الديار : بري كان المستهدف والمتفجرة كانت ستوضع في محوّل للمياه … ما علاقة قطر بالموضوع وسفر ثلاثة ضباط قطريين من المطار ؟ … مركز القيادة في طرابلس ومجموعة داريا مرتبطة بضابط في تركيا

الديار

كتبت “الديار ” تقول : منذ فترة خمسة اشهر وردت معلومات الى الرئيس بري بأنه مستهدف وبأن هنالك محاولة لاغتياله على الطريق بين بيروت والمصيلح او في اي تحرك له من بيروت باتجاه صور، لأن الرئيس بري كان يذهب احيانا بشكل غير معلن الى قلعة صورويتفقد المدينة بصورة غير معلنة ويعود الى المصيلح حيث يرتاح هناك.

وردت هذه المعلومات من مخابرات اوروبية ابلغت لبنان ان الرئيس بري هو المستهدف الأول للاغتيال في المرحلة المقبلة وان مصدرها اكيد ويبدو ان ضباط قطريين يتدربون في هذا البلد الاوروبي احدهم له علاقة بخلية في لبنان وتحت عنوان السفر من فرنسا الى بيروت كان يأتي ليجتمع بشخص يدير شبكات تكفيرية في لبنان.
اما التمويل فكان يحصل من خلال مخزن كبير لإحدى اكبر المحلات التجارية اضافة الى مزرعة في البقاع يتم تسليم فيها الاموال هناك.
اما المركز الهام فكان في خلدة حيث يلتقي والمسؤول عن المجموعات التكفيرية والضابط القطري واحيانا يرافقه ضابط ثان اضافة الى مسؤول في جبهة النصرة ومساعده واعتبروا ان اهم هدف هو الرئيس بري لأن المطلوب حصول تطرف لدى الشيعة بشكل كبير. وأن المخابرات الاوروبية، وعلى الارجح قد تكون فرنسية، هي التي اوصلت الخبر الى لبنان لأنه تم اكتشاف في سيارة ضابط قطري في اوروبا تحت الدولاب الاحتياطي اوراق تدل على خرائط في لبنان وخاصة على طريق الجنوب وقصر الرئيس بري وطريق صور.
وحصل هذا الامر عندما اوقف الضباط سيارتهم في محطة لصيانة وغسيل السيارات، واثناء عمل احد الموظفين فيها ورفعه للدولاب الاحتياطي وجد اوراقا باللغة العربية فأخذها وهو مغربي ووضعها في جيوبه ورد الدولاب الاحتياطي واكمل صيانة السيارة ثم اتصل بجهاز امن فرنسي او اوروبي وسلمه الاوراق. وعندما نقول فرنسي او اوروبي نقول ذلك لأن مجلس الامن الاوروبي الميداني هو الذي ابلغ هذا الامر للسلطات اللبنانية وهو يمثل مخابرات اوروبا وليس فرنسا.
اخذ الرئيس بري كل الاحتياطات ولم يعد يتحرك من قصر عين التينة فيما سعوا الى طريقة تؤدي الى اغتيال الرئيس بري بشكل اكيد، فرأوا ان سيارة ملغومة موضوعة على الطريق يعطلها جهاز التشويش الذي لدى الرئيس بري. كذلك فإن وضع سيارة بحجم شاحنة مثل ما حصل مع الرئيس الشهيد الحريري ليس امرا سهلا يمكن الحصول عليه.
وبعد دراسة خريطة المياه التي تمر على جانب الطريق، رأوا ان محولا ومركز تحويل مياه يقع على الطريق باتجاه الجنوب قبل المصيلح يمكن وضع فيه العبوة وعندما تنفجر تفجر الطريق والسيارات المارة الى حد اصابة اربع او خمس سيارات اصابات كبيرة واحتراقها وتدميرها نظرا لقوة العبوة.
اشتغلت اجهزة الامن على الموضوع فتبين ان قطر ليست في صدد اي عمل ضد لبنان كما قالت للأجهزة الامنية اللبنانية، وأن أجهزتها ليست بهذا العدد. لكن عندما راجع لبنان بهذا الامر، لم يكن عنده اسماء ضباط او غيرهم، والقطريون اخذوا الامر بشكل عادي، لكن الخلية القطرية لا يبدو انها تعمل للقيادة السياسية العليا في قطر بل تعمل لجهاز امني ضمن قطر مرتبط بجهاز امني آخر وهذا الجهاز قد يكون الموساد.
