
ويستغل اللاعبون الحكوميون وغير الحكوميين شبكة الإنترنت على نحو متزايد، لتحقيق أهداف إستراتيجية، في حين أن العديد من الحكومات ـ المتوجّسة من الدور الذي لعبته شبكة الإنترنت في تقويض الاستقرار السياسي وتغيير الأنظمة ـ تسعى لزيادة سيطرتها على المحتوى في «الفضاء السايبيري».
الاستخدام المتزايد للإنترنت من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية يفوق أيضا مدى تطور الفهم المشترك لقواعد السلوك، ما يؤدي إلى ارتفاع احتمالات القيام بحسابات خاطئة، وأيضا إلى سوء فهم قد يؤدي إلى تصعيد غير مقصود.
ومما يفاقم هذه التطورات حالة الشك وعدم اليقين التي نعيشها في مواجهة تهديدات سايبيرية جديدة وغير متوقعة.
وردا على الاتجاهات والأحداث التي يشهدها الفضاء الإلكتروني، فإن الخيارات التي سنأخذ بها نحن والفاعلون الآخرون خلال السنوات المقبلة ستصوغ الفضاء الإلكتروني لعدة عقود آتية، مع احتمال كبير أن تترك آثاراً عميقة على الاقتصاد الأميركي والأمن القومي.
في الولايات المتحدة، نعني بالتهديدات السايبيرية الهجمات السايبيرية والتجسس السايبيري.
ـ الهجوم السايبيري هو عملية هجومية غير حركية ترمي إلى تحقيق أثر فيزيائي أو إلى تعطيل البيانات أو حذفها أو التلاعب بها. قد تتراوح العملية الهجومية من تعطيل للخدمة، تمنع مؤقتا الوصول إلى موقع على شبكة الانترنت، إلى استهدافٍ لمولدات الطاقة، يتسبب في أضرار مادية وانقطاع في التيار الكهربائي يدوم عدة أيام.
ـ التجسس السايبيري يقصد به اختراق الشبكات، من أجل الوصول إلى معلومات دبلوماسية أو عسكرية أو اقتصادية حسّاسة.
زيادة المخاطر على البنية التحتية الحسّاسة للولايات المتحدة
خلال العامين المقبلين، نقدّر أن هناك احتمالا ضئيلا لوقوع هجوم سايبيري كبير يستهدف الأنظمة الالكترونية للبنية التحتية الحساسة للولايات المتحدة، ويكون من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب الخدمات بشكل واسع النطاق وطويل الأمد، من قبيل انقطاع التيار الكهربائي عن منطقة بكاملها.
مستوى الخبرة الفنية والتمرس العملاني اللازم من أجل القيام بهجوم كهذا ـ بما في ذلك القدرة على خلق أضرار مادية ـ سيكون بعيداً عن متناول معظم الجهات الفاعلة خلال هذا الإطار الزمني.
أما الفاعلون السايبيريون المتقدمون ـ مثل الصين وروسيا ـ فمن غير المرجح أن يطلقوا مثل هذا الهجوم المدمّر ضد الولايات المتحدة، خارج صراع عسكري أو أزمة يعتقدون أنها تهدد مصالحهم الحيوية.
ومع ذلك، فقد تشن دولة معزولة أو فاعلون غير حكوميين هجمات أقل تطورا، كشكل من أشكال الانتقام أو الاستفزاز.
يمكن لهذه الجهات الفاعلة الأقل تقدما، لكن شديدة التحفز، أن تصل إلى بعض الشبكات الأميركية المحمية بشكل سيء، من تلك التي تتحكم بالمهام الأساسية، مثل توليد الطاقة، خلال العامين المقبلين.
وعلى الرغم من قدرتها على بلوغ هذه النقاط الحساسة، والتسبب في عواقب وخيمة، فإن احتمال قدرتها على إحداث تخريب منهجي يبقى محدودا.
في نفس الوقت، هناك خطر يتمثل في أن الهجمات غير المتطورة قد تحقق نجاحات كبيرة، بسبب إعدادات وأخطاء النظام غير المتوقعة، أو بسبب الضعف في عقدة واحدة على الشبكة، تمتد وتخرب أجزاء أخرى من النظام الشبكي.
تآكل الاقتصاد الأميركي والأمن القومي
لقد اخترقت الاستخبارات والأجهزة الأمنية الأجنبية العديد من شبكات الكومبيوتر الأميركية العائدة للحكومة وقطاع الأعمال والمؤسسات الأكاديمية وهيئات القطاع الخاص.
وقد استهدفت معظم النشاطات التي تم رصدها شبكات غير سرية متصلة بشبكة الإنترنت، ولكن الفاعلين الأجانب يستهدفون أيضا الشبكات السرية.
