الأرمن السوريون جسر التواصل مع أرمينيا

صحيفة البعث السورية-

هيفاء علي:

يشكل الأرمن جزءاً مهماً من المجتمع السوري المعروف بنسيجه المتنوع والغني والمتماسك والذي تحدث عنه وأشاد به كبار الصحفيين والمحللين الغربيين.

إن أرمن سورية هم مواطنون سوريون ساعدتهم الدولة السورية التي قصدوها باعتبارها ملاذاً للأرمن الذين فروا من الحروب والاضطهاد، مثل الإبادة الجماعية للأرمن التي ارتكبتها السلطات العثمانية. ووفقاً لمنظمات الشتات الأرمني، يقدر أن هناك 150,000 أرمني في سورية.

مؤخراً، اضطر عدة آلاف منهم مغادرة حلب باتجاه أرمينيا عقب اندلاع الحرب الكونية على سورية، حيث كان القسم الأكبر منهم يتمركز في مدينة حلب. وعندما استقروا في أرمينيا، تشكلت حلب الصغيرة في وسط العاصمة بريفان، وتبذل الحكومة السورية جهوداً حثيثة لإعادتهم إلى سورية، وتتعهد بتغطية تكاليف تذاكر السفر.

قبل عشر سنوات، وجد عشرات الآلاف من الأرمن السوريين اللجوء المؤقت أو الدائم في أرض أجدادهم. حتى ذلك الحين، كانت أرمينيا تعتبر بلداً منتجعاً، حيث كانت رحلة طيران مدتها ساعة و20 دقيقة من حلب (ساعتان و15 دقيقة منذ أن أغلقت تركيا مجالها الجوي). وحتى اليوم، تربط رحلة أسبوعية دمشق وحلب بيريفان.

وصل العديد من الأرمن السوريين إلى أرمينيا في صيف 2012، حاملين حقيبة سفر عليها آثار صيفية. وفي ذروة معركة حلب، سهلت وزارة الشتات الأرمينية حصولهم على الجنسية الأرمنية، وقدمت لهم المساعدة وبعض الخدمات الاجتماعية بالشراكة مع المنظمات غير الحكومية المحلية. تجدر الإشارة إلى أن الدولة السورية هي من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية أرمينيا الفتية، اذ لطالما كانت العلاقات الاقتصادية والسياسية وثيقة وإن كانت متواضعة. وفي عام 1992، تبرع القائد المؤسس حافظ الأسد بـ 6000 طن من القمح لأرمينيا عندما أصاب حصار الطاقة البلاد التي كانت في حالة حرب مع أذربيجان، بالشلل التام.

وفرت الحكومة السورية في أوائل التسعينيات، للأرمن منطقة حرة شاسعة في حي تليل في حلب لتسهيل تصدير السلع الاستهلاكية اليومية، في حين احتفظت أرمينيا بسفارتها في دمشق. أما السفير الجديد لسورية المعين بمرسوم رئاسي في ربيع عام 2022 فهي النائب السابق في دمشق في مجلس الشعب نورا أريسيان، وهي مؤرخة، ومؤلفة أطروحة رائعة حول موقف المثقفين السوريين في وقت الإبادة الجماعية عام 1915، وهي أيضاً أول امرأة أرمنية تمثل سورية في أرمينيا، وتسعى لفتح مركز ثقافي سوري في يريفان من أجل السماح لأبناء المغتربين بعدم فقدان الارتباط باللغة والثقافة العربية، وأيضاً لتعزيز الدراسات العربية في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم في جامعة ولاية يريفان، التي دأبت على تدريب أجيال من العرب على مدى عقود. ولتحقيق هذا الأمر، سيتعين عليها إقناع شركائها بإرسال الطلاب إلى دمشق، كما كان الحال حتى عام 2012.

في أعقاب توليها المنصب، جمعت نورا أريسيان حوالي خمسين من رواد الأعمال السوريين الأرمينيين لدراسة إمكانات علاقة ثنائية لايجاد طريقة لرؤية أرمينيا كبوابة لسوق أوراسيا لرجال الأعمال السوريين، وأيضاً لتسليط الضوء على النقاط المشتركة وتقارب وجهات النظر التي تربط يريفان ودمشق حول الدفاع عن الأقليات في الشرق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.