استطلع اولاد الشيخ عبد اللطيف الدخدخاني مع عنصر من جبهة النصرة وهو سوري والضابط القطري بطريقة ملتوية وغير ظاهرة مركز تحويل المياه على الطريق ورأوا ان الامر الوحيد الذي لا يمكن ان يثير الشك والشبهة هو وضع نوع من محرك مياه اي محطة مياه تكون في مركز تحويل المياه، وهذه لا تثير الشبهة بأي شكل من الاشكال، لكن فيها قوة تدميرية هائلة نظرا الى كمية المتفجرات الممكن وضعها داخلها مع العلم ان جسم المحرك لتحويل المياه هو من قصدير يتحول الى شظايا صغيرة تصل الى اكثر من 1000 شظية صغيرة تقتل مثل الرصاص. وهذا النوع يستعمل في القساطل ومراكز تحويل المياه، ولا يمكن لهذه التقنية ان يصل اليها الا ضابط فني مخابراتي يعرف اهمية القصدير لقساطل المياه واهمية وضع العبوة فيها.
حصلت الحادثة وانفجرت العبوة، وعلى اثرها كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر جهاز مديرية المخابرات التحقيق في الموضوع فتم اعتقال والد الشابيْن اللذين قتلا اضافة الى توقيف والدهم الشيخ دخدخاني والسوري في جبهة النصرة وبدأ التحقيق.
وفي المعلومات الاولية ان الامر ليس مقتصرا على هذه العبوة، فعلى طريق الجنوب وضع في تحويلات المياه عدة عبوات كما اعترف الموقوف السوري، لكن الموقوف السوري لا يعرف اماكنها لأنها كانت خارج معلوماته، فالعمل كان موزعا بشكل فرادي. وكان كل اثنين يعملان معا ولا تعرف الخلية اماكن وضع العبوات.
ووفق المعلومات ان هنالك حوالى اربع عبوات موضوعة على طريق الجنوب لا يعرف اي شيء عنهم والد الشابين اللذين قتلا وهو الشيخ دخدخاني امام جامع داريا، وهو من الجنسية المصرية متزوج من لبنانية ويسكن منذ فترة طويلة في داريا.
اما الموقوف السوري في جبهة النصرة فأعطى اسم شخص يتصل به في طرابلس ويزوده بالمواد المتفجرة وينقلها من طرابلس هو او غيره الى المركز في داريا اي منزل الشيخ.
ولمّح الموقوف السوري الى انه اختبار منزل الشيخ دخدخاني كي لا تثار اي شبهة حول عمليات تفجير، كما انه في السراديب تحت الجامع في داريا توجد عبوات اخرى لكن الموقوف السوري لا يعرف شيئا عنها، بل يعرف انه مرة ذهب الى المسجد واتى بقطعة من القصدير لتلحيمها وجمعها في مربع ووضع متفجرات داخلها، لكنه لا يعرف اي وضعت على الطريق لأن خلية اخرى، لا ترتبط به هي التي اخذت العبوة ووضعتها في مركز تحويل للمياه.
مصادر التحقيق نفت كليا ان يكون ضباط قطريون هم الذين نفذوا او شاركوا في العمليات، وبالنسبة لمرورهم في مطار بيروت لم يظهر اين شيء من هذا النوع، لذلك هنالك شكوك حول الطريقة التي دخلوا فيها الى لبنان.
ويقول السوري الموقوف انه جاء من حلب الى تركيا وعمل هناك مع جهاز مخابرات قطري سعودي، ثم اقنع مسؤولا امنيا قد يكون قطريا بالمجيء معه الى طرابلس. فخاف الشخص في البداية الا انه طمأنه ان الطريق آمنة، وبالفعل استطاع ايصاله الى طرابلس دون اي مشكلة ومن طرابلس، عرض عليه الذهاب الى خلدة، فقال له افضل ان يحصل الاجتماع في طرابلس فعاد وطمأنه انه يستطيع الوصول الى خلدة وهناك يحصل اجتماع الشبان وتتم مطابقة الخرائط والامور ورؤيتها مباشرة.
واستطاع الموقوف السوري ايصاله الى خلدة بكل سهولة حيث عقد اجتماع وتم بحث التفجيرات ثم عاد وأوصله الى تركيا.
وظهر من التحقيق ان المسلحين في سوريا يستطيعون عبور الحدود اللبنانية والذهاب الى تركيا عبر طرق لا تضبطها المخابرات السورية ولا الجيش النظامي السوري، وأنهم يتنقلون يوميا من تركيا الى حلب ومن حلب الى مناطق اخرى لا تقع تحت سيطرة القوى النظامية السورية.
