حين تتقدم الاعتبارات الإنسانية على المواقف السياسية.. لبنانيّون يهبّون لمساعدة السوريين

وكالة أنباء آسيا-

زينة أرزوني:

مرة جديدة يثبت الشعب اللبناني أنه شعب مقدام، على عكس ما حاولت وسائل اعلام كثيرة تصويره طوال فترة وجود النازحين السوريين في لبنان على انه شعب عنصري وطائفي، فها هم اللبنانيون يسبقون دولتهم في تقديم المساعدات الانسانية الى الشعب السوري بعد الزلزال المدمّر في تركيا وسوريا، حيث بادر عددٌ من الشبان إلى إطلاق حملة “إغاثة سوريا”، واستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال النداء إلى أوسع شريحة من الراغبين بالتبرع.

 

وفي غضون 48 ساعة انضمّ إليهم 100 شاب وصبية توزعوا على مراكز في بيروت والجنوب والبقاع. هي في الأصل بيوت ومحال ومكاتب وضعها أصحابها في تصرف أفراد الحملة ليحوّلوها إلى مراكز لاستقبال التبرّعات العينية وفرزها وتوضيبها.

ووصل 30 من أفراد الحملة إلى اللاذقية، مع 7 أطنانٍ من أصل 30 طناً من المساعدات المتنوعة بين مواد غذائية وأدوية ومستلزمات الإسعافات الأولية وأغطية وملابس، قدّمها لبنانيون وفلسطينيون وسوريون مقيمون في لبنان. وسيجول هؤلاء في المدينة المنكوبة لتوزيع المعونات والمساعدة في رفع الردم.

 

فمن مبادرة فردية إلى فريق متكامل يضم أطباء وممرضين ومختصين نفسيين وعمال اجتماعيين ومختصين بإدارة الكوارث، اجتمعوا تحت اسم “قافلة الشباب اللبناني حملة إغاثة سوريا”، ووضع الأطباء والمسعفون أنفسهم بتصرّف الصليب الأحمر والفرق الطبّية التي سبق ووصلت المنطقة، وبالتنسيق مع الجهات السورية الرسمية استحصل هؤلاء على أذونات دخول وتسهيلاتٍ للمبيت ثلاثة أيامٍ تقريباً من المناطق المتضررة.

 

واوضح المسؤول الاعلامي للحملة أحمد النجار، أن “هذه المبادرة الوطنية انطلقت من حس وطني بعيدا عن كل الاحزاب والافراد، وهي مبادرة فردية مستقلة هدفها انساني بحت”.

 

بدوره، اشار الناشط في الحملة إبراهيم البسط الى ان اللبنانيين ورغم ظروفهم الصعبة لم يتوانوا عن نجدة اشقائهم، جندوا أنفسهم وكرسوا وقتهم من أجل جمع المساعدات وفرزها وتوضيبها تحضيراً لتسليمها إلى محتاجيها.

 

كما تحولت منصات التواصل الاجتماعي في لبنان إلى ساحة لإطلاق الحملات وجمع التبرعات النقدية والعينية، فمبادرة فردية أخرى بدأها عدد من الأشخاص من خلال ارسال مبلغ مالي إلى صديقة لهم في سوريا لتوزّعه على المنكوبين او لتشتري لهم ما يحتاجونه، فتحولت إلى حملة باسم “معكن”، تقوم على جمع الأموال من داخل لبنان وخارجه لمساندة المتضررين السوريين، وبحسب ما يشرحه أحد مطلقي الحملة علي الرفاعي “التجاوب أكبر من المتوقع وفوق التصور، اذ أن رسائل عدة وصلتنا من عائلات أصر أطفالها على فتح حصالاتهم والتبرع بما ادخروه لأطفال سوريا، هي مبالغ صغيرة لكن رمزيتها كبيرة جداً”.

 

هذه المبادرات تُعبّر، بحسب الأستاذة الجامعية والباحثة الاجتماعية البروفيسورة وديعة الأميوني “عن نخوة الشباب اللبناني وقدرته على الفصل بين السياسة والإنسانية، فرغم مطالبة بعضهم بعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم وتحميلهم جزءًا من مسؤولية الأزمات التي يمر بها بلدهم، لاسيما الاقتصادية منها والتي تسببت بتوسع رقعة الفقر والبطالة والحرمان، إلا أنهم سارعوا لنجدة المنكوبين”.

 

ومن مدينة طرابلس التي يعاني سكانها من الفقر، تشاركت جمعية “بسمة أمل” مع جمعية “اجيال العرب” وعدد من الجمعية في المنطقة وعملوا على تأمين التبرعات التي شملت الفرش والبطانيات واجهزة التدفئة والألبسة، بحسب ما اكد رئيس جمعية “بسمة أمل”، محمود مهدي سيف.

 

مع العلم ان جميع اصحاب هذه المبادرات تُنسق مع الأجهزة الأمنية السورية لدخول القافلات وايصال المساعدات الى الشعب السوري.

 

اما على الصعيد الرسمي، فكان قد توجه فريق من الصليب الأحمر اللبناني وفوج الإطفاء والدفاع المدني ووحدة الهندسة في الجيش اللبناني، للمساعدة في عمليات الإنقاذ، حيث تواصل فرق الإغاثة سباقها مع الزمن في محاولة العثور على ناجين تحت الأنقاض.

 

مشاهد القتلى والجرحى والمفقودين والمشردين والدمار الذي خلفه الزلزال، غيرت المفاهيم السائدة في لبنان، واسكتت الاصوات المطالبة بعودة النازحين الى بلاهم، وتقدمت الاعتبارات الانسانية على المواقف السياسية الرافضة تقديم الدعم لسوريا، وبقي اعتبار واحد هو ان على العالم أجمع ان يقدم العون والمساعدة للمتضررين من الزلزال في سوريا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.