«الأرثوذكسي» «حُديدان» القوانين الإنتخابية

ministeral-council

صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ
طارق ترشيشي:

لم ترشح أيّ معلومات واضحة عمّا توصلت اليه الاجتماعات اللبنانية التي تشهدها روما، وتحديداً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. لكنّ المؤكد أنها تتناول، بالدرجة الاولى، استحقاق الانتخابات النيابية المقرر في 9 حزيران المقبل.

وهذا الاستحقاق يتجاذبه حتى الآن احتمالان: الاوّل، تأجيل تقني لبضعة أشهر، أو تمديد ولاية مجلس النواب الحالي لسنتين. والثاني، توافق الافرقاء السياسيين في الاكثرية والمعارضة على قانون انتخابي توافقي يُلغي الاحتمال الاوّل ويُنتج مجلساً نيابياً جديداً في موعده الدستوري من دون أي تأخير أو تعطيل للعملية الديموقراطية.

وبغضّ النظر عمّا يُشاع من انّ اجتماعات روما توصلت الى “اتفاق ما” في شأن الاستحقاق النيابي، تكهّن البعض بأنه “يَصبّ في خط التأجيل”، فإن رئيس مجلس النواب كان ولا يزال ينتظر من الآخرين أن يقدموا له مشاريع انتخابية توافقية، لأنه لا يحبّذ تأجيل الانتخابات او تمديد ولاية مجلس النواب، إذ ليس هناك مَن يَضمَن، في ظلّ التطورات التي تشهدها المنطقة، أن يتمكن لبنان من إجراء الانتخابات في مواعيدها الجديدة من دون الوقوع في فراغ، ربما يهدد النظام برمّته وليس المؤسسة التشريعية فقط.

بداية، وبعد أن تخلّت الحكومة عن مشروعها، كان بري قد رفع شعار أنّ الاتفاق على أسوأ قانون انتخابي يبقى أفضل من إقرار قانون يقبل به البعض ويرفضه البعض الآخر، ثم طرحَ المشروع المختلط الذي يعتمد النظامين النسبي والأكثري مناصفة، ثم سحبَ هذا المشروع من التداول لأنّ الجميع لم يقبلوه في اجتماعات اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجان النيابية التي أقرّت المشروع الأرثوذكسي القاضي بأن تنتخب كلّ طائفة نوّابها.

وعلى الأثر، تسابق الأطراف السياسيون، وخصوصاً أطراف فريق 14 آذار، بعد مُقاطعة، الى طَرح مشاريع قوانين انتخابية مختلطة تتشابه مع مشروع بري شكلاً، ولكنها لا تتطابق معه ضمناً من حيث المناصفة بين النظامين النسبي والاكثري.

وآخرها كان المشروع المشترك الذي يعدّه تيّار “المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي، وقد رَشح أنه يعتمد انتخاب 70 في المئة من النوّاب على اساس النظام الاكثري وانتخاب 30 في المئة منهم على أساس النظام النسبي.

ويتكشّف أنّ سبب ابتعاد هذا المشروع، ومشاريع أُخرى سبقته، عن مشروع بري، هو انّ الفارق النسبي بين المناصفة في المشروع الأخير وتلك المشاريع، سَببه خَوف أصحابها من فشل نوّاب في بضعة دوائر ذات مقعدين نيابيين او ثلاثة يقضي مشروع بري بانتخاب احدها وفق النظام النسبي والآخر وفق النظام الاكثري، وهو ما ينطبق على دائرة صيدا (مقعدان) ودائرة الزهراني (3 مقاعد) وبشري (مقعدان)، وغيرها…

بعد يومين، أي في 21 آذار الجاري، سيُحسم مصير قانون الستين عبر حسم مصير هيئة الإشراف على الانتخابات المَنصوص عنها في المادة 11 منه، اذ ستُطرح في جلسة مجلس الوزراء ولكنها لن تنال موافقة الاكثرية الوزارية. وفي هذه الحال يصبح هذا القانون ميتاً حتماً. وعندها، “لن يبقى إلّا حُديدان في الميدان”، أي مشروع القانون الأرثوذكسي الذي سيكون بري مُلزماً بطرحه في أيّ جلسة نيابية عامّة يدعو اليها، وسينال موافقة الأكثرية المطلقة بسهولة.

على أنّ إقرار المشروع الارثوذكسي، إذا حصل، من شأنه أن يدفن قانون الستين الى الأبد، لأن هذا الأخير يبقى فيه شيء مِن الرمق في حال لم يقرّ قانون بديل. وفي الإمكان بَعث الروح فيه مجدداً في حال أُعيد طرح تأليف هيئة الإشراف على الانتخابات التي ينصّ عليها في مرحلة لاحقة.

ولذلك، فإنّ المبادرة كانت وستبقى في يَد برّي، المصرّ على إقرار قانون توافقي، وربما جعل من هذا المشروع الأرثوذكسي ورقة ضغط على جميع الأفرقاء لكي يجذبهم الى جادة التوافق. واذا نجح بري في ذلك قبل منتصف نيسان أو آخره، ربما يصبح التأجيل التقني للانتخابات أمراً مفروضاً، وربما لا تكون هناك حاجة إليه تِبعاً لمدى استعداد المرشحين للانتخابات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.