روسيا .. المسلِّح الأوّل للجيش الجزائري

صحيفة البعث السورية-

د. معن منيف سليمان:

تُعَدّ روسيا المُسلِّح الأول للجيش الجزائري، سواء في مجال الطيران الحربي أو أنظمة الصواريخ الدفاعية، حيث أضحى الجيش الجزائري يمتلك مجموعة لا يستهان بها من أقوى أنواع الأسلحة الروسية، ما يعزّز قدرات الجزائر في مجال الدفاع، ويعزّز قدرتها على مواجهة التحدّيات الأمنية والإقليمية.

تعزّزت علاقة الجزائر بروسيا في مجال الدفاع على مرّ السنين، حيث أصبحت الجزائر مشترياً مهمّاً للمعدّات العسكرية الروسية، واقتناء أسراب من الطائرات والطائرات المسيَّرة، ومنظومات إلكترونية ورادارات، حتى أصبحت روسيا شريكاً رئيسياً في توريد الأنظمة الدفاعية والعتاد العسكري للجزائر.

واستحوذت الجزائر على نظام “تور- إم2ك”، ما يزيد من قدرات الدفاع الجوي لديها، بالإضافة إلى الترسانة الكبيرة من الأنظمة الحالية، التي تشمل نظام “بانتسير- إس1” ونظام “بوك- إم2″، وعدداً كبيراً من الصواريخ “أرض- جو”.

مؤخراً وقّعت الجزائر عقداً لشراء أربع عشرة مقاتلة روسية من طراز “سو- 57” لتصبح أوّل عميل لطائرة الشبح من الجيل الخامس خارج روسيا. وتعدّ الجزائر أوّل دولة عربية تستحوذ على “سوخوي 57” التي لم تبعها روسيا بعد إلى أيّة دولة في صفقة تزيد قيمتها عن 7 مليارات دولار، ومن المتوقّع أن تبدأ روسيا عمليات التسليم بدءاً من عام 2025.

ولعلّ أبرز ما يتعلّق بالمعدّات منظومة صواريخ “اسكندر- إي” المتطورة، الذي يعدّ أقوى صاروخ باليستي تكتيكي في العالم، ولم تصدّره روسيا إلا للجزائر وأرمينيا، ذلك أن نظام “إسكندر” روسي الصنع يعدّ أحدث وأخطر سلاح في أفريقيا، كما أنه يعدّ من أحدث الأنظمة الهجومية فائقة التكنولوجيا التي اشترتها الجزائر من روسيا.

بالإضافة إلى ذلك تمّ شراء العديد من الأنظمة البحرية والبرية، بما في ذلك الصواريخ والمدافع والمروحيات القتالية والدبّابات من نوع “تي- 90″، والمدافع المضادّة للجو والغواصات الحديثة من مشروع “فارشافيانكا”، وراجمات صواريخ إلى جانب أنظمة الحروب الإلكترونية في إطار مجابهة التهديدات المحتملة لحروب الجيل الرابع، بما فيها حروب “المسيّرات”، ما أسهم في تحديث وتعزيز قدرات الجيش الجزائري الدفاعية.

وتُعَدّ روسيا من أبرز مورِّدي الأسلحة إلى الجزائر، حيث أشار تقرير لمعهد ستوكهولم للأبحاث حول السلام (SIPRI) الصادر في آذار 2023 إلى أن الجزائر تعدّ ثالث أكبر مستورد عالمي للسلاح الروسي بعد كلّ من الهند والصين، وتُعَدّ موسكو هي أول مموّل للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة العسكرية بنسبة تتجاوز 50 بالمئة من إجمالي حجم التسليح الجزائري. وتشير تقارير إلى أن الجزائر حصلت منذ عام 2002 على نحو 76 بالمئة من وارداتها التسليحية من روسيا.

إن إعلان الشراكة الاستراتيجية الذي تمّ توقيعه بين الجانبين الروسي والجزائري خلال زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى روسيا بين 13- 17 حزيران 2023، بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تلك الزيارة، تناول في جزء منها، سبل تعميق التعاون العسكري بين البلدين، من خلال تعزيز التعاون بمجال تكنولوجيا الدفاع، وتبادل خبرات الإنتاج العسكري ورفع مستوى تدريب القادة العسكريين في كلا البلدين، ولذلك نصّت وثيقة التعاون العسكري على “استخدام آلية اللجنة الحكومية الروسية الجزائرية المشتركة للتعاون العسكري التقني؛ لتعزيز التفاعل في هذا المجال على المدى الطويل”.

وفي إطار التعاون العسكري بين البلدين، فقد عمل الطرفان على تعزيز التعاون بمجال مكافحة الإرهاب، وهو الملف الذي تحرص عليه الجزائر بشدّة مع مختلف بلدان العالم، فخلال السنوات الأخيرة، كثّفت القوات المسلحة الجزائرية من عملياتها لمكافحة الأعمال الإرهابية التي تهدّد أمن واستقرار الجزائر، فضلاً عن رفض الأخيرة للإرهاب الذي يهدّد دول القارة الأفريقية، لذلك فهي حريصة على تعزيز التعاون مع موسكو بهذا المجال بشكل ينعكس ليس فقط على كلا البلدين، ولكن على مختلف بلدان القارة الأفريقية.

وبجانب هذا فإن مباحثات الرئيسين الجزائري والروسي ركّزت على التعاون المشترك بالمفاوضات المتعدّدة الأطراف بشأن اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب الكيميائي والبيولوجي في إطار مؤتمر نزع السلاح، ووضع آلية فعالة لتعزيز نظام اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية والسامّة.

وتأتي زيارة رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق الأول السعيد شنقريحة الذي وصل إلى العاصمة الروسية موسكو قبل أيام بدعوة من وزير الدفاع الروسي شويغو في إطار تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، حيث أكّد شويغو أن روسيا مهتمّة بمكانة الجزائر الرائدة في مجال أمن شمالي أفريقيا ومستعدّة للمساهمة في تعزيز القدرات القتالية للقوّات المسلّحة الجزائرية.

إن التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا يمثل عنصراً أساسياً في تحقيق الاستقرار الإقليمي ومواجهة التهديدات الأمنية المشتركة. ومن جهة أخرى، يتمحور التعاون بين البلدين في إطار علاقات ثنائية ودّية تهدف إلى تعميق التفاهم المتبادل وتبادل الخبرات في مجالات أخرى أيضاً. هذه الشراكة تعكس التزامهما المشترك بتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، وتسهم في بناء علاقات دبلوماسية قوية تعود بالنفع على الجانبين والمنطقة بأكملها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.