من التحقيقات يتبين ان الهدف الرئيسي هو الرئيس بري رئيس مجلس النواب، وأنه لا سمح الله لو حصل الاغتيال فإن الشيعة سيذهبون باتجاه متطرف جدا. وهذا هو المطلوب في المرحلة المقبلة، دفع الشيعة نحو التطرف وجعل حزب الله في الواجهة وإزاحة رئيس حركة امل، لا سمح الله، الرئيس بري من دوره ووجوده وتأدية دور الاعتدال بين الطائفة الشيعية وسائر الطوائفا.
الموقوف السوري نقل الى زنزانة في وزارة الدفاع في اليرزة ويخضع لتحقيق مكثف وبدأ يعطي معلومات. الا ان معلوماته غير دقيقة بالنسبة لطرابلس ومراكز الاجتماعات فيها، وبالنسب لشخص الذي كان يدير الامور. كذلك تم توقيف الشيخ الا انه احتراما له لم يتم وضعه في الزنزانة بل في السجن الاعلى والتحقيق جار. ويبدو من التحقيق ان امام المسجد الشيخ دخدخاني لم يكن يدرك شيئا عن اعمال اولاده ويجهل الموضوع كليا. وان العامل السوري اوهمهم بأنهم في سوريا بحاجة الى محولات مياه وانهم اذا جاؤوا بهذه المحولات يمكن تصريفها الى سوريا وادخال ارباح مالية منها. وعلى هذا الاساس بقي الشيخ الوالد دخدخاني في اطار المعرفة السطحية للأمور. اما الشابان اولاده اللذان قتلا مع السوري وهنالك خلايا اخرى ستظهر قريبا بعد ان تحصل مداهمات فإنها كانت ترصد طريق الجنوب لتفجير العبوات التي اصبحت جاهزة في اماكنها وبعيدة عن بعضها 7 كلم واحيانا 10 كلم الواحدة عن الاخرى بشكل اذا انكشفت واحدة لن يتم كشف الاخرى لأنه لن يخطر في بال احد ان كل المحولات ملغومة.
وهكذا كان المخطط استهداف القوات الدولية كهدف اخير، ثانياً استهداف الرئيس بري كهدف اولي واساسي ومن خلاله ضرب مجلس النواب وضرب خط الاعتدال في الطائفة الشيعية وازاحة الرئيس بري، لا سمح الله، من دوره السياسي وهو الذي استطاع التمديد لمجلس النواب واستطاع التمديد لقائد الجيش واستطاع القيام بدور الوسيط في ازالة الكثير من الالغام امام الحكم.
ويعتبرون انهم لو استطاعوا ازاحة الرئيس بري، فإن السيد حسن نصر الله سيصبح هو في الواجهة، وبعدها فإن العقوبات التي تم فرضها على الجناح العسكري لحزب الله سيتم تعميمها على حزب الله في غياب حركة امل، لا سمح الله، اذا اصيب الرئيس بري.
وتبين من الهاتف الذي مع العامل السوري ومن الهاتف الذي كان مع اولاد الشيخ دخدخاني ان اتصالات جرت بينهم وبين ارقام في تركيا وبينهم وبين رقم في قطر وبينهم وبين ارقام في طرابلس، ولذلك بدأ العمل في جهاز مخابرات الجيش اللبناني على داتا الاتصالات لرسم خريطة الاتصالات وكيفية ترتيب الشبكات التي ليست واحدة بل هي عدة حلقات.
ذلك ان الاتصالات الهاتفية على الجهاز الخليوي اظهر ان عدة اتصالات جرت من جهاز ارسال للخليوي في عكار ومن عدة اجهزة ارسال، اي العواميد التي يتم تركيب اجهزة التقاط عليها وارسال الخط الخليوي في طرابلس، وكذلك مع صيدا. وأن هنالك عناصر من جبهة النصرة موجودين في مخيم عين الحلوة ظهر رقم تم الاتصال به من مخيم عين الحلوة ولم تدم المخابرة الا تقريبا 15 ثانية. وان اولاد الشيخ دخدخاني كانوا يذهبون الى مخيم عين الحلوة ويتواصلون معهم. وان جبهة النصرة في مخيم عين الحلوة هي التي زودت المتفجرات كذلك ان متفجرات، كما ذكرنا، تم الاتيان بها من طرابلس الى داريا وهكذا فإن مصدر المتفجرات هو من طرابلس وجزء من مخيم عين الحلوة. اما الدافع الديني الفكري فهو اساسي عند اولاد الشيخ الدخدخاني الذين هم في جبهة النصرة ومؤمنون بعقيدتها الى اقصى الحدود وكانوا مستعدين للتفجير والجلوس اياما واياما لانتظار الموكب.

