السفير : سلام والسنيورة متحمسان لـ”الحيادية” .. و”8 آذار” ترفضها جنبلاط يطلق رشق “الخيارات” .. نحو الرياض والضاحية

السفير

كتبت “السفير ” تقول : حتى الآن، لم تتغير المقاربة السعودية للمشهد اللبناني. لا بأس باستمرار تمام سلام رئيسا مكلفا. لا لمشاركة “حزب الله” في أي حكومة تحت أي مسمى كان. المطلوب الحفاظ على “الستاتيكو” اللبناني الراهن، ولا لأي خطوة تؤدي الى إدخال لبنان في الاشتباك الإقليمي الدولي.
حتى عندما قال سعد الحريري ما قاله في سلاح “حزب الله”، لا بل الحزب نفسه، لم يكن بعض السعودية وتحديدا فريق الأمير بندر بن سلطان، بعيدا عن كل حرف ورد في خطابه الرمضاني، خاصة في ضوء النتائج السلبية لزيارة رئيس المخابرات السعودية الى العاصمة الروسية، والتي تبين أنها جرت قبل أسبوع من تاريخ الإعلان عنها (توجه اليها من برلين مباشرة قبل خمسة عشر يوما)، لكن سلطات الكرملين قررت الإعلان المتأخر عنها.
وفي خضم “لعبة الدول”، أدمن تمام سلام الانتظار في المصيطبة، وصار لسان حاله السؤال عن السقف الزمني المحتمل للبقاء عند عتبة التكليف، وأي صدمة يمكن أن تحرك المياه الراكدة من دون أن تستفز أحداً أو تحرمه فرصة التأليف الحقيقي؟
أما شريكه وليد جنبلاط، فقد أدرك أن استمرار المعادلة الراهنة يقود الى الدوران في حلقة الانتظار.. والانتظار يعني أن لا لزوم لدوره في هذه المرحلة بعدما أدى واجبه للعلى بتطيير حكومة نجيب ميقاتي والإتيان بتمام سلام رئيسا مكلفا حتى إشعار آخر.. ولذلك لا بد من رفع الصوت والتلويح بخيارات جديدة، لعل هناك من يسمع في الرياض أو الضاحية الجنوبية.
من هذه الزاوية تحديدا، قرر الزعيم الدرزي أن يلاقي حماسة ميشال سليمان للحكومة المحايدة، في مناسبة عيد الجيش، فأطلق كلاما تضامنيا مع رئيس الجمهورية، قبل أن يقرر، أمس، رفع المنسوب من خلال نص مكتوب بقلمه، والمفارقة أنه كان قد مهد له، أمس الأول، عبر “الشرق الأوسط” لكن بلسان أحد المقربين منه، غير أن أحدا لم يتلقف الأمر، فكان لا بد للمنصة الجنبلاطية من أن تطلق بعض الرشقات التحذيرية لعل هناك من يتلقفها في الداخل والخارج.
في تمام الساعة الثالثة والدقيقة الحادية عشرة من بعد ظهر أمس، عمم موقع “أنباء أونلاين” الاشتراكي رسالة نصية حول الحديث الأسبوعي لجنبلاط ورد فيها الآتي: “جنبلاط للأنباء: قد “نفطر” بخيارات جديدة في ملف الحكومة”.
أربكت الرسالة النصية أهل السياسة والإعلام، وما ان قاربت الساعة الرابعة والدقيقة 42 من عصر أمس، حتى بث الموقع نفسه رسالة نصية توضيحية تضمنت الآتي: “تصحيح ــ جنبلاط للأنباء: قد “نفكر” بخيارات جديدة في ملف الحكومة”.
كان الفارق بين العبارتين طفيفا. هو مجرد حرف واحد. حل حرف الكاف بدل الطاء، فكانت “نفكر” بدل “نفطر”.
قال جنبلاط في تصريحه إنه “عطفاً على حالة المراوحة الحكومية بعد مرور أشهر على التكليف والسعي المتواصل لتأليف حكومة وحدة وطنية أو مصلحة وطنيّة دون جدوى، فإن جبهة النضال الوطني ترى أن هذا الواقع المأزوم لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، لا سيما مع تمدد الفراغ إلى أكثر من موقع وعلى مشارف الانتخابات الرئاسية المرتقبة”، وأضاف أن “الجبهة” تدرس الخيارات الممكنة “للخروج من هذا الأفق المغلق نحو خطوات جديدة بعيداً عن نظريات المؤامرة التي تكتب عنها بعض الأقلام”.
