استراتيجية الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي

صحيفة البعث السورية-

هناء شروف:

تسبّبت جائحة كوفيد 19 منذ ثلاث سنوات، والصراع بين روسيا وأوكرانيا على مدى الأشهر الستة عشر الماضية، والتنافس الجيوسياسي المتزايد بين الصين والولايات المتحدة، في قلق متزايد بين الأوروبيين بشأن مكانتهم في العالم وأمنهم الاقتصادي.

هناك سبب رئيسي آخر لقلق الاتحاد الأوروبي، وهو إدراكه أنه لم يعد في موقع مهيمن عندما يتعلّق الأمر ببعض المواد الخام المهمّة والتقنيات وسلاسل التوريد، حيث كان كفاح الاتحاد الأوروبي لفطم نفسه عن الطاقة الروسية مؤلماً.

وعليه أطلقت المفوضية الأوروبية، والممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي استراتيجية الأمن الاقتصادي الأوروبي في 20 حزيران الماضي لمعالجة هذه المخاوف. تدّعي الإستراتيجية المقترحة أنها تضع إطاراً مشتركاً لتحقيق الأمن الاقتصادي من خلال تعزيز القاعدة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، وقدرته التنافسية والحماية من المخاطر، والشراكة مع أوسع مجموعة ممكنة من البلدان لمعالجة الاهتمامات والمصالح المشتركة.

لكن نظرة فاحصة على المخاطر واسعة النطاق المدرجة مما يُسمّى مرونة سلاسل التوريد، وتسرّب التكنولوجيا إلى الإجراءات التي يجب اتخاذها، من مراجعة لوائح فحص الاستثمار الأجنبي المباشر، إلى لوائح مراقبة الصادرات والاستثمار الخارجي، يكشف عن إجراءات حمائية قوية يقترح الاتحاد الأوروبي اتخاذها، على الرغم من مطالبته بالحفاظ على مستويات قصوى من الانفتاح الاقتصادي والديناميكية.

لكن مثل هذه الاستراتيجية تنطوي على خطر انتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية الخاصة بعدم التمييز. لقد أصبح الأمن القومي والأمن الاقتصادي من أكثر المصطلحات التي أساء الجميع استخدامها منذ أن أطلقت إدارة دونالد ترامب العنان للعديد من الإجراءات التجارية الحمائية والأحادية الجانب. حتى أن إدارة ترامب وصفت السيارات الألمانية بأنها تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة، مما أثار غضباً في ألمانيا.

أفضل طريقة لتعزيز الأمن الاقتصادي هي تعزيز الثقة المتبادلة، بحيث لا يستخدم أي من الجانبين التجارة أو سلاسل التوريد كسلاح ضد الآخر.

إن التعامل بأسلوب التهديد وزرع الشكوك لن يؤدي إلا إلى المزيد من انعدام الأمن الاقتصادي، كما أن تشديد ضوابط التصدير، وفحص الاستثمار، وبناء المزيد من الحواجز غير الجمركية لن يؤدي فقط إلى إضعاف المنافسة الحرة والعادلة، بل سيضرّ أيضاً بنمو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي لا يزال الكثير منها يكافح للتعافي من آثار الوباء، والأوبئة والآثار غير المباشرة للصراع بين روسيا وأوكرانيا.

إن استراتيجية الأمن الاقتصادي الأوروبي في العديد من الأماكن تنبعث من جنون العظمة والحمائية، ويمكن أن تكون نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها، ويمكن أن تجعل اقتصاد الاتحاد الأوروبي أقل انفتاحاً وأقل أماناً وأقل ازدهاراً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.