الأهم من ذلك، الكثير من البيانات الحسّاسة في البلاد موضوعة على شبكات حساسة، لكنها غير سرية، وينطبق الشيء ذاته على معظم حلفائنا الأقربين.
نقدّر أن قطاعات الأعمال المعتمدة بشكل كبير على الشبكات وعلى تكنولوجيا المعلومات توفّر فرصاً للاستخبارات والأجهزة الأمنية الأجنبية، والجواسيس الموثوقين الكامنين في داخلها، و«الهاكرز»، والآخرين الذين يستهدفون ويجمعون البيانات الحساسة عن الأمن القومي والاقتصاد الأميركيين.
وهذا بلا شك يتيح لخصومنا أن يردموا الفجوة التكنولوجية بين جيوش كلٍّ منا، وأن يحيّدوا ببطء واحدة من المزايا الرئيسية التي نملكها على الساحة الدولية.
من الصعب جدا تقدير القيمة المالية لما نملكه من تقنيات ومعلومات حساسة لدى قطاع الأعمال لدينا، وبالتالي تقدير الخسائر المتأتية عن نشاطات التجسس الاقتصادي في «الفضاء السايبيري».
ومع ذلك، فإننا نقدر أن التجسس الاقتصادي السايبيري قد يسمح للفاعلين بأخذ معلومات لجني مكاسب غير عادلة في بعض الصناعات.
الفاعلون غير الحكوميين
نحن نتتبع التطورات السايبيرية للفاعلين غير الحكوميين، ومن ضمنهم الجماعات الإرهابية، والهاكرز، ومجرمو الإنترنت. وقد رصدنا مؤشرات على أن بعض الإرهابيين رفعوا من مستوى اهتمامهم بتطوير قدرات سايبيرية هجومية، ولكن من المحتمل أنهم مقيدون بالموارد المحدودة والقيود التنظيمية والأولويات المتنافسة لديهم.
يستمر الهاكرز في استهداف مروحة واسعة من الشركات والمؤسسات، عبر الهجمات الرامية إلى إيقاف الخدمة، لكننا لم نلاحظ تغيراً كبيراً في قدراتهم أو نواياهم في العام الماضي.
معظم الهاكرز يستخدمون عمليات إيقاف الخدمة لمدة قصيرة، أو ينشرون معلومات متعلقة بهم شخصيا على مواقع الشركات المقرصنة، كشكل من أشكال الاحتجاج السياسي.
في المقابل، قد تتشكل مجموعة أكثر جذرية من أجل صنع تأثيرات أكثر منهجية ـ مثل تعطيل الشبكات المالية ـ، وقد تدفع بطريق الخطأ إلى عواقب غير مقصودة، يمكن أن يساء تفسيرها على أنها هجوم ترعاه دولة ما.
مجرمو الأنترنت يهددون مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية. إنهم يبيعون أدوات، من خلال سوق سوداء متنامية، قد تمكّن من الوصول إلى أنظمة البنية التحتية الحساسة، وقد تصل إلى أيدي لاعبين حكوميين وغير حكوميين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدداً قليلاً من الشركات التجارية تبيع لوازم الاختراق في السوق المفتوحة.
ويمكن لهذه الأجهزة وحزم البرمجيات أن تعطي الحكومات ومجرمي الإنترنت القدرة على سرقة المعلومات في الأنظمة المستهدفة أو حذفها أو التلاعب بها. وثمة شركات أخرى تطوّر وتبيع تقنيات ذات جودة احترافية تدعم العمليات السايبيرية.
الحكومات الأجنبية تستخدم بالفعل بعض هذه الأدوات من أجل استهداف أنظمة الولايات المتحدة.

احتكار الصين لـ«العناصر الأرضية» النادرة
«العناصر الأرضية النادرة» (وهي عبارة عن 17 عنصرا كيميائيا) ضرورية للتكنولوجيا المدنية والعسكرية، وكذلك للاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك تطوير التكنولوجيا الخضراء (تكنولوجيا الزراعة) والأنظمة الدفاعية المتطورة.
تحتكر الصين العرض العالمي من العناصر الأرضية النادرة، وتتحكم في نحو خمسة وتسعين في المئة من صناعات الاستخراج والتكرير.
الهيمنة الصينية وسياساتها في التسعير والتصدير قادت الدول الأخرى إلى اتباع إستراتجيات التخفيف من استعمال هذه العناصر، ولكن تلك الإستراتيجيات لكن يكون لها ربما سوى تأثير محدود في غضون الأعوام الخمسة المقبلة. ومن المؤكد أنها لن تنهي هيمنة الصين على العناصر الأرضية النادرة.