وقد استوضحت “السفير” جنبلاط موقفه، فاكتفى بالقول “فسروه كما يحلو لكم ولغيركم. ما قلته قد قلته وهو يفسر نفسه بنفسه”.
وفيما قالت أوساط جنبلاطية لـ”السفير” إن جنبلاط لا يمانع أبدا في تشكيل حكومة حيادية، اذا كانت هي السبيل لعدم بقاء البلاد أسيرة المراوحة والشروط المضادة والتعطيل والفراغ، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”السفير” ان جنبلاط يحاول بموقفه جس نبض طرفين أساسيين، فهو يخاطب، أولا، السعوديين أن يلتفتوا اليه بعدما سرقوا منه التغيير الحكومي وفرصة الإتيان بتمام سلام من دون حصوله على الأثمان التي كان يأملها. ويخاطب، ثانيا، الرئيس نبيه بري و”حزب الله” بعدما اطمأنا كثيرا الى موقفه، الى حد أنهما أهملاه في الآونة الأخيرة وصارا يتصرفان على أساس أنه “في الجيبة” ولا يمكن أن يقدم على تشجيع سلام وميشال سليمان على حكومة محايدة لا يتمثلان فيها.
وقد كان لافتا للانتباه تلقف سلام السريع لموقف جنبلاط، فاعتبره بحسب أوساط مقربة منه، “خطوة مهمة من شأنها أن تكون عاملا مسهلا لتشكيل الحكومة”. وهذا الموضوع كان، أمس، محل بحث بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية اللذين شددا على “أهمية تضافر الجهود وتقديم التضحيات والتنازلات، من أجل حسم موضوع تشكيل حكومة تنال أكبر تأييد شعبي وسياسي”، كما جاء في المعلومات الرسمية التي عممها قصر بعبدا.
وعلمت “السفير” أن سلام أبلغ رئيس الجمهورية أن الوقت تأخر كثيرا، وأبلغه أنه يعتزم الإقدام على خطوة ما بعد عيد الفطر، “فأنا ما زلت متحمسا لصيغة الثلاث ثمانيات، أي حكومة التوازن الوطني والمصلحة الوطنية، ولكن اذا استمرت الأمور على ما هي عليه فإنني أرغب بالذهاب الى حكومة حيادية وأنا مستعد لتقديمها خلال عشرة أيام بعد العيد”.
ورد عليه رئيس الجمهورية بأنه ينصحه بالاستمرار في التشاور مع جميع الجهات وأن يستنفد خياراته قبل الإقدام “لأنه لا يمكننا الاستمرار بواقع تصريف الأعمال من دون سقف زمني، فنحن ملزمون بتأليف حكومة تملأ الفراغ وتلبي متطلبات البلد والناس، خاصة أن استمرار الفراغ لا يصب في مصلحة أحد”.
وأطلع رئيس الجمهورية سلام على نتائج زيارته السريعة الى طهران ونيته القيام بزيارة رسمية الى السعودية، وأوضح له أن كل ما أشيع عن علاقة “حزب الله” بالصواريخ التي أصابت منطقة الفياضية واليرزة “غير صحيح”، وأكد له أن الحزب لا يمكن أن يقدم على عمل كهذا، مشددا على أن التواصل بينه وبين الحزب قائم ومستمر.
في هذا السياق، اعتبر رئيس “كتلة المستقبل” فؤاد السنيورة أن الحكومة الحيادية هي الحل المنطقي للوضع الذي نعيشه. وقال لـ”السفير”: “يجب أن نتطلع اليها من زاوية أن فيها مصلحة للناس، وللبلد لكي يستطيع أن يتجاوز هذا الظرف ويخرج من المأزق الذي يعيشه، وليست مطروحة من أجل تحقيق مكاسب، بل حكومة تعمل وتحل المشكلات وليس حكومة متاريس”.
في المقابل، استبعد وزير الصحة علي حسن خليل ووزير التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال محمد فنيش ان تكتب الحياة لطرح الحكومة الحيادية، وأكد خليل ثقة الرئيس بري بالنائب جنبلاط، وقال لـ”السفير” إن رئيس المجلس مصر على إبقاء مولداته مطفأة في ضوء التفسيرات التي أعطيت لمواقفه الأخيرة. وقال فنيش لـ”السفير” ان الحكومة المحايدة “ليست حلا بل يمكن ان تعقد المشكلة أكثر”.
وقال وزير الطاقة جبران باسيل لـ”السفير” ان الحكومة الحيادية، “هي تغليف لحكومة مركبة من طرف واحد، وبالتالي مرفوضة من قبلنا كما يرفضها وضع البلد لأنها لا يمكن إلا أن تجره الى الخراب”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.