ويحاول جهاز مخابرات الجيش معرفة ما اذا كان الجهاز الخليوي تم الاتصال به من جهاز ارسال قرب قصر عين التينة ام في تلك المنطقة. ولم يعرف بعد ما اذا كان حصل هذا الاتصال ام لا. لكن يبدو ان الدولة اللبنانية وجهاز الامن وخاصة مخابرات الجيش دخلت على الخط بقوة وستداهم اماكن عديدة منها في اقليم الخروب ومنها تحت مسجد داريا ومنها في طرابلس. اضافة لمراقبة والسؤال عن ارقام الهواتف في تركيا اذا تعاونت تركيا ومخابراتها وأعطت الارقام لأن تركيا سابقا رفضت اعطاء الارقام لأي جهة بالنسبة للاتصالات التي تجري من ارضها.
وهكذا يمكن الاستنتاج على الصعيد السياسي بأن لبنان مقبل على خطر كبير وبأن المسألة ليست عادية. وأن هذه المتفجرات التي هي في مربعات قصدير تتناثر نثرا صغيرة وتتحول الى شظايا رصاص بالمئات وبالآلاف، فإن ذلك يدل على ان لبنان مقبل على مرحلة صعبة جدا امنيا، لكن حادثة داريا فتحت العين على وجود الشبكات التي تحولت الى شبكات متعددة غير متصلة ببعضها. وكل شبكة لا تعرف الاخرى بل وسيط فيها يعرف وسيطا آخر في شبكة. اما الشبكات فليست معروفة بل هي تابعة لجبهة النصرة المجهولة القيادة والتي لها في سوريا مثلا اكثر من 12 قائدا لجبهة النصرة موزعين على مناطق في سوريا.
كذلك في الشمال، فإن جبهة النصرة غير متصلة ببعضها بين عكار وطرابلس والضنية وكل خلية تعمل وحدها. واذا اخذنا ما تمت معرفته من التحقيق، ان عبوة كان سيتم تفجيرها وبعدها تعلن جبهة النصرة ان التفجير حصل انتقاما لمعركة القصير. ويتم التفجير ضد سيارات لحزب الله على طريق الجنوب. ويصدر بيان لحزب الله يقول ان جماعة جبهة النصرة لأهل السنة انتقموا لقتلى القصير وان الرد يكون على حزب الله في منطقته في الجنوب وعلى طريق الجنوب.
وهذا كان الهدف الاول الذي كان سيتحقق خلال ساعات او ايام قليلة. لكن التحقيق العميق يعود ايضا الى ان المستهدف الاساسي كان الرئيس بري، كذلك المستهدف هو حزب الله. وان حزب الله باستعماله طريق الجنوب ستثار ضجة اعلامية كبيرة ان تنتقم جبهة النصرة من حزب الله في منطقته بعد صيدا باتجاه الجنوب، او على الطريق البحرية التي تسلكها قيادات حزب الله، والقول ان جبهة النصرة لأهل السنة قادرة على الرد على معركة القصير وأنها سترد في اماكن عديدة. وهنا يظهر ان هناك علاقة مع شخص في بر الياس لكن الموقوف السوري لا يعرف اكثر من ان هنالك شخصا في بر الياس، جاء مرة الى المسجد وصلى، ثم اجتمع مع الشابين ولدي الشيخ وذهب الى بر الياس، وكل ما عرفه انه بحث معهما في امر تفجير لكن الموقوف السوري لا يعرف اكثر من ذلك.
وهنا تكهنت مراجع امنية بأنه عندما يتم تصنيع متفجرات من هذا النوع والقدرة على وضعها على طريق الجنوب، والقدرة على وضعها على طريق شتورة المصنع في بر الياس وقب الياس، والقدرة على وضعها في خلدة حيث تمر المواكب كلها، كذلك القدرة على التحرك باتجاه طرابلس ومنها الى تركيا امر ليس سهلا، ولا بد لأجهزة الامن من اعادة النظر في امور كثيرة بالنسبة للمرحلة المقبلة. لأن ما يحصل مؤشر خطر ويدل على ان لبنان هو في دائرة الخط الاحمر الخطر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.