أصبحت أسعار تلك العناصر شائكة، خاصة بعدما قامت الصين بتشريع خفض الحصص بنسبة أربعين في المئة في تموز 2010، وبلغت ذروتها عبر مستويات قياسية في منتصف العام 2011، واعتبارا من كانون الأول 2012 انحسرت أسعارها، ولكنها لا تزال تفوق مستويات ما قبل تموز 2010، بنسبة تتراوح بين ثمانين وستمئة في المئة (حسب نوع العناصر الأرضية النادرة).
من المتوقع أن تنضب هذه المعادن في كل من أستراليا والبرازيل وكندا وملاوي والولايات المتحدة الأميركية وفيتنام في أقل من خمس سنوات.
ومع ذلك، ورغم أن الإنتاج غير الصيني من هذه المعادن قد دخل الساحة، فإن العناصر الأساسية الأرضية النادرة التي يتم تجهيزها خارج الصين سوف تظل محدودة بسبب الصعوبات التقنية والعقبات التنظيمية والتكاليف الرأسمالية المرتبطة ببدء التشغيل من قدرات ومرافق معالجة جديدة.
ستواصل الصين أيضا السيطرة على إنتاج الغالبية العظمى من أغلى وأندر العناصر الأرضية النادرة، والتي تعرف باسم العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، الحساسة في صناعة الأنظمة الدفاعية.

أزمة منطقة اليورو
ما زال القادة الأوروبيون يصارعون أزمة منطقة اليورو، كما تراجع اقتصاد منطقة اليورو إلى الوراء، ليسقط في الانكماش في العام 2012، بعد عامين متتاليين من النمو الاقتصادي البطيء.
ويلحظ «تقدير التهديدات العالمية» الصادر عن «مجمع الاستخبارات» الأميركي أن نتائج الأزمة لها تأثير كبير ليس على الولايات المتحدة فحسب، بل أيضا بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي.
انخفض احتمال خطر تفككٍ غير مدار لمنطقة اليورو هذا العام، بسبب اتخاذ قادة الاتحاد الأوروبي خطوات في سبيل تعزيز التكامل المالي والمصرفي، ولكن التدهور الاقتصادي في أوروبا يهدد بخفض النمو العالمي.
خلال العام الحالي، يمكن أن يؤثر الغضب المتزايد من التقشف على النسيج الاجتماعي والسياسي الأوروبي.
بسبب نسب البطالة العالية، ـ خاصة بين الشباب ـ في البلدان الواقعة في أطراف منطقة اليورو (اليونان، إيطاليا، البرتغال، إسبانيا)، كانت هناك زيادة طفيفة في الإضرابات والاحتجاجات العنيفة.
أكبر خطر يتهدد الاستقرار هو السخط على التقشف والإصلاحات، الذي ينتشر في أنحاء أوروبا.
في تشرين الثاني العام 2012، تظاهر عشرات الآلاف ـ معظمهم في جنوب أوروبا، ولكن أيضا في بلجيكا وفرنسا ـ في أول خطوة للعمل النقابي الموحّد في عموم الاتحاد الأوروبي، وذلك احتجاجا ضد التخفيضات في الميزانية.
وقد دفعت الأزمة بالفعل معظم الدول الأوروبية إلى خفض الإنفاق على الدفاع، ما خفّض من قدرة الحلفاء على دعم المصالح الأمنية لحلف شمال الأطلسي وغيرها من المصالح الأمنية الأميركية، في جميع أنحاء العالم.

حرب الفضاء
نظم الفضاء والبنى التحتية الداعمة لها توفر مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك الاتصالات وعمليات تحديد المواقع والملاحة والتوقيت والعمل الاستخباري والمراقبة والاستطلاع والأرصاد الجوية، وهي تؤمن مصالح وطنية حيوية: عسكرية ومدنية وعلمية واقتصادية.
تدرك الدول الأخرى هذه الفوائد التي تعود على الولايات المتحدة، وهي تسعى لتقويض ميزة التقدم الإستراتيجي للولايات المتحدة، من خلال توظيف إمكانياتها من أجل حرمان أو تدمير قدرتنا على الوصول للخدمات الفضائية.
سوف تزيد التهديدات الموجهة نحو الخدمات الفضائية الحيوية الأميركية خلال العقد المقبل، اطرادا مع تطوير القدرات المضادة: التخريبية والهدامة.
في العام 2007، أجرت الصين اختبارا لصاروخ مدمر مضاد للأقمار الصناعية.
وفي مقال صحافي نشر في العام 2009، صرّح مسؤول عسكري روسي رفيع المستوى بأن موسكو تطوّر قدراتها في مجال حرب الفضاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.